الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

سلسلة أرقام لا قدرة شرائية

غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
سلسلة أرقام لا قدرة شرائية
سلسلة أرقام لا قدرة شرائية
A+ A-

اؤيد سلسلة الرتب والرواتب تأييداً مطلقاً لأنها حق للموظف صاحب الدخل المحدود الذي يعاني تراجع قيمة راتبه ومداخيله منذ زمن بعيد. من حق المواطن ان يحصل على زيادة راتب وغلاء معيشة في مقابل زيادات يقرها النواب لأنفسهم، ولا يتخذ اي نائب موقفاً مشرّفاً برفضها، وصولاً الى الاستقالة كما فعل النائب المستقيل روبير فاضل حين وجد انه بات غير منسجم مع نفسه ومع طروحاته.


بالامس، قال لي أحد النواب: "للاسف لم يعد البلد يطاق ولم يعد قابلاً للاصلاح". والواقع ان صاحب السعادة اصاب الحقيقة في ما قال، لانه وغيره من زملائه النواب، لم يجرؤوا على المجاهرة بمكامن الفساد والقيام باجراءات لضبطها، بل على العكس، فان النواب يوفرون الغطاء للفاسدين، ويجهدون لاطلاق السجناء الارهابيين، ويتهربون من الضرائب والرسوم، ويعملون لإنجاح راسبين، وتوظيف غير كفوئين، ثم يشكون من تراجع اداء هؤلاء، ومن الفساد المستشري.
في واقع سلسلة الرتب والرواتب، انها ستتأكل قبل ان تصل الى جيب المواطن، لانها سلسلة لا تترافق مع اصلاح وتطهير اداري، ما يجعل الفساد يزداد والرشاوى تتضاعف، والغلاء يستشري، والاقساط ترتفع من دون حسيب او رقيب، ما يعني ان الموظف سيأخذ رقما اضافيا، لا قدرة شرائية اضافية، ويمكن ان تسبب الزيادات والضرائب المستحدثة ركودا اقتصاديا لا يساهم في توفير عائدات اضافية للخزينة العامة فيزداد العجز.
وما قاله النواب عن تجنيب الفقير مفاعيل الضرائب ليس صحيحا، اذ ان الضريبة على القيمة المضافة وحدها يمكن ان تنهكه اذا طاولت سلعا وحاجات لم تكن تستهدفها سابقا.
والى الضرائب والرسوم، نوعية الخدمات المقدمة وكلفتها، وضبط عمل ادارات الدولة، وتسهيل الاجراءات لضمان تشجيع الاستثمارات لا تهجير القائم منها. والاهم ما عبّر عنه البطريرك الماروني الاحد من "وضع موازنة تستخرج وارداتها من مال الخزينة المهدور والمسلوب، لا من فرض ضرائب ورسوم إضافية على الشعب المرهق اقتصادياً ومعيشياً". فالدولة لا تفرض سلطتها الا في مناطق محددة تبدأ في بيروت وتمتد الى حدود جبل لبنان مع بعض الاستثناءات، اما في بقية المناطق فقلّة تدفع او تلتزم القوانين وتتقيد بها.
ويروي لي النائب السابق ذكره ان محطة للكهرباء انشئت في منطقة بعلبك لمصلحة احد المسؤولين الحزبيين من دون ان يكون لها سجل في "مؤسسة الكهرباء"، ولا عدادات لها بالطبع، وتاليا لا فواتير ولا من يسددون.
ويضيف ان الاملاك العامة المصادرة في غير منطقة لم تتم تسوية اوضاعها، بل اكتفي بالاملاك البحرية كبند غير مضمون التنفيذ ايضا. وما يجري من مسح مريب ومن تسجيل عقارات في عدد من المناطق لخير دليل على تواطؤ الاحزاب والنواب في عملية نهب المال العام.
مع كل هذا وغيره مما لا تتسع له الصفحات، هل نأمل في موازنة اصلاحية؟


[email protected] / Twitter: @ghassanhajjar

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم