الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ليس بالنصر وحده!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
ليس بالنصر وحده!
ليس بالنصر وحده!
A+ A-

ليست ظاهرة فريدة ان تسترعي انتخابات نقابية اهتماما داخليا يتجاوز القطاع الذي يعنى مباشرة بها، ولكنها كذلك حين يجسد حجم الاحتفاء بنتائجها عينة متقدمة من مجتمع تعتمل فيه اندفاعات التغيير الجذري. لعلها رمية من غير رام ان تتزامن انتخابات نقابة المهندسين في بيروت مع صعود واقع سياسي مختنق بأزمة العجز عن تشريع قانون انتخاب يضع حدا حاسما لتجارب تجويف النظام الدستوري ومسخه بالفراغ او بالتمديد. وإذا كان النقيب المنتخب حظي باحتفائية واسعة توازي الاختراق الذي حصل قبل نحو سنة في الانتخابات البلدية فإن الاهم الذي تراءى لنا في هذه الواقعة هو في رمزية جوانب مختلفة تتجاوز انتخاب نقيب ذي صدقية واسعة. ثمة اولا رمزية انتخاب بفارق عشرين صوتا فقط، وهي خلاصة معركة ديموقراطية خالصة جاءت بمقياس ولا أبسط، وفق قاعدة الاكثرية نفسها. هنا تسقط فزاعات امعنت طويلا في شيطنة نظام أكثري الى حدود تسويغ الفراغ أو تقديم الذرائع للتمديد بعدما استحال التوصل الى بديل مختلط او نسبي. تكشف انتخابات المهندسين في دلالاتها "السياسية"، ان المعادلة الجادة التي لم يعد يجرؤ احد على الجهر بها ان قانون الستين نفسه كان يجب ان يبقى البديل في حالات الانسداد مهما بلغ الغلو في "ترهيب" من قانون نافذ ولو اريد للبلاد ان تقدم النموذج الأفضل الذي يفضّل معه الف مرة اجراء انتخابات في موعدها من الذهاب الى إحياء التجارب الشاذة الأشد سوءاً. واذا كان الاحتفاء ذهب في معظمه الى ما سمي "المجتمع المدني" فالواقع ان المجتمع الحزبي نفسه قدم ايضا نموذجا جيدا من خلال ركوبه موجة تغييرية ولو بحسابات سياسية. جاء نقيب "مدني" على رأس مجلس نقابة حزبي وبدفع بارز من "القوات اللبنانية" والاشتراكي والكتائب. إذاً "الحراك" المدني لا يعني شيطنة الأحزاب اذا بدلت، وهي الرسالة الأبلغ للأحزاب كما للحراك المستقل. والحال ان البلاد بلغت حدودا من الاختناق حيال انفجار الفساد والتكلس لم يكن مجلس النواب الذي يفترض انه في حال نزاع اللحظة الاخيرة قبل نهاية ولايتيه بعيدا عنها. في جلسة المناقشة الاخيرة رأينا "ابداعات" نيابية في كشف الفضائح نادرا ما عرفناها. معنى ذلك، على الطابع الساخر الذي رافق جلسة كشف الفضائح المدوية عشية تمديد ثالث محتمل، أن انفجار المفاهيم التعبيرية للناس بات أكبر من ان يحتوى بخطاب تقليدي وبسياسات متكاذبة وبازدواجية فاقعة. أخيرا ولو أغضب الامر الكثر من المحتفين، لن يكون منحى الحفاوة بالنصر كافيا وحده لحماية روح التغيير ما لم يجر تأطير تيارات تغييرية يخشى عليها من الالتحاق بسرعة بأنماط السياسيين. بين الانتخابات البلدية وانتخابات المهندسين سنة اثبتت فيها "الحركة المدنية" هذه الخشية.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم