الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

غياب "المثال الأعلى" الرادع واستضعاف المرأة والفلتان العنف ضد النساء مواجهته بدولة تحترم مؤسساتها والقانون

رلى معوض
A+ A-

العنف، وازمة الاخلاق التي نعانيها، كيف ننظر إليها من زوايا ووجهات نظر مختلفة، روحية ونفسية وصحية؟ وهل يرضى المجتمع ان يستمر الفلتان والاستباحة؟ الجميع اتفق على ان انعدام الاخلاق وغياب رجال الدولة والرادع الحقيقي والمثال الاعلى ساهموا في تفاقم المشكلة كما الوضع السياسي والاقتصادي.


النائب البطريركي السابق المطران سمير مظلوم تحدث عن أسباب عديدة، منها اجتماعي كالفقر وتراجع الحياة العائلية، ومنها عدم تطبيق القوانين، واخرى سياسية حيث ان الدولة لا تقوم بواجباتها، كتطبيق القوانين بعدالة وصرامة. وهناك أسباب أخلاقية اذ ان هناك طغياناً للروح المادية والسعي الى الربح السريع وإعطاء الأولوية في الحياة للرفاهية والملذات. والسبب الأساسي من أسباب التراجع هو الجهل عند معظم الناس لما يتطلبه الخالق من الإنسان. ربما الكنيسة مقصرة في واجبها لجهة تربية أبنائها والمجتمع على الأخلاق القويمة وعلى احترام الإنسان وحقوقه ومقتنياته، واحترام قيمة الإنسان الذي لا ينبغي ان نتعدى عليه، واحترام ذواتها والسعي الى تحقيق ذواتنا من خلال اختيار مثال أعلى نتوق الى تحقيقه، والسعي أيضاً الى خدمة الفقراء والضعفاء والمهمشين في المجتمع.
واعتبر ان من أسباب تكاثر الجريمة أيضاً، الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، و"إذا نظرنا الى وضعنا اللبناني نرى انه قد يزيد على هذه الأزمة وجود أكثر من مليون و٢٠٠ ألف سوري غالبيتهم من الفقراء والذين لا يجدون ما يقيتون به عائلاتهم، فجنح بعضهم الى السرقة وارتكاب الجرائم والقتل والخطف والجرائم. نحن في حاجة الى وجود دولة تحترم نفسها والقانون وتسعى الى تطبيقه،. نحن في حاجة الى وجود رجال دولة يكونون مثالاً للشعب من خلال احترام المال العام، عدم السرقة وعدم استباحة كل القوانين والأعراف وبناء الثروات الطائلة من دون حسيب أو رقيب. نحن في حاجة الى بناء دولة على أسس القانون وخدمة الإنسان المحتاج. أما بالنسبة الى الكنيسة، فعليها واجب تكثيف التربية المسيحية لدى أبنائها وبناء الأخلاق المسيحية في العائلات والمدارس والمجتمع. كما عليها أيضاً ان تشارك في حل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية من خلال تأمين الخدمات الإنسانية والاجتماعية والتربوية بشيء من المجانية أو أسعار يستطيع الناس تحملها. كما علينا ان نركز على إعادة بناء العائلة على أسس متينة والحد من الخلافات العائلية وتشرد الأولاد الذين يصبحون لقمة سائغة للفساد المتفشي في المجتمع.
من جهته، المتخصص في الطب والتحليل النفسي الدكتور شوقي عازوري قال ان ما وصلنا اليه اليوم خطير جداً، وانه في حال وجود الاخلاق والقيم في امكان الانسان ان يفكر قبل الانتقال الى اي عمل جرمي، كالتفكير مثلاً: "والدي ما كان ليرتكبها اذا انا ليس في امكاني ارتكابها، او رجل السياسة الذي أحب او المثال الفكري الاعلى لا يرتكبها اذا لا يصح ارتكابها". اليوم نقتقد الى هذا النوع من الاشخاص (المثال الأعلى) اي الذين اتكل عليهم قبل ارتكاب الجريمة. من قتل زوجته ام اولاده الخمسة في وجودهم، لم يجد مرجعاً ثقافياً او دينياً او اخلاقياً في نفسه يمنعه من ارتكاب ما فعل. اذاً تابع وقتل زوجته، حتى وجود اولاده لم يردعه، وهذا حصل نتيجة فقدان "الأنا المثالي". وتدخل بعض النواب للدفاع عن مرتكب الجرم هو أيضاً تأكيد على غياب "الأنا المثالي" و"الأنا الأعلى" فحلا مكان القانون. إذا لا خوف لدى المرتكب من نتيجة أفعاله. وهو موقف دراماتيكي محزن يشير الى تحلل الدولة وانحلالها. ففي مجتمع مثقف ومتمدن، رمي السيجارة على الطريق يشعرنا بالانزعاج لأن هناك من سينظر إلينا بطريقة فيها توبيخ. الوضع أسوأ في لبنان لأننا نعيش في حالة لا دولة، الدولة ليست مرجعنا، من يرتكب هذه الافعال ضميره مرتاح ولا يهاب ردع الدولة، وفي غيابها تجد الدويلات، ومن يرتكب الجرم يعرف انه سيفلت من العقاب، اذا نحن امام خطر دمار الخلايا الاجتماعية اي العائلة بالدرجة الأولى. وشدد على اهمية الدور الذي يؤديه المجتمع المدني في هذه الحالات، لانه يعمل لمصلحة "الانا المثالي".
اما المتخصص في الطب النسائي والباحث في صحة النساء الدكتور فيصل القاق قال: "لطالما رفعنا الصوت عالياً ضد العنف اللاحق بالنساء في لبنان، وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية 2013، الى ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة، وكان هناك اكثر من لقاء ونقاش عن تقصي العنف في العيادات النسائية، لما له من اثر سيئ او بالغ على الصحة الانجابية والصحة النفسية للمرأة. وبكل اسف يأتي هذا العنف في سياق استضعاف المرأة وفي سياق التنميط المجتمعي والتنميط المرضي للمرأة، كما تدل بعض الارقام على ان المشكلات النفسية اكثر انتشاراً بين النساء منها عند الرجال بسبب التركيب المجتمعي. وايضاً التوقعات والضغوط الواقعة على المرأة في مجالات الصحة، في الخصوبة والعقم والترويح، والعذرية، وكل ذلك وضع المرأة في مكان مستضعف صحياً ونفسياً، الى كل موضوع يتعلق بالتحريم الواقع على جسد المرأة، اي ان جسد المرأة حرام بما يعني الرقابة (البوليسية). هذا كله يجد بيئة مؤاتية لاستضعاف المرأة وامكان تعنيفها. ومن جهة اخرى تراخي الروادع الاخلاقية والقانونية وهيبة القانون والدولة، تؤدي الى التفلت والقيام بممارسات اكثر ما تصيب المستضعفين وهم النساء والاطفال.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم