الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

معرض سيمون مهنّا الشخصي الأول لدى "زمان" \r\nلوحته تعود بالروح البشرية الخالدة إلى مقامها الأساسي

محمد شرف
معرض سيمون مهنّا الشخصي الأول لدى "زمان" \r\nلوحته تعود بالروح البشرية الخالدة إلى مقامها الأساسي
معرض سيمون مهنّا الشخصي الأول لدى "زمان" \r\nلوحته تعود بالروح البشرية الخالدة إلى مقامها الأساسي
A+ A-


في "معرض الخريف" الذي نظّمه متحف سرسق منذ فترة، وبعد طول غياب، شاهدنا عملاً لسيمون مهنّا هو عبارة عن قامة إنسانية كاملة، نرجح أنه ليس سوى أوتوبورتريه للرسام يختلف، من حيث الشكل، مع ما تعوّدنا عليه من اعتبار أن الأوتوبورتريه، في كثير من الأحيان، يتمثّل في الوجه وفي جزء نسبي من الجسد . كان عمل سيمون مهنّا، المندرج ضمن المعرض المذكور، من الأعمال التي لفتتنا، على قلة عددها، ولو أن رأينا هذا يجب اعتباره شخصياً، ويخضع لمعايير معيّنة قد تكون مختلفة لدى متلقين وهواة فن آخرين.


يشكل البورتريه، في شكل عام، تيمة مفضّلة لدى سيمون مهنّا، الفنان الشاب (من مواليد 1994)، وهذا الأمر نلحظه في معرضه الشخصي الأول المعنون "مرايا"، المقام لدى غاليري "زمان"، التي لا بد من التنويه بما تقوم به من خلال احتضانها مجموعة من الشباب، كسيمون مهنّا في الحال الحاضرة، الذي يقيم فيها أول معارضه الفردية.
هذه الملاحظة، المتعلّقة بالغاليري، لا تهدف إلى المجاملة، بقدر ما تعكس حقيقة موضوعية. هذا البورتريه، الذي نحن في صدده، تتراوح ارتقاءاته بين الذاتي وغير الذاتي، ويستند إلى أفكار مهنّا، كما لاحظنا، وليس هو نتيجة إرهاصات عبثيّة، علماً أن النتيجة العملية أتت متفاوتة بين موقع وآخر، أكان من حيث الأسلوب أم من حيث الوقع الإنفعالي، ما يُعتبر أمراً طبيعياً، إلى حد ما، في الفنون البصرية، آخذين في الإعتبار أن التواردات الذهنية، وحتى ظروف العمل، لا تكون هي ذاتها في الأوقات المختلفة.
في الأحوال كلّها، يبدو الهدف الأساسي للصانع تعبيرياً، على ما يكتنف كلمة "تعبير" من معانٍ ودلالات عديدة . فالتعبير هنا يتمثّل في محاولة مهنّا عكس حالات إنسانية في جزئها البعيد عن الفرح، الذي قد يكون محطة كغيره من المحطات، لكنه لا يتأتّى إلاّ بعد معاناة ما، وقد لا تكون له إرتداداته المعروفة، والمتفق عليها. لذا فإن هالات الحزن، وعلامات الضعف، المحيطة بمعظم الوجوه، هي نتيجة "منطقية" لما يمكن أن يمرّ به الإنسان عبر إنوجاده في عالم لم يستجب تطلعاته، ولم يأبه بطموحاته، إذ نعيش في عالم قاس، ولا نعدّ قولنا هذا "اكتشافاً"، بل هو أمر ملموس وغير مختلف عليه.
على أن هذه القسوة، وعلى الرغم من مفاعيلها المحبطة في بعض الأحيان، قد تستجلب رد فعل عكسياً، قائماً على استنباط التفاؤل من خلال العمل الفني، ومن خلال صنعه تحديداً، وهو الذي يمثّل، في حال مهنّا، وبحسب ما يقوله عبر الكلمات التي كتبها في محاولة تفسير أفكاره، عودة الروح البشرية الخالدة إلى مقامها الأساسي، البعيد عن التلوّث.
أعمال سيمون مهنّا أقرب، من الناحية التقنية، إلى النحو الغرافيكي، إذ إن العديد من اللوحات هي ذات طابع مونوكرومي، لكن عدداً آخر منها، وربما هو الأكبر، لا يهمل اللون.
بيد أن المادة اللونيّة، هنا، تجيء في خدمة رسم تعابير الوجه وانفعالاته، نظراً إلى توافر ملامحها التي تميّز أصحابها، لكن هذا الأمر تمّ من دون الغرق في كلاسيكيات التشخيص في منحاها الأكاديمي الجامد. على هذا الأساس، أراد مهنّا أن يقيم التوازن بين الميل إلى اعتبار الرسم مهمة ضرورية، تلبية لميل ذاتي في هذا المجال.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى استطاع أن يتجنّب الوقوع في فخ الإبهام. وهو، من خلال التوفيق بين هذين التوجهين، كما من خلال جملة ما شاهدناه في معرضه، استطاع أن يرسم لنفسه درباً فنياً نتوقع أن نرى تطوّر مفاعيله في معارض لاحقة.


فنان تشكيلي وناقد وأستاذ جامعي

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم