الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

استغراب لتسليم واشنطن ببقاء الأسد علناً في ظل عدم تحديد سياسة خارجية أميركية بعد

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

اثارت المواقف التي اطلقتها مندوبة الولايات المتحدة لدى منظمة الامم المتحدة نيكي هيلي عن "ان اولويتنا لم تعد الجلوس والتركيز على ازاحة الاسد من السلطة" انتقادات ديبلوماسية من حلفاء واشنطن الغربيين سرعان ما تبينت في مواقف وزيري الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت والبريطاني بوريس جونسون. اذ قال الاول "اجهل ماهية الموقف الاميركي في النهاية وادعو المسؤولين في واشنطن الى توضيح موقفهم" فيما قال نظيره البريطاني "ان التركيز على التصدي لداعش هو امر جيد لكن يجب حصول انتقال لابعاد نظام الاسد الذي تسبب في عدد كبير من القتلى والدمار..". وقد لا تكون المواقف الاوروبية مؤثرة بشكل فاعل في معادلة القوى المتعلقة بالازمة السورية، الا ان هذين الموقفين استدعيا ردا من البيت الابيض ورد فيه "في ما يتعلق بالاسد يوجد واقع سياسي علينا ان نقبله في ما يخص موقفنا الان". هذا الموقف الاميركي بدا مستغربا من مصادر ديبلوماسية غربية انتقدت الموقف الاميركي انطلاقا من عوامل عدة قد يكون ابرزها عدم وجود سياسة اميركية ازاء سوريا بعد مع الادارة الجديدة وتاليا فان السؤال هو كيف يمكن ادارة ان تتخذ موقفا من هذا النوع وتسلم بورقة او باعلان ورقة يمكن ان تستخدمها من اجل ما يمكن تحصيله في المقابل على اي صعيد كان من روسيا او سواها؟. وما هو العامل الاضطراري الذي يدعو الى التسليم علنا بهذه الورقة وما هو تأثيرها بالنسبة الى الاستعدادات لاستعادة الرقة من تنظيم الدولة الاسلامية؟. اذ ان بقاء الاسد مرحليا هو امر واقع سلم به الجميع ضمنا في انتظار انخراط الولايات المتحدة في سياسة واضحة ازاء سوريا والمنطقة بحيث لم يكن من داع لاعلان هذا الموقف في هذا التوقيت. فالديبلوماسيون المهتمون والمعنيون مباشرة بالشأن السوري يجزمون بان لا سياسة اميركية حتى الان ازاء سوريا وكذلك الامر بالنسبة الى سائر المتصلين باركان هذه الادارة. والموقف الاميركي لقي انتقادا من باب انه اعطى اوراقا مهمة للرئيس الاسد من حيث الاستمرار في رفض الانتقال السياسي في اي مفاوضات تجري في جنيف واعطائه دفعا قويا اما للمضي في عمليات عسكرية من اجل اعادة اخضاع المعارضين السوريين لشروطه انطلاقا من انه سبقت مفاوضات جنيف الاخيرة عمليات عسكرية للمعارضة قرب دمشق سمحت لها بتوجيه رسالة للنظام وداعميه باستمرار وجود القدرة على تحقيق مكاسب ميدانية ما عزز موقعها في المفاوضات. في حين ان موقف الولايات المتحدة يفضي الى غض النظر عن عمليات عسكرية من اجل تطويع المعارضة وتحجيمها من اجل تحجيم مطالبها بالانتقال السياسي وفق جنيف واحد. يسري ذلك على ما تعتبره المصادر نفسها تخبطا في الموقف الاميركي من المناطق الامنة التي تجزم هذه المصادر باستحالة اقامتها ما لم تعن انخراطا اميركيا اكبر.


والامر مستغرب في شأن الاسد مقدار ما يعبر عن تسليم مسبق اقله علنيا بمطلب ليس روسيا فقط في شأن الرئيس السوري بل بتمسك ايراني مطلق ببقاء الرئيس السوري في الوقت الذي تنطلق الولايات المتحدة في الموضوع السوري من موقع متقدم في غير مصلحة حلفائها وموقفها في الادارة السابقة علما انها لم تحدد سياستها ازاء سوريا. وينسحب الامر ايضا على رغبة الادارة الاميركية وفق ما اعلنت بالتصدي لايران في طموحاتها في المنطقة فيما تسلم لها مسبقا بورقة مهمة تعزز نفوذها في سوريا ولا تقوضه انطلاقا من ان بقاء الاسد اكان رئيسا فعليا او رئيسا خاضعا للنفوذ الايراني او الروسي هو ابرز المكاسب لايران في سوريا من بين مكاسب اخرى. فهذه عناوين حددتها الادارة الاميركية الجديدة حتى الان فيما ترجمتها متناقضة مما يترك الحلفاء في موقع صعب ازاء تحديد او تبني سياسة جديدة في غياب الاسس الواضحة لذلك وكذلك غياب الاهداف.
ترد المصادر الديبلوماسية المعنية اسباب ذلك الى استمرار تخبط الادارة الاميركية فعليا وتستشهد على ذلك بالارباك في مواقف وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي لا تلحظ المصادر اي تأثير لحضوره بعد او لوزارة الخارجية الاميركية ككل في صوغ اي رؤية واضحة في مقابل عدم الرغبة في خوض معارك فعلية ضد روسيا التي ترغب في ابقاء الاسد في موقعه الى جانب اقتناع حلفاء لاميركا كتركيا مثلا ومصر ايضا على رغم تباعدهما والتوتر القائم بينهما ببقاء الاسد في موقعه تحت وطأة العمل من اجل ان تشكل حكومة تضم المعارضة وتعطيها حصصا تشارك فيها في الحكم بما يحد من صلاحيات الاسد وسيطرته على مفاتيح السلطة في سوريا. وهو ما يجري العمل عليه بقوة من روسيا منذ بعض الوقت لجهة دفع التفاوض في اتجاه مدى خضوع المؤسسات لا سيما الامنية منها الى سلطة الاسد وما هي حدود سلطته الفعلية على رغم الاقتناع بان العمل وفق هذا المنطق لا يعني ان حل الازمة السورية بدا واضحا حتى الان علما ان ديبلوماسيين يقولون ان هذه الطريق قد تكون بداية الحل مع الاعتراف بان جميع الضالعين او المنخرطين في الحرب السورية قد انهكوا ما يؤشر الى جدية امكان البحث عن حلول على رغم ان المفاوضات في جنيف ليست بالجدية التي تسمح بالقول انها تقود الطريق الى ذلك خصوصا في ظل غياب اتفاق اميركي روسي حتى الان. انما يترافق ذلك مع الاقرار بان هذه البداية لا تعني اطلاقا ان الحل محتمل قبل بضع سنوات بمتغيرات كثيرة ايضا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم