الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

شعوب لبنانية مُهانة تهرب الى عبادة أوهامها و... موظّفيها

عقل العويط
عقل العويط
شعوب لبنانية مُهانة تهرب الى عبادة أوهامها و... موظّفيها
شعوب لبنانية مُهانة تهرب الى عبادة أوهامها و... موظّفيها
A+ A-

هم مثيرون للعجب لأنهم دولتيون طبعاً، ومحبّون للقانون طبعاً، ومدنيون طبعاً، وعلمانيون طبعاً، ومبدعون طبعاً، ومتفردون طبعاً، وقادرون طبعاً على اجتراح الأمل على رغم كل المآسي التي يعيشونها، مادياً ومعنوياً، والتي تحاصرهم من الداخل ومن الخارج على السواء.


لكنهم مثيرون للعجب أيضاً لأنهم دُويلاتيون طبعاً، وخارجون على القانون طبعاً، وغير مدنيين طبعاً، وطائفيون طبعاً، وشعبويون طبعاً، وغوغائيون طبعاً، وعنصريون طبعاً، وضيّقو الأفق طبعاً، ومحدودون طبعاً، ومرضى نفسانيون...
لائحة العجب لا تنتهي، لا في المعنى الإيجابي، ولا في المعنى السلبي.
مثلاً: لفتتني في الأيام والأسابيع والأشهر (والسنوات) الأخيرة، اللافتات التي يعلّقها اللبنانيون في مناطق العاصمة، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً. هذه اللافتات تعكس إلى حدّ بعيد، في مضامينها ودلالاتها، وفي خصوصياتها "الجغرافية"، شعورهم الدفين بالانتماء إلى اللادولة، أكثر من انتمائهم إلى الدولة ذاتها؛ بانتمائهم إلى العائلات والمذاهب والطوائف وأجهزة الطوائف، أكثر من انتمائهم إلى المؤسسات الوطنية الجامعة؛ وبانتمائهم إلى الأحياء والزواريب، أكثر من انتمائهم إلى البلاد.
ليس عندي في هذا المقال رغبة في إضفاء حكم قيمة – سلبي أو إيجابي - على الموظفين والزعماء المذكورين. هذا لأخذ العلم والخبر.
لكن شوفوا صور رئيس الجمهورية الجديد، وقائد الجيش الجديد في المناطق المسيحية، والعبارات التي ترافق تلك الصور، وأسماء العائلات أو الأشخاص الذين يبجلون القائدَين، ويمتدحون خصالهما.
شوفوا صور رئيس مجلس الوزراء الجديد، والمدير العام الجديد لقوى الأمن الداخلي في المناطق السنية، والعبارات التي ترافق تلك الصور، وأسماء العائلات أو الأشخاص الذين يبجلونهما، ويمتدحون خصالهما.
شوفوا صور رئيس مجلس النواب، وصور المدير العام للأمن العام، وصور رئيس المجلس الأعلى للجمارك المعيّن حديثاً، وصور الأمين العام لـ"حزب الله" في المناطق الشيعية...
وبعدين، بتقدروا تشوفوا كلّ الفيديوهات والنكات والقفشات والغمزات واللطشات التي تتناول الحياة الوطنية، وأخبار الزعماء، ورجال السياسة، وأصحاب المال، في هذه الطائفة وتلك، في هذا المذهب وذاك، فضلاً عن الأحزاب والتيارات والمناطق. ولا استثناء البتة.
الخلاصة، أننا لن نعثر في هذه اللافتات والشعارات والكتابات والتعليقات، على شعب واحد، ولا على دولة واحدة، بل نعثر على شعوب، ودويلات، وأوطان، ودكاكين، وصغائر، وأمراض نفسية، وأحقاد وانتفاخات...
خلاصة الخلاصات، أننا نعثر لدى هؤلاء اللبنانيين على شعور ظاهر ومضخّم بالعظمة، يخفي شعوراً مضمراً بالضعف والهوان وانعدام الثقة وتفكك الشخصية...
اللبنانيون في هذا كلّه، إنما يثيرون العجب العجاب – السلبي طبعاً - لأنهم يهربون إلى الأمام، في عمليات التمجيد هذه.
لكن إلى أين يهرب اللبنانيون؟
مثل هذا الهرب، يفضي بهم جميعاً إلى الالتقاء يوماً ما - أرجو أن لا يكون بعيداً - أمام الطريق المسدود.
آنذاك، لا بدّ أن يشعروا بالحاجة الملحّة إلى البحث عن قيم جامعة، وعن دولة جامعة، وعن أشخاص جامعين، وعن... شعارات وصور جامعة.
من دون ذلك، سيظلّون شعوباً لبنانية مُهانة تهرب الى عبادة أوهامها و... موظّفيها!
[email protected]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم