الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"شريف" باكستان عواطفه سعوديّة... وعقله؟

سركيس نعوم
سركيس نعوم
"شريف" باكستان عواطفه سعوديّة... وعقله؟
"شريف" باكستان عواطفه سعوديّة... وعقله؟
A+ A-

كشفت المتابعة الدقيقة لباكستان السياسيّة والعسكريّة إضافة إلى ما تضمّنه في "الموقف هذا النهار" يوم السبت الماضي، استناداً إلى الباحث الآسيوي الجدّي والنشيط نفسه، أنها دعّمت موقعها خلال السنوات الماضية بمهمّات عسكريّة في 22 دولة، وبالتحوُّل المُصدّر الأوّل في العالم لـ"العديد" العسكري. وهي توفّر حالياً التدريب للقوّات المُسلّحة في دول خليجيّة مختلفة وآلاف من عسكرها يخدمون ببدلات عسكريّة نظاميّة خليجية. ويشمل ذلك وجود كتائب عسكريّة باكستانيّة شاملة في القوّات المُسلّحة السعوديّة. وتاريخيّاً تمركزت أكبر فرقة عسكرية باكستانيّة من 20 ألف جندي وضابط عام 1970 في المثلّث الحدودي أي حيث تلتقي حدود السعوديّة والأردن وإسرائيل. كما فُصِلَت وحدات عسكريّة كثيرة إلى المملكة بعدما هاجمت مجموعة من المقاتلين المتديّنين المسجد الكبير في مكّة المكرّمة عام 1979. وبحلول منتصف ثمانينات القرن الماضي نُقلت وحدات عسكرية باكستانيّة إلى المنطقة الشرقيّة في السعوديّة حيث حقول النفط، ذات الغالبيّة الشيعيّة. كما تمركزت وحدات من السلاح الجوّي الباكستاني على الشاطئ الشمالي للخليج لحماية الحقول المُشار إليها من آثار الحرب العراقيّة – الإيرانيّة. علماً أن مزيداً من الوحدات الباكستانيّة فُصلت عام 1990 إلى المملكة، بحجّة حماية المدن المقدّسة في السعوديّة. واعتبر ذلك في حينه مناورة من رئيس الوزراء نواز شريف تهدف إلى انضمام بلاده وإن على نحو غير مباشر في التحالف العسكري الذي كانت تقوده أميركا في ذلك الوقت، والذي أقامته من أجل طرد الجيش العراقي الذي احتل الكويت بأوامر من الرئيس (الراحل) صدام حسين. والمُثير للسخرية أن نواز شريف نفسه ومن موقعه في رئاسة الحكومة وبعد 25 سنة يُناور مرّة أخرى أو يبدو كأنّه يُناور. والمناورة هذه المرّة مع مجلس النواب الباكستاني الذي رفض عام 2015 اشتراك قوّات عسكريّة من بلاده في حرب اليمن بطلب من المملكة رغم كون باكستان أكبر مستفيدة في العالم من سخائها ومعتمدةً في الوقت نفسه على التحويلات الماليّة لأبنائها العاملين فيها. والمُثير للسخرية أيضاً أن إرادة شريف عام 2015 الاستجابة للطلب السعودي وُوجهت بمعارضة من قادة الفرق العسكريّة وفي مقدّمهم من أصبح رئيس الأركان الحالي الجنرال قمر جافد بجوا. علماً أن سلفه في هذا الموقع الجنرال شريف أظهر ميلاً إلى التجاوب مع المملكة. والمعلومات المتوافرة على هذا الصعيد تشير إلى أن "حرب اليمن" نوقشت بحماس وحماوة داخل المؤسّسة العسكريّة. "وبدا من خلالها أن غالبيّة قادتها خشيت أن يتسبّب تدخّلها في اليمن إلى جانب السعوديّة المتورّطة بحرب بالوكالة مع إيران فيها بإثارة المذهبيّة داخلها". وهذا ما قاله عبدالله غل نجل زعيم حزب إسلامي في المنطقة هو حميد غل معروف بعلاقاته الوثيقة بقيادات الجيش الباكستاني. لكن هذه المخاوف تراجعت مع ميل باكستان الآن إلى إرسال لواء من جيشها إلى مناطق على الحدود السعوديّة – اليمنيّة لحمايتها من اختراق محتمل ناجح للحوثيّين المُعادين للمملكة كما للمجموعات "الجهاديّة". ولا يشكّل ذلك انتهاكاً لرفض برلمان باكستان الإشتراك عسكريّاً إلى جانب السعوديّة في حرب اليمن. هل تستفيد باكستان من تعيين أحد كبار العسكريّين المتقاعدين الجنرال رحيل شريف قائداً لأكبر تجمّع (تحالف) عسكري مُسلم في العالم أسّسته السعوديّة من أجل حرب اليمن واستطراداً الحرب على الارهاب؟ وماذا ستضيف نووية باكستان وقدراتها العسكريّة إلى هذا التجمّع؟
الباحث الآسيوي يجيب أن تعيين شريف سيزوّد "التجمّع" العسكري صدقية يحتاج إليها. لكنّه يهدّد بوضع باكستان وعلى نحو غير مسبوق في المواجهة التي تقودها السعوديّة مع إيران، والتي يضعها الزعماء السياسيّون والدينيّون فيها كما حلفاؤها في إطار جيوسياسي وأيضاً في إطار مذهبي. وقد حذّر بعض هؤلاء الحكومة بالإشارة إلى أن تعيين شريف قائداً لقوّة مسلمة تقوده المملكة سيُنهي قدرة باكستان على السير على خيط رفيع بين الأخيرة وإيران. وباكستان تجاور إيران وهي موطن لأكبر أقليّة شيعيّة في العالم. طبعاً قد تحاول باكستان من خلال قبول قيادة "التجمّع" ترتيب علاقة الرياض وطهران أو جعل إيران عضواً فيه. لكن المملكة ترفض ذلك قطعاً وخصوصاً في ظل مناقشة برلمان باكستان إقامة علاقة تعاون سياسي وعسكري وثيقة مع إيران. وربما كان ترحيل المملكة أخيراً 39 ألف باكستاني عاملين فيها إلى بلادهم لاتهامهم بمساندة الارهاب إشارة إلى الرفض المذكور.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم