الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

كيف يفكّر بشار الأسد؟

عبد الكريم أبو النصر
كيف يفكّر بشار الأسد؟
كيف يفكّر بشار الأسد؟
A+ A-

"كيف يفكّر الرئيس بشار الأسد والمأساة دخلت عامها السابع والحرب تبدو دائمة والسلام مجرّد حلم؟ الواقع أن الفكرة الأساسية التي قادت سياسات الأسد وتوجهاتها وقراراتها منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية ضد نظامه في آذار 2011 حتى الآن هي الآتية: "إما أن أبقى في السلطة وأحكم البلد وإما ألا تبقى سوريا". وعلى أساس هذه الفكرة تبنّى الأسد الخيار العسكري – الأمني ضد السوريين المحتجين ورفض نصيحة قوى وشخصيات في السلطة اقترحت عليه تطبيق الحل السياسي للأزمة تجنباً لاندلاع حرب أهلية مدمّرة. وقرار الأسد هذا أساسي – محوري حول الانتفاضة ثورة شعبية ضخمة فاجأته واجتاحت البلد وأحدثت صدمة مريعة وفجّرت أكبر أزمة سياسية – شعبية – بنيوية شهدها العالم العربي في العصر الحديث إذ أنها قلبت الأوضاع جذرياً في كل المجالات والقطاعات في سوريا وفكّكت الدولة ومؤسساتها وفتحت الأبواب أمام الأجانب وأنهت فعلاً وجود البلد الذي عرفه العالم قبل الحركة الاحتجاجية".
هذا ما ادلى به إلينا مسؤول دولي في باريس معني بالملف السوري وقال: "إن هذا الواقع البالغ التعقيد والخطورة يواجه مهمة المبعوث الدولي الخاص الى سوريا ستافان دو ميستورا الذي يجد صعوبة فائقة في التعامل مع الأسد العاجز عن انهاء الحرب والانتصار فيها والخائف من السلام لأنه ليس قادراً على تحقيق الحل السياسي الذي يريده ويسمح له بالبقاء في السلطة وامتلاك القدرات الضرورية لإنقاذ سوريا وبنائها وتسوية مشاكلها الهائلة. والحقيقة التي يعرفها دو ميستورا هي أن الأسد فجّر الحرب الداخلية المدمرة ليس من أجل التمسّك بالسلطة في حد ذاتها، بل لأنه جزء من مجموعة حاكمة ترفض أن ترى سوريا تتحوّل دولة أخرى مختلفة وأن تحكمها قيادة أخرى مختلفة وأن تتوزّع فيها المسؤوليات والصلاحيات على أساس صيغة حكم مختلفة جذرياً عن تلك القائمة، وترتكز على الانتخابات الحرة وضمان الحقوق والمطالب المشروعة للغالبية من السوريين من جهة وللأقليات من جهة أخرى. وهذه الصيغة بالذات تبنّاها منذ العام 2012 المجتمع الدولي ضد إرادة الأسد في تفاهمات وقرارات عدة أصدرها مجلس الأمن، وأبرزها القرار 2254 الذي يستند اليه دو ميستورا من أجل إنجاز مفاوضات السلام بين ممثلي النظام والمعارضة الحقيقية الهادفة الى ضمان الانتقال السياسي للسلطة الى نظام جديد تعدّدي يحقق المطالب والتطلعات المشروعة لكل مكوّنات الشعب السوري وينهي الحرب".
وأضاف المسؤول الدولي: "أن الموقف الحقيقي الأساسي للأسد من الأزمة لم يتبدل منذ اليوم الأول، وقد سمعه منه دوميستورا والمبعوثون الاقليميون والدوليون الآخرون إذ أنه يرتكز على مسألتين رئيسيتين: الأولى أنه ليست ثمة غالبية وأقليات في سوريا، بل أن جميع السوريين مواطنون متساوون ويجب أن يخضعوا للسلطة، والمتمردون عليها والمعارضون لها هم إرهابيون وليست لهم أية حقوق، والثانية، رفض تطبيق انتقال السلطة الى نظام جديد تعدّدي استناداً الى ما ينص عليه بيان جنيف للعام 2012 وكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بل أن مفهوم الانتقال السياسي بالنسبة الى الأسد هو الانتقال من الحكومة القائمة الى حكومة جديدة يشارك فيها "معارضون" تختارهم السلطة ويكونون خاضعين كلياً لأوامر الرئيس السوري وتعليماته. وعلى هذا الأساس رفض الأسد كل المبادرات والاقتراحات التي طرحت من أجل الخروج من مأزق الحرب الكارثية، منذ المبادرة العربية الأولى التي طرحت رسمياً في أيلول 2011 وطالبته بنقل صلاحياته وسلطاته الى نائبه فاروق الشرع تمهيداً للتفاوض سلمياً على حل الأزمة، الى جهود دو ميستورا المكلّف دولياً تطبيق الحل السياسي الشامل للأزمة استناداً الى قرارات مجلس الأمن والهادف الى ضمان قيام نظام حكم جديد تعدّدي في سوريا".
وخلص المسؤول الدولي الى القول: "ماذا حقّق الأسد وربح في النهاية؟ الحرب التي فجّرها ألحقت الكوارث بسوريا والسوريين لكنه فشل في الغاء المعارضة من المعادلة السياسية اذ ان المطلوب دولياً واقليمياً على نطاق واسع هو التفاوض معها من أجل قيام النظام الجديد. ولم يستطع الأسد أن يستعيد الشرعية الداخلية والعربية والدولية التي كان يملكها قبل بدء الثورة، ولن يستطيع في أي حال استعادة البلد فعلاً والإمساك به وحكمه مجدداً وهو العاجز عن بنائه وتسوية مشاكله الهائلة وبناء علاقات جيدة أو طبيعية مع المجتمعين العربي والدولي".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم