السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"هنا بيروت"، فهل مَن يسمع؟

جمانة سلّوم حداد
A+ A-

في 13 نيسان 2017، تاريخ ذكرى الحرب الأهلية اللبنانية المشؤومة، سيقدم شبان وشابات من أحياء بيروت الشعبية أول عمل مسرحي لهم، على خشبة "مسرح المدينة". العمل عنوانه "هنا بيروت". أبطاله وبطلاته العشرون من مناطق بيروتية متنوّعة، تختلف طائفياً لكنها تتلاقى جميعها حول وجع واحد، هو أنها مهمّشة إجتماعياً، تعاني الحرمان والفقر والبطالة ومشكلات أخرى تصيب الأجيال الجديدة في الدرجة الأولى، ولا تلقى أي اهتمام يذكر من الطبقة السياسية التي تمارس غالبيتها سياسة "فرّق تسد". من هذه الأحياء نذكر الخندق الغميق وطريق الجديدة والضاحية الجنوبية وصبرا.
الهدف من جمع هؤلاء على خشبة واحدة، تقريب المسافة بينهم، وردم الهوّة المصطنعة والسلبية (هوّة الطائفة والانتماءات الحزبية)، وإزالة الأفكار المسبقة من أذهانهم بواسطة سيناريو ساهموا في كتابته وصوغه بلحمهم الحيّ، بلا مواربة، لكي يعكس يومياتهم بتفاصيلها وظلالها وندوبها وأوجه معاناتها.
المبادرة تعود الى جمعية "مارش" التي عوّدتنا أن تركّز في معظم مشاريعها على جيل الشباب، وتحديداً على كيفية تخفيف حدة النزاعات الطائفية والسياسية بينهم من طريق الثقافة والفن. الجمعية، التي تحمل لواء النضال في سبيل حرية التعبير ومجتمع لبناني أكثر تسامحاً وانفتاحاً، كانت لها تجربة سابقة مماثلة سجّلت- ولا تزال تسجّل- نجاحاً منقطع النظير، "يكبّر القلب"، بين شباب جبل محسن وباب التبانة في طرابلس. عارمٌ شعورنا بالعزاء عندما نشهد كيف يتحوّل الوضع بين الشباب "المختلفين" والمتنازعين في الظاهر، من "أنا ضدّك أنت في سبيل الزعيم والغرائز الطائفية والقبلية" الى "أنا وأنت ونحن جميعاً ضدّ كل ما ومَن يفرّق بيننا في سبيل مستقبلنا ومصلحة لبنان". الريبة من الآخر المختلف من أمضى الأسلحة التي تستخدمها السلطة لكي تسيطر على العقول والسلوكات، ولا شفاء منها بسوى مبادرات من هذا النوع تجعلنا نكتشف كم أن الآخرين هم نحن، والعكس بالعكس.
يُذكر أخيراً أن الشاعر والكاتب المسرحي يحيى جابر صاغ السيناريو وأشرف على التدريبات المسرحية، وأصر في نصّه المنتزَع من اعترافات الشابات والشبات على أن يسمّي المشكلات بأسمائها بلا خجل أو خوف. ليس هذا غريباً على شاعر ومناضل حقيقي مثله من صلب الناس، أن يفضح ويعلي الصوت بلا وجل.
في 13 نيسان، سيصرخ الشابات والشبان وجعهم على الملأ من على "مسرح المدينة". سيندهون: "هنا بيروت!"، بيروت المتألمة، بيروت المريضة، بيروت المثخنة بانقساماتها، بيروت التي لن تندمل جراحها إلا باندمال الهوة بين بناتها وأبنائها.
بيروت تنادي، فهل مَن يسمع؟


[email protected] / Twitter: @joumana333

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم