الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

بروكسيل... كفانا وعوداً

الدكتور غازي وزني
A+ A-

يشارك لبنان في مؤتمر بروكسيل الداعم لمستقبل سوريا حيث يطرح مقاربة إنمائية إيجابية ومشجّعة للحصول على دعم بقيمة عشرة مليارات دولار على شكل هبات وقروض من أجل احتواء أزمة النازحين السوريين. تعتبر هذه الازمة بالغة التعقيد، صعبة المعالجة، بدأت إنسانية وموقتة ثم تحولت الى لجوء ودائمة. تحمل تبعات اجتماعية ومالية اذ تؤثر على المالية العامة، وتضغط على الخدمات العامة الصحية والتربوية، وتزيد الطلب على البنية التحتية المترهلة (الكهرباء، المياه، الصرف الصحي)، وتضاعف أعداد العاطلين عن العمل من 11% الى 25% من القوى العاملة، وترفع أعداد الفقراء حوالى 170 الف شخص من 28% الى 32% من الشعب اللبناني، كما تحمل مخاطر أمنية وديموغرافية واجتماعية اذ تهدد الاستقرار الامني نتيجة انتشارهم العشوائي والمسلح، والتوازن الديموغرافي في المناطق المضيفة نتيجة تجاوز أعدادهم في بعض المناطق عدد اللبنانيين المحليين، والاستقرار الاجتماعي نتيجة احتكاكاتهم المتواصلة والمضطربة مع العائلات المضيفة.


تفيد التقارير والبيانات عن النزوح السوري بما يأتي:
- إنتشار حوالى 64.1% من النازحين السوريين في المناطق الاكثر فقرا وحرمانا في لبنان بين البقاع (35.9%) والشمال (28.2%) حيث تلامس نسبة الفقراء حوالى 51% من اجمالي الفقراء اللبنانيين.
- تجاوز أعداد النازحين السوريين المهمشين والفقراء 70% من اجمالي النازحين.
- تقدير عدد النازحين السوريين في عمر الدراسة بنحو 384 الف نازح وعدد الملحقين بالمدارس بين 140 الفا و170 الفا، ما يدفع الحكومة اللبنانية الى فتح مدارس جديدة واعتماد المناوبة الثانية...
- تقدير عدد النازحين السوريين الذين يستطيعون دخول سوق العمل بنحو 783 الفا وعدد الناشطين منهم بحوالى 450 الف شخص.
- تقدير عدد النازحين السوريين الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بحوالى 53.2%، اي اكثر من 580 الف شخص، وهم يحتاجون الى الرعاية والعناية الصحية، وعدد الولادات السنوية للنازحين بأكثر من 40 الف ولادة.
- تقدير ضغط النازحين على البنية التحتية: الكهرباء حوالى 25% من الطاقة المنتجة، أي قرابة 490 ميغاواط، النفايات الصلبة 20%، أي بزيادة 450 الف طن سنويا، إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي 15%، اي نحو 55 مليون متر مكعب في السنة.
كذلك تفيد التقارير الدولية أن حوالى 60% من النازحين السوريين يعود سبب نزوحهم الى الاشتباكات وانعدام الامـن فــي مناطقهــم، و32% لاسباب سياسية، ما يعني ان عودة النازحين السوريين الى سوريا لن تكون قريبة وهي مرتبطة بتطور الاحداث الامنية والسياسية فيها.
من هذا المنطلق يتطلب ملف النازحين السوريين مقاربة جديدة على صعيد الانماء والاستقطاب والتواجد والايواء والانتشار، مقاربة استثمارية تحرك الاقتصاد، تخلق فرص عمل، تدعم البنية التحتية (الكهرباء، الصرف الصحي، المياه، المأوى)، تساعد على الاندماج والانصهار الاجتماعي في مناطق انتشار النازحين السوريين، تبعد الخلافات بين أهالي المناطق المضيفة والنازحين، تحسّن التقديمات الاجتماعية (الصحة، التعليم). وتتضمن المقاربة التوصيات الآتية:
1- دعوة المجتمع الدولي الى زيادة حجم المساعدات للنازحين على شكل هبات، على غرار ما جرى في تركيا التي حصلت على مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار من الاتحاد الاوروبي شرط إقفال ابواب الهجرة عندها باتجاه أوروبا. ذلك ان المساعدات على شكل قروض، حتى بفوائد ميسّرة، تنعكس سلبا على المالية العامة وتزيد الدين العام.
2- إنشاء مخيمات للنازحين السوريين في الاراضي السورية تحت رعاية الامم المتحدة وتمويلها. ويتطلب هذا الخيار التنسيق بين الدولة اللبنانية والدولة السورية.
3- تقديم المجتمع الدولي مساعدات لوجستية لتستحدث السلطات اللبنانية إدارة لشؤون مخيمات النازحين السوريين على غرار ما يحدث في الاردن، تكون مرتبطة إداريا بوزارة الداخلية وتحت اشراف مديرية الامن العام.
4- تأسيس صندوق العودة (Repatriation Fund) تتولى الدول المانحة تمويله ويرمي الى تشجيع العودة الطوعية للنازحين السوريين الى وطنهم عبر إعطائهم منحا مالية تدفع مباشرة لهم لدى وصولهم الى بلدهم.
5- تأسيس صندوق تنمية بالتعاون مع المجتمع الدولي والمحلي مخصص لتمويل مشاريع إنمائية في أماكن انتشار النازحين، خصوصا في المناطق الاكثر فقرا، تنشّط الحركة الاقتصادية، وتدعم البنية التحتية والخدمات الاجتماعية.
يطلب لبنان في بروكسيل دعما ماليا لاحتواء أعباء النازحين السوريين، ولكن عليه ان يدرك انه حصل سابقا على كثير من الوعود، وجلّ ما حصل عليه في فترة 2011- 2016 مساعدات تقل عن 50% من حاجات النازحين، أي أقل من 4.5 مليارات دولار. من هنا بات واضحا ان الاقتصاد الوطني يحتاج الى أفعال وليس الى وعود.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم