الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"التسوية - 2".. كشقيقتها ؟

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

إذا صح ان توافقا سياسيا يشق طريقه حول ممنوعات تحول دون السقوط في تجربة فراغ مجلسي غير مسبوقة على أنقاض "النعي" الرسمي لقانون الستين الانتخابي، فإننا قد نكون امام سيناريو من شأنه ان يستعيد بمعظم ملامحه مراحل التسوية الرئاسية والحكومية التي استولدت العهد العوني. بدت موجات الحراك الاحتجاجي التي فجرها سوء ادارة ملف سلسلة الرتب والرواتب والضرائب كأنها وفرت القنابل الدخانية للوسط السياسي بمعظم تكويناته، لكي يباشر دفاعا عن الاستهداف الشرس الذي تعرض له من زوايا خلفية انطلاقا من المسلك الذي وفره له رئيس المجلس من خلال تحويره خطة الطريق مقدما أزمة قانون الانتخاب كأولوية طارئة. ولا تقف مفاعيل هذا التطور عند حدود قلب اولويات المرحلة ووضع الملف المالي والاقتصادي في المرتبة الخلفية بل ان الأكثر مدعاة للتدقيق هو رصد تكوين توافق سياسي عريض يجري تشغيل كاسحات الألغام أمامه للتوصل الى تسوية انتخابية في قابل الاسابيع بحيث يغدو تغليب النسبية في قانون الانتخاب العتيد عنوان الفصل الثاني المستلحق من التسوية السياسية. لا ترانا في حاجة الى استعادة الكثير مما لا يزال حاضرا في معالم هذه التسوية لمعاينة الخط البياني نفسه الذي استولد العهد والحكومة والذي قد يستولد لاحقا "الملحق" الانتخابي. دوما لا تأتي التسويات الا على نار الوقت النافذ والمهل الهالكة والتوغل بعيدا في أخطار الأزمات الدستورية وما تلحقه من تخريب عضوي في صورة الدولة. لا ندري فعلا ما اذا كانت النسبية الكاملة او الجزئية ستحمل وصفة عجائبية لواقع تحكمه قواعد ميزان القوى أولا وأخيرا وبأي لباس ستكون هذه الوصفة. نتساءل لماذا اسقط مثلا النموذج الاقرب الى التسوية المتوازنة، بعيدا من أحكام ميزان القوى، الذي شكله مشروع الوزير السابق فؤاد بطرس والذي كان أول من ابتكر الصيغة المركبة بين الاكثري والنسبي والتي صار اسمها الدارج اليوم الصيغة المختلطة؟ وبعيدا من الاستفزاز، لا نملك الا تذكير من يتعين تذكيرهم الآن بأنهم لو حولوا معركة قانون الانتخاب أصلا الى معركة اصلاحية حقيقية بدءا من مشروع لجنة فؤاد بطرس تحديدا لكان ممكنا سد الطريق على مزيد من "التنازلات" التي ستتبدى معالمها، كما نظن، في الطريق الى التسوية الآتية. ولكن حتى لو هلل الكثيرون لأي تسوية ولأي منسوب مرتفع محتمل للنسبية فيها، فان الامر لن يحجب حسابات ربح وخسارة في المواقع السياسية والطائفية تبعا لميزان القوى نفسه والسياسات نفسها التي اتبعت في التسوية الاولى وتؤشر كل المعطيات الى اتباعها في التسوية اللاحقة. على قاعدة التعطيل المديد كانت الاولى، وعلى قاعدة التهديد بالفراغ ستكون الثانية. واما متى وأين وكيف يقف هذا النمط فتلك مسألة في الغيب ما دام هذا النمط نفسه هو الحاكم سعيدا وأبدا!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم