الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

خطة الكهرباء مكسب إضافي لأجندة الحكم على وقع تعثر "طويل" لقانون الانتخاب

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

يتفق أكثر من طرف سياسي على اعتبار إقرار مجلس الوزراء بسرعة قياسية خطة الكهرباء من دون أي معارضة، نصرا مبينا لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون لجهة قدرته على فرض الخطة التي أعلنها تياره قبل سنوات ولقيت معارضة شديدة في حينها، على قاعدة أن موافقة جميع الأفرقاء راهنا على خطة رفضها بعض هؤلاء الافرقاء من قبل انما تضعهم في موقع من عرقل إعادة تأمين الكهرباء الى اللبنانيين على أساس الخطة التي يريدها. وهذا يسجل سياسيا لمصلحته، ما دام الأفرقاء السياسيون وافقوا بحكم التوافق السياسي راهنا على خطة الكهرباء بعناوينها الكبرى، بغض النظر عن ملاحظاتها الكبيرة عليها سابقا على الاقل. وهذا ليس بقليل على رغم انه في ضوء الاتهامات التي سيقت في هذا الاطار من جانب تياره قبل اعوام في حق خصومه الذين عارضوا خطته للكهرباء، ساهم الاختلاف مع الآخرين في عرقلة مصالح الناس، في حين أن التوافق السياسي راهنا اما يسمح بغض النظر عن الاتهامات السابقة وإما يتم غض النظر عن ممارسات سابقة حصلت اتهامات في شأنها. والنصر المبين انما يسجل له، خصوصا انه لم يفت أفرقاء سياسيين كثرا ملاحظة إطلالة رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية جبران باسيل باكرا قبل ظهر الثلثاء المنصرم وغداة اقرار الموازنة مساء من اجل ما يعتبره السياسيون قطف ثمار خفض الضرائب شعبيا وسياسيا. وقدرة الرئيس عون على فرض اجندته في موضوع الكهرباء بعد فرض اجندته بالتعيينات الامنية وما يعنيه ذلك وفي السياسة ايضا حيث يبذل تياره جهودا لصياغة القانون الانتخابي الذي يناسبه، بما يشكل مؤشرا لافتا خصوصا في ضوء استعداده لفرض اجندته على الصعيد الاقتصادي ايضا، وهو كان اعلن الاسبوع الماضي وجود خطة اقتصادية لديه سيعلنها قريبا. الا ان البعض يخشى الا يكتمل هذا المشهد الذي يفتح على تساؤلات كبيرة. وعدم اكتماله ترجم على نحو مبكر في موضوع الاصطدام مع "حزب الله" الذي هو حليفه، كما مع الرئيس نبيه بري في موضوع قانون الانتخاب قبل الاصطدام مع الافرقاء الآخرين، على غرار ما برز لبعض الوقت مع النائب وليد جنبلاط الذي أثبت بمرونة تعامله مع الموضوع وتقديمه اقتراحات تنقل الكرة من ملعبه حول تمسكه بالستين، الى ملعب الآخرين حيث ظهر الخلاف الحقيقي، فيما استطاع الافادة بقوة من حركة ناشطة اعادت تسليط الضوء على موقعه الاساسي الذي لا يمكن تجاوزه، وحفزت دعما قويا له في الجبل وليس فقط لدى ابناء الطائفة الدرزية، بل ايضا لدى المسيحيين الذي يثمنون طبيعة العيش القائم في الجبل. وفي الخلاف مع الحزب بدا انه لن يكون ممكنا ان يوافق الاخير على اتاحة المجال امام حصرية التمثيل المسيحي للفريقين المسيحيين الاساسيين راهنا، حتى لو كان "التيار الوطني" حليفه، ولا بالثلث المعطل في المجلس النيابي لان لا ضمانات بالنسبة اليه اين يمكن ان يذهب المسيحيون بعد ذلك، كما لا يعتقد ان اعادة عقارب الساعة الى الوراء ممكنة الى هذا الحد. لذلك، وعلى رغم كل الكلام على مواعيد وشيكة لقانون انتخابي قريب، لا قانون انتخاب في المدى المنظور. اذ ان مهلة منتصف نيسان تقترب والسيناريو المرتقب هو ان تتم الدعوة الى جلسة عامة للتمديد لمجلس النواب، ومن المتوقع ان يرفض رئيس الجمهورية توقيع مرسوم التمديد ويستنفد المهل المتاحة امام ذلك حتى باستغلال صلاحية دستورية تفيد بوقف اعمال مجلس النواب لشهر، بما يؤدي الى انقضاء العقد العادي للمجلس في ظل رفضه المتوقع توقيع مرسوم فتح دورة استثنائية للمجلس. ومع ان ثمة مصادر سياسية مؤثرة وفاعلة تؤكد ان لا فراغ محتملا في المجلس لان لدى الرئيس بري الفتوى المناسبة ولا شيء اسمه فراغ في السلطة التشريعية وثمة من يعيد الى الذاكرة تجربة الرئيس عون حين كان رئيسا للحكومة العسكرية وحل مجلس النواب، لكن هذا المجلس عاد فانتخب رئيسا للجمهورية، كما ان المجلس الحالي انتخبه هو رئيسا حتى مع اعتباره لاعوام عدة المجلس غير شرعي، فان الجدل حول استمرار المجلس وشرعيته وفق ما هو متوقع لن يعوق استمراره. ويعود ذلك لسبب جوهري هو ان التوصل الى قانون انتخاب جديد في اي وقت انما يحتاج الى وجود مجلس نيابي لاقراره تحت طائل العودة الى العمل بقانون الستين. اما موضوع حتمية عدم الوصول قريبا الى قانون جديد فمبني على معطيات تفيد بعدم وجود مصلحة لدى بعض الافرقاء في حصول انتخابات حاليا، وقد يكون الرئيس الحريري في مقدمهم على ذمة السياسيين أصحاب هذه المعطيات.


في الشق الآخر الذي يثيره اندفاع الرئيس عون الى تحقيق اجندته على الصعد السياسية والامنية والاقتصادية، والذي لا يقع في موقع الاستهجان انطلاقا من ان ايا كان في موقعه سيعمل على تنفيذ ما يريده، ثمة تساؤلات عن تغييب الرئيس الحريري لنفسه كرئيس للحكومة، خصوصا على الصعيد الاقتصادي، انطلاقا من ان التوافق السياسي يفترض ان يتيح وجود رؤى متعددة يتفق على بلورة خلاصاتها على الاقل. وهذا التغييب تتناقض الرؤية اليه، علما ان معطيات تفيد بارتياح كلي من الرئيس عون و"حزب الله" للتعامل معه على الاساس الذي يتم ارساؤه راهنا، في الوقت الذي يثير هذا التغييب الطوعي انزعاجا كبيرا مكبوتا لدى افرقاء لا يرون ان التوافق السياسي يحتم اثمانا باهظة الى هذا الحد.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم