الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مجرّد حجارة دامة!

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

قصة الانتخابات النيابيَّة، وقانونها الذي دخل خانة رابع المستحيلات، لن يكون مستغرباً أو مفاجئاً إذا ما غرقت في سحبة تذكّرنا مجدداً بتجارب الفراغ، وما رافقها ونتج منها.
"أَهدى الي" زميلٌ عتيقٌ عزيز ورقةً صغيرة تحمل الجملة المفيدة الآتية: "عندما تسقط على لبنان أزمة جديدة على غرار أزمتيّ الفراغ الحكومي والفراغ الرئاسي، لا تتلهَّى بالبحث عن المستفيد والمتضرّر. فتِّش دائماً عن الخارج الأكثر "شعبيَّة" في لبنان والمنطقة. فنحن، يا صديقي، مجرَّد حجارة دامة من أعلى الهرم الى أسفله. عشتم وعاش لبنان سيِّداً حرّاً مستقلاً موحَّداً".
بتمديد تقني، بتمديد فنّي، بتمديد اضطراري، أو بأية صيغة يُسكب كأس التمديد، لا بدَّ من اجتراعه حتى الثمالة... وعلى طريقة الأخطل في منادمته أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، وقوله في ختام تلك المنادمة التي لا تزال تتبختر في حالات تستدعيها، كحالة "المنادمات" عندنا حول قانون الانتخاب الضائع بين الممكن والمستحيل:
إذا ما نديمي علَّني ثم علَّني
ثلاث زجاجات لهنَّ هدير
خرجت أَجرُّ الذيل زهواً كأنني
عليك أمير المؤمنين أمير...
استغرب كثيراً حينما أجدني مضطراً الى تذكير اللبنانيين في بداية كل أزمة ونهايتها بأن الشوكة التي تعطِّل رجل لبنان موضوعة بدقة خبراء اختصاصيين، وعن سابق تصوّر وتصميم.
إذاً، وبناءً على هذه المنادمة الأخطليَّة، فتّشوا دائماً عن الخارج. سواءً أكان قريباً بالمسافة والعلاقة، أم بعيداً في كل حالاته. فالنتيجة واحدة: أزمة مدروسة، مهمتها غير المعلنة تخريب ما تبقَّى من النظام، والمؤسَّسات، والدستور والمواثيق المكتوبة و"الشفهيَّة"، وعدم تناسي اتفاق الطائف ودستوره تحديداً.
كلام لا يُحصى في هذا الصدد، لكنه لا يستطيع أن يغيِّر أو يبدِّل حرفاً مما "كُتِب". وعلى رغم ذلك فإن خبراء القانون والتشريع يشدِّدون على أن "التمديد التقني" يجب أن يكون مرتبطاً بقانون ليشرِّع مجلس النواب قانوناً جديداً".
وهذا يعني أن التمديد لا يتمُّ إلا إذا كانت صيغة القانون "مطبوخة" وفق الأصول وجاهزة لتصدُّر الوليمة.
لكن ذلك كله لا يقدِّم ولا يؤخّر ولا يبدِّل. فالقرار ليس في صندوق ساحة النجمة، إنما هو في "صندوق الخارج".
لهذه الأسباب مجتمعة، ربما، قال الرئيس نبيه برّي في هذا الصدد: إذا كان عدم إقرار سلسلة الرتب والرواتب لمستحقّيها إفقاراً لأصحابها، فإن عدم إقرار قانون انتخاب جديد هو انتحار.
صحيح أن الرئيس أمين الجميل يرى "أن هناك خوفاً كبيراً على البلد جرّاء تعثُّر اقرار قانون انتخاب جديد"، إلا أن القرار في حوزة الخارج.
لا بدَّ من "منادمة" جديدة بين الأخطل ومروان بن عبد الملك.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم