الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

الناس الأوادم ماذا يريدون من دولتهم؟

عقل العويط
عقل العويط
الناس الأوادم ماذا يريدون من دولتهم؟
الناس الأوادم ماذا يريدون من دولتهم؟
A+ A-

سأفترض أن في مقدوري أن أتسلّل إلى عقول الناس الأوادم، وأن أنقل هواجسهم، وأن أجسّد أفكارهم وأحلامهم، وأن أضع قلمي في خدمتهم، ليكونوا هم الذين يعبّرون، ويكتبون. فماذا كانوا ليطلبوا من الحكم، مجسّداً في السلطتين التشريعية والتنفيذية؟


لا أعتقد أنهم كانوا ليرفعوا مطالب تعجيزية. جلّ ما يريدونه، أن يعيشوا بكرامة مزدوجة المعنى، مادية ومعنوية.
أما الكرامة المادية، فتتبلور عندهم، وتتحقق، بلقمة الخبز. لكن اللقمة غير متوافرة. إذ دونها مشقّات. فالراتب – هذا إذا كان ثمّة وظيفة أو عمل - لا يكفي لسدّ الحاجات الضرورية، ولدفع الفواتير المترتبة، فضلاً عن الضرائب التي تنوء بها الجبال الصامدات فكيف بالأكتاف الرازحة تحت الأعباء! لا أحد من الناس الأوادم، وخصوصاً أهل الطبقتين الفقيرة والمتوسطة (هذه الأخيرة ألا تزال موجودة؟!) يستطيع تسديد موجبات الكهرباء والماء والنقل والصحة والدواء والمستشفى والتعليم والتقاعد. لا أحد من هؤلاء يستطيع الاطمئنان إلى لقمة العيش هذه. فكيف يكون عيشه كريماً، وكيف تكون كرامته المادية متحققة؟!
أما الكرامة المعنوية، فحدِّث. أبدأ بموضوع "المواطن". فاللبناني لا يمكنه أن يكون مواطناً، لأن الدولة تعامله باعتباره منضوياً في طائفة، أو مذهب، أو قبيلة، أو حزب، أو تيّار. والحال هذه، لا يتمتع بكرامة المواطَنَة.
ثمّ هو ليس حرّاً. مخطئٌ مَن يتبجّح أنه حرٌّ في قانون انتخابي على قياس الطوائف و"أربابها"، لأن وجوده الفاعل لا يتجسد بالمواطَنَة المدنية، بل بالانتماء القسري المسبق إلى "جماعة". إنه ينتخب بصفته معلّقاً بـ"رَسَن"، لا بصفته "فرداً". تالياً، هو ليس حرّاً في الاقتراع، لأنه لا يستطيع أن ينتخب كـ"مواطن". فكيف يكون صاحب كرامة معنوية؟!
ثمّ هو لا ينتمي إلى دولة ذات سيادة. هاكم مثلاً "متواضعاً" جداً: القسم الأكبر من الحدود اللبنانية البرّية، سائب وغير مرسَّم. فكيف يكون المواطن صاحب كرامة وطنية؟! هاكم مثلاً ثانياً، "متواضعاً" جداً هو الآخر: ثمّة في لبنان جيشان، ودولتان: الجيش اللبناني والدولة اللبنانية، وجيش "حزب الله" ودولته. انتبِهوا جيداً؛ أنا "مواطن" يشهر عداءه للكيان الصهيوني الغاصب، ويؤيد كلّ عمل عسكري لبناني - "دولتي"، يدافع عن سيادة لبنان وكرامته. فلا يخطرنّ في بال أحد أن يزايد في هذا الشأن. وعليه، كيف تكون الكرامة المعنوية محفوظة لهذا المواطن، إذا كانت كرامة دولته غير محفوظة؟!
أضع هذه المطالب - الهواجس في تصرّف الحكم، باسم "مواطنيَّ" الأعزّاء، لأني وإياهم نريد أن نكون أصحاب كرامة. الناس الأوادم لا يريدون أن يهشل أولادهم من الوطن، أيها الحكّام!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم