الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

والدة أحمد أمهز تطالب الرئيس عون بالعفو... وهكذا ردّ القصر الجمهوري

المصدر: "النهار"
علي عواضة
علي عواضة
والدة أحمد أمهز تطالب الرئيس عون بالعفو... وهكذا ردّ القصر الجمهوري
والدة أحمد أمهز تطالب الرئيس عون بالعفو... وهكذا ردّ القصر الجمهوري
A+ A-

تحوّل اعتقال الناشط أحمد أمهز الى قضية رأي، خصوصاً بعدما طالبت جمعيات حقوقية عدة، ومنها "هيومن رايتس ووتش" بالإفراج الفوري عنه وعدم محاكمته بالتهم الموجهة اليه بتحقير الرؤساء الثلاثة، بينما يرى البعض انه لا يمكن التطاول على مقام رئاسة الجمهورية بهذه الطريقة "المشينة"، ولا يمكن التبرير لكل عملية قدح وذم، بحجة تعليق غاضب.
لم يكن يدرك أحمد عند كتابته منشوره في صفحته الخاصة بـ"فايسبوك" أنه سيقبع بسببها لأكثر من أسبوع في السجن وقد تصل العقوبة من 6 أشهر الى سنتين، ولم يدرك حينها أن والدته التي صرخ من أجلها ستعاود الصرخة نفسها للمطالبة بحريته وتذرف الدموع من اجله.
دوافع تصرف أحمد قد يبررها البعض، فهو شاب عاطل عن العمل في جمهورية الغاب حسب تعبيره، ووالده مسن، يحتاج من يعينه، وحين عبّر عن غضبه على دولته بسبب نوبة قلبية اصابت والدته ولم يتمكن من ادخالها المستشفى، كما جاء في رواية العائلة، فمن المنطقي ان يتصرف بغضب ويرفع الصوت عالياً في وجه دولته.
اعتبرت والدة احمد ان ابنها لم يرتكب جرماً، ليُعامل بهذه الطريقة، فهو عبّر عن رأيه ولكن بطريقة غاضبة، ورغم كل ما قيل عنه او الاعتراضات على طريقة تعبيره، فهي "فخورة" به وتصفه بـ"المعتقل المظلوم".
وبمشاعر ممزوجة بين الهدوء والغضب، تتساءل كيف يمكن لتعليق غاضب على "فايسبوك" أن يضع ابنها خلف القضبان، بينما "آلاف اللصوص خارجه".



والدة أحمد
بحرقة قلب، طالبت والدة أحمد في اتصال مع "النهار"، رئيس الجمهورية بـ"التدخل الفوري لرفع المظلومية عن ابنها، فهو الرئيس والأب الروحي للجميع، وبالطبع لن يقبل بأن يحاكم ولد من اولاده فقط لأنه كان غاضباً ومنفعلاً". وتقول ان أحمد "أحيل الى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية للتحقيق معه، ومن ثم أحيل الى قاضي التحقيق في بعبدا، ولا نزال أمام قصر العدل ننتظر الفرج او أقله ان يبلغ أحدهم رئيس الجمهورية بالقضية للتدخل الفوري... فولدي لم يقتل او يسرق".
أماعطية امهز، شقيقة احمد، فاكدت أنها فخورة بما قام به شقيقها، معتبرة ان "كل ما قام به أحمد هو اعتراض على "فايسبوك" وحذفه لاحقاً". وأكدت ان "اصدقاء احمد وافراد من المنظمات الحقوقية سيبقون امام قصر العدل للإفراج عنه".


القصر الجمهوري
صرخة عائلة الشاب وصلت الى القصر الجمهوري، الا ان مدير المكتب الاعلامي في قصر بعبدا رفيق شلالا اعتبر في اتصال مع "النهار" أن الرئيس عون "لا يريد الادعاء على احد بل ان القضاء هو من تحرك وقرر توقيف الشاب، وبالطبع الرئيس عون لا يتدخل بالقضاء ولن يتدخل".
وتؤكد مصادر الرئاسة ان الرئيس ليس في موقع الادعاء على أي شخص يتناوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي.



وكيل أمهز
من جهته، أكد وكيل أمهز، المحامي واصف حركة، في حديثه لـ "النهار" بأنه "سيطلب تخلية سبيل موكله الى حين البت بمحاكمته، وسيعاود تكرار الطلب بعدما أصدر قاضي التحقيق في بعبدا، بيار فرنسيس، مذكرة توقيف وجاهية، تتهم أمهز بتحقير رئيس الجمهورية وكل من رئيسي مجلس النواب والحكومة، عبر منشور غاضب على وضع والدته الصحي، فتحركت الأجهزة الأمنية واعتقلته، في حين ان تصريحاً للوزير علي حسن خليل يتحدث عن رشوة عرضت من المصارف على الدولة يبقى من دون تحرك". تابع الحركة: "في المقابل يعاقب شاب قام بالتعبير عن رأيه بحسب المواد 383 الى 386 من قانون العقوبات، وتجيز المادة 384 بالسجن من 6 أشهر إلى سنتين بتهمة تحقير رئيس الجمهورية".
وترى مصادر قانونية ضرورة "الافراج فوراً عن أمهز وكتابة تعهد بعدم التعرض مجدداً بمثل هذه الالفاظ، ولكن في الوقت نفسه قد تحاول الدولة عبر هذه القضية ترهيب الناشطين في الحراك الشعبي لعدم التعرض لاحقاً لأي مقام او وزير، رافضين في الوقت نفسه مطالب الجمعيات الحقوقية بالعمل لإلغاء المادة ٣٨٤ والمتعلقة بتحقير رئاسة الجمهورية، والتي تمتد عقوبتها من ٦ أشهر إلى سنتين، معتبرين بأن موقع رئاسة الجمهورية، خاصة في الوقت الحالي له مكانة خاصة".


قدح وذم
وحول تعريف القدح والذم والتحقير، أشار المحامي سعيد نجدي إلى أن "الذم هو إسناد مادة معينة إلى شخص ولو في معرض الشك والاستفهام، من شأنها أن تنال من شرفه وكرامته أو تعرضه إلى بغض الناس واحتقارهم سواء أكانت تلك المادة جريمة تستلزم العقاب أم لا ". أما القدح فقد عرفته المادة 2/188 من قانون العقوبات بأنه: "الاعتداء على كرامة الغير أو شرفه أو اعتباره – ولو في معرض الشك والاستفهام – من دون بيان مادة معينة". بينما التحقير هو كل تحقير أو سباب - غير الذم والقدح - يوجه إلى المعتدى عليه وجهاً لوجه بالكلام أو الحركات أو بكتابة أو رسم لم يجعلا علنيين أو بمخابرة برقية أو هاتفية بمعاملة غليظة. المادة 190 من قانون العقوبات .
وعن قضية احمد امهز، اعتبر نجدي انه "في حال تعرض شخص رئيس الجمهورية للهجوم يمكن للنيابة العامة ان تتحرك بدون تقديم شكوى من المتضرر، أما في القضايا العادية، فتحيل النيابة العامة الشكوى على مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، فيستدعى المدعى عليه للتحقيق معه، إما يتم توقيفه أو تخلية سبيله بسند اقامة، ليحال بعدها الملف على النيابة العامة".


 "ليست الأولى"


قضية أمهز ليست الأولى من نوعها، فالطبيب أحمد شومان سبق أن "تم اعتقاله في مطار رفيق الحريري الدولي بسبب انتقاده للرئيس السابق ميشال سليمان في عام 2010، ورغم انه كان خارج البلاد فقد أوقف في المطار، واشار نجدي الى ان المحامية كانت تتابع القضية في لبنان واستدعي للمحاكمة وتم التحقيق معه من الأمن العام وفرع المعلومات قبل ان يوضع في السجن لمدة 8 ايام وتم رفض كل طلبات المحامية لتخليته، لينتهي الأمر بتسوية سياسية بعدما اصبح الأمر قضية رأي عام. بينما لم تسعف التسوية السياسية الناشط جان عاصي فحكمت عليه محكمة المطبوعات بالسجن شهرين بتهمة القدح والذم، ما دفعه الى توجيه كتاب اعتذار للرئيس.
قد تكون صرخة احمد صرخة شاب آلمه مشهد والدته وعبّر بطريقة منفعلة وخاطئة على صفحته، ولكن ردة فعل الاجهزة الامنية تفتح العديد من الاسئلة حول طول فترة سجن أحمد، ولماذا الاصرار على سجنه حالياً بدل الانفتاح على تسوية، لا سيما انه حذف المنشور. وتبقى اشكاليات مفتوحة متعقلة في القضية، لا سيما تلك التي تسأل عن سبب الاستنسابية في المحاسبة حين تغصّ مواقع التواصل بقدح وذم بحق جميع المسؤولين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم