الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"ليست المربية"... هل تعلمتم الدرس؟

المصدر: "هافينغتن بوست" – "النهار"
إسراء حسن
إسراء حسن
"ليست المربية"... هل تعلمتم الدرس؟
"ليست المربية"... هل تعلمتم الدرس؟
A+ A-

على الرغم من مضي أيام على نشر الفيديو الطريف الذي يظهر طفلي محلل سياسي يقتحمان غرفة والدهما خلال اطلالة له على الهواء مباشرة مع قناة "بي بي سي" البريطانية، عاد الفيديو ليشكل قضية أثارت جدلاً لدى الرأي العام الغربي والعربي، إذ كان التركيز في متابعة الفيديو على تحركات الطفلين والوالد، لكن ماذا عن المرأة التي سحبت الطفلين؟


المشهد بريء وطريف لا بل مضحك، وبات معروفاً أن الرجل يدعى روبيرت كيلي وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة "بوسان" الوطنية، والجميع ذهب في "قهقهاته" إلى الحديث عن "المربية" وكيفية سحبها الطفلين، ليتضح في ما بعد انّها زوجة المحلل ووالدة الطفلين وتدعى يونغ آه كيم التي أيقظت ضميراً أخلاقياً دعا إلى اعتبار هذه المشهدية درساً لوجود انحياز ضمني في اللاوعي لدى كل إنسان، وهو أمر انعكس في شكل جلي على صفحات التواصل الاجتماعي وأوجد هاشتاغ بعنوان "ليست المربية"، "Not The Nanny" عبّر روّادها عن سخطهم لهذا الحكم المسبق.


 


[[video source=youtube id=Mh4f9AYRCZY]]


 


كيف يكون الانحياز؟


صحيفة "الهافينغتون بوست" عنونت في مقال: "ليست المربية: درس جيّد عن كيف يكون الانحياز" للكاتبة ثريا شمالي التي كتبت: "العديد اعتقد في البدء أن المرأة في الفيديو يمكن ان تكون زوجته ولكن بعد التمعن في الفيديو ذهب التفكير باتجاه المربية. حتى انّ عدداً من الذين تناقلوا الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي أعربوا عن خشيتهم من أن تفقد وظيفتها بعد اقتحام الطفلين وإفساد إطلالته. الزوجان عندما يكونان مستائين من بعضهما البعض يعبّران بالمشاعر عن هذا الغضب، وهذا أمر مغاير عندما يعود الأمر إلى المربية التي تشهد 95% منهن عملية طرد لدى ارتكاب أي خطأ".



كاتبة المقال وضعت نفسها في حقل تجريبي، وهي فور رؤيتها الفيديو كتبت في حسابها عبر "تويتر" اعتقادها أن هناك احتمالين متساويين: المرأة يمكن ان تكون مربية أو زوجة، وهو ما عرّضها لوابل من التعليقات التي اتهمتها بالانحياز الضمني ووصفت بالعنصرية.


الخطورة في أن ما جرى حكم مسبق وعنصرية عرقية غير مقصودة. وما شهدناه من ردود أفعال على الفيديو ما هو إلا مرآة تعكس حقيقة ما يجري في المدارس ومواقف السيارات والشوارع والمنازل. وما يعكسه الفيديو هو مكتسب عنصري وعرقي وجنسي يعكس وقائع مجتمعية واقتصادية على الرغم من كونها جزءاً من الواقع المجتمعي.



وتعود كاتبة المقال إلى التكهن بالقول: "لو أنّ الرجل والمرأة كانا من عرق واحد، قلة من الناس كانوا ليبحثوا ما إذا كانا متزوجين، وهذا يعود إلى مدى دور التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تسهم في تشكيل التمييز العنصري والعرقي الذي دفع إلى رفضها من خلال إطلاق "هاشتاغ" "ليست المربية" رفضاً للانحياز الذي تتعرض له المرأة في كثير من القضايا وأنّ قضية المرأة العاملة وتحديداً المربية التي تعمل أحياناً بدون أجر أو بأجر متدنٍ وفي ظروف غير متساوية والذي يدعو إلى إعادة التظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية".


وتتابع الكاتبة تحليلها: "لو كانت المرأة هي المحللة التي يتم إجراء المقابلة التلفزيونية معها لما كان ذهب التفكير إلى اعتبار الرجل مربياً بل كان سيتم ربطه فوراً بأنه والد الطفلين".



على مواقع التواصل


هاشتاغ "ليست المربية" تفاعل كثيراً، وأبرز ما تم رصده على صفحات التواصل الاجتماعي:


- سيندي تشو: الانحياز الضمني انكشف إذا ظننتم لوهلة أن الزوجة هي المربية.



- ليدي غراي بيدز: اعتاد الناس يسألوني إذا كانت ابنتي. أستطيع ان أفهم لماذا، ولكن لا، لست مربيتها.



- ليز كونستانتاراس: هو ابني، لست المربية.



- بنجامين وايت: كم مثير للسخرية ان يتحوّل مشهد بريء إلى انحياز غير واعٍ.





 انتماءات في اللاوعي


أستاذ مادة التواصل الاجتماعي في الجامعة اللبنانية الدولية داود ابراهيم اعتبر في حديث لـ"النهار": "انّنا نحمل سلة من الانتماءات والطبقية والعرق في اللاوعي، حتى لو كنا نحاول مقاومة هذا الموضوع. بالمنطق المتعارف عليه لون الأسود ليس جيّداً، هو بشع، مثلا القول: "خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود"، ونحن في اللاوعي نميل إلى اللون الأبيض". ويستند داود إلى دراسة أقيمت اخيراً عن أطفال يعتبرون أن رمز الجمال ان تكون أبيض اللون، فضلاً عن سوء الاستهلاك من خلال مستحضرات التجميل التي تروّج للبشرة البيضاء، ويوضح: "هي تعابير تظهر أن المختلف عنا أقل منا شأناً، فننظر إلى البيئة الأخرى بتعالٍ".
ويلفت إلى أنّ "التركيز على تعابير العبودية لم تُزل، ولم تتسامح الناس مع تاريخها واعتبار أن المربية يجب ان يكون عرقها مختلفاً"، مضيفاً: "بمجرد ان يختلف العرق يستيقظ الاحساس بالتفوق العنصري واعتبار أنّ هذه الطبقة تقبل بشروط عمل لا يقبل الانسان الأبيض فيها".
ويتابع: "يؤكد هذا الفيديو أننا لا نزال مجتمعات تتحرك على أساس الحكم المسبق واللون والعرق، وقد أتاح الاعلام وعالم التواصل الاجتماعي التفلت من القواعد والدخول في سجالات وتحويل قضية بريئة إلى ظاهرة على الأغلب تستغل بطريقة سلبية بعيداً من المعالجة لأن الأشخاص الذين يتولونها ليسوا مؤهلين لمعالجة هذه الظواهر فيتعاملون معها من خلال الاثارة والتكرار الببغائي".
واعتبر داود أنّ "إطلاق "هاشتاغ "ليست المربية" لم يكن الحل لإثارة هذه القضية لأنّه اعتبر صفة "المربية" اساءة، فجاء موضحاً بأنها "أم" وليست "مربية"، مضيفاً: "حتى في هذا التصرف لا وعي عبر السوشال ميديا أتاح للناس التطرق إلى الموضوع في إطار غير مدروس من دون اخذ مخاطره في الاعتبار".


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم