الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

18 سنة قضاها في الفراش... يوسف: أمنيتي الذهاب إلى ألمانيا للعلاج

المصدر: طرابلس - "النهار"
رولا حميد
18 سنة قضاها في الفراش... يوسف: أمنيتي الذهاب إلى ألمانيا للعلاج
18 سنة قضاها في الفراش... يوسف: أمنيتي الذهاب إلى ألمانيا للعلاج
A+ A-

يوم ناداه الواجب الوطني، لم يتردّد يوسف خالد العلي (40 عاماً) من البداوي في تلبية النداء والواجب.


ترك العمل الذي كان يمارسه ويدخر منه لقمة عيشه وقوت أمه وأبيه، فالتحق بالجيش ، وأدى خدمته العسكرية على أتم وجه، وبرع في العديد من المهارات في "عسكريته". وتم ضمه الى منتخب الجيش انذاك وبرع في رياضات عدة، ومنها كرة القدم. وصار يوسف مؤهلاً لتلبية الواجب كلما دعت الحاجة.


ويوم سقط يوسف على صخرة، وأصيب رأسه بضربة قاسية أدت به إلى شلل جسده بنسبة عالية، طاول كل اعضائه ما عدا الرأس. لا يجد اليوم، وبعد مرور 18 عاماً قضاها في الفراش، أو على دراجة خاصة، من يلبي النداء لإنقاذه وتأمين المعونة فهو يحتاج الى الكثير جراء إصابته.


وعندما وقعت حادثة سقوطه، كان من حسن حظه وجود وزير صحة "يتحسس بالفقراء رغم لقبه بالبيك، هو سليمان فرنجية، الذي وفر تغطية نفقات علاجي وإنقاذي من الموت، ولولا الله ومساعدته لي لأقدمنا على بيع البيت ومكثنا في الشارع".


نقل يوسف إثر سقوطه إلى المستشفى، وأجريت له جراحة عاجلة، وتبين أن كسورا أصابت 3 خرزات في عموده الفقري، وكان النخاع الشوكي مهددا بالانقطاع، وما خلفته جراحته، كان تخفيف وطأة الضربة على رأسه، وحماية النخاع الشوكي، الامر الذي أبقاه حيا، لكن غالبية أعضاء جسمه تتحرك بنسبة ضئيلة، ولا تقوم أطرافه بدورها. لكن ساعده قوي، يشد به بقوة، رغم صعوبة حركته واصابعه جامدة عن الحركة.



 


يقول يوسف: "كان المطلوب أن أنقل إلى المانيا لإجراء العلاج الفيزيائي، وما يراه الأطباء الألمان المهرة من إجراءات، لكن لسوء حظي، لم يوجد من يتبنى قضيتي، ولم يتوافر لي المال، فبقيت طريح الفراش، لكن الخسارة الكبرى عندي هي فقدان والديَ اللذين توفيا من شدة قهرهم لحالتي".


منذ العام 1998، يقضي يوسف كل وقته في الفراش، ولا يستطيع الحركة، لكن جسده كامل، وعضلاته شديدة، ويعيش في بيت شقيقه - يعمل في الأدوات الصحية- الذي "يقوم بكل حاجاتي بما فيها التنظيف الجسدي"، كما يقول، "وذلك عند عودته من العمل، فهو مسؤول عني وعن عائلته".


على مقربة من السرير الذي يشكل منزل يوسف، ثبت شقيقه تجهيزاً حديدياً متحركاً في الحائط، يمكن تقريبه من يوسف، ليصبح على مسافة لا تتعدى الـ20 سنتيمتراً من فمه البديل بدل الاعضاء الحركية، وبه يقوم بكل ما يحتاج، ويشرح ذلك بكل وضوح، وفهم للحقائق: "هنا، ثبت شقيقي هذا التجهيز، وفي طرفه ثبت بتقنية خاصة لوحاً الكترونيا، يشكل عالمي من جهة، ويصلني بمن أريد من، جهة ثانية".


يتعامل يوسف مع اللوح عبر فمه، بما يشبه القلم من اختراع شقيقه تسهيلاً لحياته، ويضعه بين شفتيه، وفي طرف القلم، ثبتت مطاطة مطواعة يمكن يوسف أن يحركها، وينقر بواسطتها ما يريد. يتحدث عن ذلك بقوله: "أتسلى باللوحة بما فيها من وسائل تسلية وألعاب، وأحركها بهذا القلم في فمي. وعندما أحتاج أمراً من أحد، مثل أخي، اكتب له رسالة بالقلم، وأرسلها له بالواتس أب، وإذا أردت دواء مثلا، أو طعاما، أطلبه من الصيدلية ومن الدكان بواسطة الواتس أب ايضاً. وتتسلم زوجة أخي الأغراض، وتقدمها لي، وتطعمني، كما يطعمني شقيقي عندما يعود من عمله، ويكشف علي، وقد تدرب في المستشفى على طرق لمساعدتي والقيام بحاجاتي الجسمانية".


على مقربة من يوسف، وضعت عبوة مجهزة بأنبوب طويل يصل إلى مقربة من فمه، يرشف ما يحتاجه من مياه، كما ثبت أنبوب آخر في خاصرته لتصريف السوائل التي يرميها الجسم خارجه.


وعندما اقترب موسم البرد والأمطار، يبدو أن الكرسي التي كان يتحرك يوسف عليها قد تآكلت بالتقادم. فمكث في غرفته من دون حركة أو مغادرة للفراش، مما تسبب له بالتهابات وبثور في ظهره، وهي تحتاج إلى معالجات، وأدوية ومستشفى، لكن قدرة العائلة على إعالته على نفقتها ليست بالأمر السهل"، كما يقول، مضيفاً: "أحتاج لاستشفاء من تطورات وضعي كل ثلاثة أو أربعة أشهر. طرقنا كل الأبواب، لكن أحداً لم يرد علينا".


يختم يوسف مطالباً من يهمه الأمر مساعدته، وتخصيص مصروف معين لمتابعة معالجته بصورة دائمة. ويقول: "اكتفي بذلك، فهذا ممكن في بلدنا. مع أنه يمكن إجراء عمليات جراحية لي تحسن وضعي، وحالتي الصحية، لكن ليس هناك من يساعد في لبنان، والدولة غائبة منهمكة بهمومها، وسيكون حظي كبيراً جداً لو تمكنت من الذهاب إلى ألمانيا لإجراء عملية، والخضوع للعلاج الفيزيائي".


وعن الكرسي، يقول: "تخفف الكثير عني لو كانت سليمة، لكنني لا أملك المال الذي يمكن أن يرممها، ويعيدها للعمل، فأتنقل عليها من حين لآخر كي لا أظل طريح الفراش طوال الوقت".


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم