الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

التمديد للمجلس: هذه أسبابه وآليته

هدى شديد
التمديد للمجلس: هذه أسبابه وآليته
التمديد للمجلس: هذه أسبابه وآليته
A+ A-

مع أن موقف "حزب الله" بات معروفاً، وهو الذي أبلغ بالسرّ والعلن، لا يزال "التيار الوطني الحرّ" ورئيسه ينتظران منه رداً رسمياً على طرحهم المختلط، بالملاحظات التي يمكن الأخذ بها ليصبح توافقياً. ولكن مصادر مطلعة، أوضحت أن الحزب ليس لديه موقف ليبلّغه، فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون سمع منه رغبته في قانون انتخاب قائم على النسبية الكاملة، وكان هناك اتفاق مشترك على هذا المبدأ، كما سمع منه رفضه الفراغ في المجلس النيابي تحت أي عنوان. وعلم أن الوزير جبران باسيل وعد رئيس الحكومة سعد الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري بإعطاء جواب يتوقّعه ايجابياً من "حزب الله" في شأن طرحه الانتخابي المختلط قبل نهاية الاسبوع، ليبني الرئيس الحريري على اساسه موقفه عشية جلسة مجلس الوزراء التي تنعقد الاثنين للبحث في قانون الانتخاب.


رسالة "حزب الله" كانت واضحة في جلسة مساءلة الحكومة في مجلس النواب من خلال مداخلات نوابه، بتأكيد النسبية الكاملة مع مرونة في البحث في تقسيمات الدوائر من الدائرة الواحدة وصولاً الى 15 دائرة، وفق الصيغة التي كان اتفق عليها القادة المسيحيون في بكركي عندما وضع قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. وكان واضحاً أيضاً التوافق الضمني بين "حزب الله" ورئيس مجلس النواب نبيه بري على رفض مبدأ الطائفية في التصويت كما في التقسيم، وعلى أن الفراغ في المجلس يعني تلقائياً فراغاً في الحكومة كما في رئاسة الجمهورية.
الرسالة التي أراد رئيس المجلس ايصالها الى الحكومة ورئيسها، من خلال جلسة المساءلة على الهواء مباشرة، التقطها الرئيس سعد الحريري وحاول الاستجابة لها قبل انعقاد الجلسة، حتى أنه أجرى اتصالات بقوى مختلفة، مستغرباً ردّة فعل الرئيس بري، ما دام يعلم أنه لا يتخلّى عنه في محطات مصيرية، كالوقوع في الفراغ، ولا يمكنه ادارة الظهر له والاستمرار في الحكومة وكأن شيئاً لم يكن. هذه الضمانات خفّفت الاحتقان الذي سبق الجلسة، وانعكس في امتناع رئيس المجلس عن الكلام، ودوزنته الحملات النيابية على الحكومة ورئيسها. وفيما بنى النائب نقولا فتوش مطالعته الدستورية – القانونية في أحد بنودها على موقف سلبي، تردّد نقلاً عن اوساط "اللقاء الديموقراطي"، أن الجبل سيقفل بوجه الانتخابات في حال فرض القانون فرضاً بالتصويت، كان لافتاً أن الضمانات من الرئيس الحريري لم تقتصر على رئيس المجلس، بل شملت أيضاً النائب وليد جنبلاط، بحيث تعمّد النائب وائل بوفاعور نفي هذه الخطوة، بعدما كان بادر مطلع الجلسة الى التأكيد أن معالجة قانون الانتخاب تتم بالتوافق، لا بالتصويت.
وكان لافتاً أن مطالعة النائب نقولا فتوش تبنّاها رئيس المجلس قبل أن تنتهي، بمداخلة تأييد وتدعيم بوقائع وتواريخ، و"حزب الله" توّجها بالتصفيق، وبأن رفع النائب محمد رعد اصبعه في اشارة تأييد، كما بادر النائب علي عمّار الى تقبيل فتوش على رأسه في تعبير لا يحتاج الى تفسير.
وفهم من اللقاءات الجانبية التي شهدتها أروقة مجلس النواب على هامش الجلسة النيابية، أن الرئيس سعد الحريري ليس بوارد الذهاب الى مواجهة في مجلس الوزراء بالتصويت على قانون الانتخاب المختلط الى جانب "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" وادارة ظهره للطائفة الشيعية والنائب جنبلاط.
لكل ما سبق، تشير مصادر مطلعة الى أن مجلس الوزراء لن يخرج باتفاق على قانون انتخاب في جلسة الاثنين، إذ إن أياً من الصيغ المطروحة لا يشكّل التوافق المطلوب. فمختلط باسيل مرفوض من الثنائي الشيعي و"اللقاء الديموقراطي"، والقانون النسبي سيرفضه الثنائي المسيحي ومعه "اللقاء الديموقراطي"، والمختلط 64 أكثري و64 نسبي المقدّم سابقاً من الرئيس بري سيطالب "المستقبل" و"القوات" والاشتراكي بتعديله ليصبح بالصيغة التي توافق عليها الثلاثة مع مستقلي 14 آذار، ورفضه الثنائي الشيعي. ويبقى مشروع حكومة ميقاتي الذي يعتبر نسبية كاملة يرفضها الثنائي المسيحي ومعه "المستقبل". لذلك قد تنتهي الجلسة بافتراق كبير يضع البلد على حافة أزمة وطنية كبرى، لن تبقى الأمور بعدها كما قبلها. ولذلك أيضاً، تكشف المصادر المتابعة للاتصالات أن التمديد بات المخرج الوحيد، وإن كان محفوفاً بالكثير من المخاطر والمحاذير. وما زالت المشاورات جارية في محاولة يائسة للاتفاق على صيغة سلسة لتمريره. ولكن الأكيد أن الثنائي المسيحي سيعارضه، وهو يستبقه بالتهديد بلاميثاقيته، الا أن المعلومات تشير الى أن المسار الوحيد لإخراجه بأقل الاضرار الممكنة اذا لم يتم الاتفاق عليه في الحكومة، هو أن يأتي باقتراح قانون معجل مكرر من أحد النواب، وان يكون مبنياً على الاسباب الموجبة التي وضعها النائب نقولا فتوش الذي أكد رفضه أن يقدّم هذه المرة اقتراح التمديد. ووفق المسار الدستوري المرسوم لانقاذ هذا التمديد من الطعن فيه وردّه من رئيس الجمهورية، فإنه سيقرّ قبل الدخول في عطلة عيد الفصح، أي الخميس المقبل في 13 نيسان الجاري. وإذا كان النصاب القانوني سهل تأمينه، فإن النصاب المسيحي لتأمين ميثاقيته، سيقوم على النواب المسيحيين من "المردة" و"المستقبل" و"اللقاء الديموقراطي"، في حضور كتائبي، حتى وإن عارضت هذا التمديد. واذا ما ردّ رئيس الجمهورية القانون فإن النصف زائد واحد المطلوب لتمريره ثانية في المجلس، مؤمن من كتل "المستقبل" و"التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة"، و"اللقاء الديموقراطي"، والمسيحيين المستقلين و"المردة".
حتى إشعار آخر، إذا لم ينقذ رئيس الجمهورية الموقف في اللحظة الأخيرة في مجلس الوزراء بأن يتلقّف المبادرة ويجعل المخرج توافقياً في الحكومة، فإن التمديد سيسلك طريقه الوعر قبل أن يسقط المجلس في الفراغ ويأخذ معه البلد الى المجهول.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم