الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

إلى شهداء مصر: "وهنّي وعم يصلّو/ البكي/ نقّط ع صابيعن دمع/ صارو شمع"

المصدر: "النهار"
شربل أبي منصور
إلى شهداء مصر: "وهنّي وعم يصلّو/ البكي/ نقّط ع صابيعن دمع/ صارو شمع"
إلى شهداء مصر: "وهنّي وعم يصلّو/ البكي/ نقّط ع صابيعن دمع/ صارو شمع"
A+ A-

في أحد #الشعانين، لم تشفع ابتهالات المصلّين في كنيسة مار جرجس بطنطا وكنيسة المرقسية في الاسكندرية "هوشعنا، هوشعنا في الأعالي، مباركٌ الآتي باسم الرب" في خلاصهم، ولم تُسعفهم سَعفُ النخيل، ولم يسلموا بحملهم أغصان الزيتون.


لكن، لا بأس، حسناً، سأقول مثل باقي المؤمنين: "لقد انضموا إلى جوقة الملائكة يناجون الله: خلّصنا الآن". لا بأس، إنها درب الجلجلة، وعلينا أن نسيرها. لا بأس، نحن لا نأخذ بالسيف. لا بأس، نحن ندير الخد الأيسر. لا بأس، أن نُضطهد ونُصلب كل يوم إذ إن ملك الملوك، ربّ السماوات والأرض، اضطُّهد وصُلب فداء لشعبه وخلاصه. لا بأس، فنحن دين المحبة والنور والتسامح.



 


يا سيدي، لا أسمح لنفسي، أنا عبدك الفقير، أن أعترض، ولا أن ألعن، ولا أن أشتم. ولا أن أشكك في "حكمتك الإلهية" التي هي أكبر من أن يفهمها عقلي الصغير.


يا سيدي، أرى هذه الجموع التي استقبلتك في أورشليم ولا تزال تستقبلك شاخصةً بأبصارها إلى مجد مملكتك ونورك الأبدي ومحبتك العظمى. وأنا، يا سيدي، أقف بين هذه الجموع، ولكن وحيداً، قليل الإيمان، أحملُ "توما" في قلبي.


سيدي، أودُّ أن أعترف لك، بأنني سمعتُك حين قلتَ إنّ "مملكتك ليست من هذا العالم". وتساءلتُ في قرارتي: كيف لأحكامٍ ليست لهذا العالم أن تُطبّق فيه؟ وأليس هذا مخالفاً للعقل والمنطق؟ وألم يكن من الأجدى ألا تُحيي ألعازر، وتأخذه معك إلى مملكتك؟! لكن، عدتُ إلى رشدي، وتنبّهتُ أن جلّ ما عليّ فعله هو: "الإيمان".



(الصور عن "أ ب").


سيدي، سأكملُ اعترافي لك، وأفشي لك سرًّأ صغيرًا، من ابنٍ لأبيه: "رغبتُ هذا الصباح بعدما سمعتُ بخبر التفجير داخل الكنيسة لو أنّ العبوة انفجرت بيديّ هذا الوحش الذي وضعها. رغبتُ لو أني رأيتُه وهو يضعُها وأطلقتُ رصاصةً في رأسه. رغبتُ لو أنّ ثمّة جدارًا واقيًا حمى أجساد هؤلاء الصغار، لو أن أعجوبةً حصلت وخرجوا من النار والدخان والغبار سالمين بثيابهم البيضاء الناصعة وابتساماتهم الملائكية وشموعهم المشتعلة. رغبتُ أن أخرج النيران المشتعلة في قلبي لأحرق بها عديمي الرحمة والإنسانية هؤلاء. رغبتُ أن أكون ولو لمرّة كافرًا لا تردعني إنسانيتي. رغبتُ ورغبتُ ورغبتُ...


نعم، يا سيدي، رغبتُ في كلّ هذا ليُقبض عليّ وأُحاكم وأُصلب وأكون "ديماس" (المائت) لصّ اليمين، وأقول لك: "أذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك".
أذكر، يا رب، اليوم كل شهداء تفجير طنطا، وشهداء الحق أجمعين، في ملكوتك.وسأُصلي، مع جوزف حرب، قولته: "وهنّي وعم يصلّو/ البكي/ نقّط ع صابيعن دمع/ صارو شمع".


شعنينة مباركة.


[email protected]


 


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم