الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لم يبرهنوا أنّهم يريدون!

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

كثيراً ما يُطرح سؤال، فحواه متى حَكَم لبنان نفسه بنفسه، ومتى كان كما يُكتب ويُعلن عَبْر الخطباء حرّاً سيّداً مستقلّاً، وكثيراً ما تتولَّى أزمات الساعة وتعقيداتها الإجابة بما معناه أنه لا حَكَم حقّاً ولا استقلَّ فعلاً.


وجودي الباكر في ساحات السياسة وصالوناتها ومراكزها، ومع مراجعها ورجالاتها، منحني الوقت للاطلاع على أدقِّ التفاصيل، وجوهر الواقع اللبناني، وأبعاد الصيغة والنظام.
من الصعب، وربما من المستحيل، أن يكون وطن بحجم لبنان وتعدّديته وموقعه والحزام الذي يحيط به قادراً على "التحلّي" باستقلال كامل، وحريَّة تامّة، وسيادة ناجزة.
منذ دخلت عالم الصحافة، وعالم السياسة، وعالم التكوين اللبناني، أدركت أن هذا المزيج الفريد سيظلَّ معرَّضاً للهزَّات والأزمات والتعقيدات. إن لم يكن من تركيبة الداخل، فمن قوّة الخارج وحزام الدول المحيطة به، كما الدول التي مرَّت به، أو تلك التي يريحها أن تبسط نفوذها عليه... ولأسباب لا تحتاج إلى شرح يطول. لذا لم يعد من المفاجئ أن يكون ثمّة "حدَيْدان" غير لبناني في الميدان اللبناني يتولَّى مقام المايسترو، دائم الحضور في كل شاردة وواردة.
يعلم القاصي والداني أنَّ لبناننا بلدٌ صغير يضمُّ في مساحته المتواضعة ثماني عشرة طائفة. وبعد مسلسل الحروب، ومسلسل الهزّات، ومسلسل الفراغات التي يبدو أنها ليست سوى مقدَّمة مدروسة لما هو أعظم وأشدُّ هَوْلاً، بات واضِحاً جليّاً أن صيغة "الوطن الرسالة" مهدَّدة ومُستهدفة. إنّما على مهلك عَ الدقّة ونص...
قُدِّر لي أن أقترب من عدد من الرؤساء والوزراء والنواب، كما ساعدتني المصادفات والظروف في الوصول إلى أدلَّة ساطعة بعدم قدرة لبنان، أو بعدم السماح له أن يحكم حاله بحاله.
ما كاد "طيف" الاحتلال العثماني يغيب حتى أطلَّت وصاية الدول السبع، ثم الانتداب الفرنسي المباشر الذي طيَّرته غيرة الانتداب البريطاني غير المباشر... والذي بدأ مع أوّل رئيس لجمهوريّة الاستقلال الشيخ بشارة الخوري وطار مع الرئيس كميل شمعون بطبل وزمر وأسطول أميركي ملأ الساحل الغربي. وملأ، بالاتفاق مع الرئيس جمال عبد الناصر، كرسي الرئاسة بالأمير اللواء فؤاد شهاب.
إلى أن كانت بندقية ياسر عرفات وبحور الحرب السبعة. ثم الاحتلال الاسرائيلي وما سبقه وما تبعه، وما افتعلت هذه الحروب والغزوات، حتّى مهَّدت السبل والطرق أمام الوصاية السوريَّة التي تربَّعت على عرش السلطة اللبنانيّة، وفي كل صغيرة وكبيرة...
وبعد انسحاب الوصاية حلّ "الغرام" الإيراني "ضيفاً" طاب له المناخ وكثَّر. هذه الإشارة موصوفة بما يُسمّى رؤوس الأقلام.
وفي خلاصة هذا الموجز، يجدر الاعتراف بأن لا، لم يتمكَّن اللبنانيّون من أن يحكموا حالهم بحالهم، وربما هم لم يريدوا ذلك. بل، لم يبرهنوا أنّهم يريدون!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم