الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الحكمة مطلوبة

علي حماده
A+ A-

صحيح ان موقف رئيس الجمهورية ميشال عون من قانون الانتخاب الذي يدعو اليه يستند الى رفضه المطلق لـ"قانون الستين". وصحيح ايضا ان كلام عون عن تفضيله الفراغ على التمديد لمجلس النواب الحالي، او الذهاب الى صناديق الاقتراع وفق القانون النافذ ينطلق من فكرة مفادها ان القوى السياسية (ما عدا "التيار الوطني الحر") هي المسؤولة عن الفشل في التوصل الى صيغة انتخابية توافقية تعتمد النسبية، وبالتالي فإن بلوغ موعد انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي في العشرين من حزيران، من دون انتخاب مجلس جديد للنواب تتحمل مسؤوليته، وفق قراءة عون - القوى التي اعترضت على كل الصيغ التي اقترحها ممثل رئيس الجمهورية وتياره في اللجنة الرباعية المولجة البحث في قانون انتخاب جديد، واجهضت حتى اللحظة كل امكان لاقرار قانون انتخاب جديد يتفق مع رؤية عون للقانون المقبل. وصحيح ايضا ان رئيس الجمهورية يشعر بأنه يتمتع ب"قوة " استثنائية مقارنة بالرؤساء الذين سبقوه الى الموقع الاول في الجمهورية، وهو يستند في ذلك الى عنصرين اساسيين يتقاطعان لمصلحته، الاول دعم "حزب الله" بما يمثل من ثقل سياسي، شعبي، وامني كبير له، والمصالحة المسيحية مع القوة المسيحية الثانية شعبيا، الاولى تنظيميا، اي حزب "القوات اللبنانية" بما تمثله تلك المصالحة من ضبط للساحة المسيحية في مصلحة الحزبين الكبيرين، وتحسم امر الشرعية المسيحية بالنسبة الى رئاسة عون. وصحيح اخيراً ان القوة التي يشعر بها عون في الأشهر الاولى من عهده تدفعه الى الاسراع في ترسيخ اقدامه، في مؤسسات الدولة، ولاسيما المؤسسة العسكرية، وفي شبكة المصالح الاقتصادية والمالية والخدمية في البلاد، لكي يكون حاضرا في الانتخابات المقبلة لحصد اكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية ليستقر له ولمن سيخلفه في قيادة الحالة العونية اطول مدة ممكنة.


كل ما تقدم صحيح، او قد يصح منطقيا. لكن ثمة عوامل قد تحول دون تحقيق قسم من تلك الاهداف المرسومة. اولها ان قانون الانتخاب القابع حاليا في عنق الزجاجة قد لا يرى النور تحت ضغط التهديد بالذهاب الى الفراغ. فليس كل ما يريده رئيس الجمهورية واقعا ضمن سلة اهداف قوى اساسية في البلد، قد تلتقي مصالحها على حساب اهداف الرئيس عون. فـ"الثنائي الشيعي"، وعلى رأسه "حزب الله" قد لا يستسيغ الدخول في مرحلة فراغ تشريعي في مرحلة اقليمية ضبابية، يدرك فيها الحزب ان مصير وظيفته الاقليمية البحث راهنا بين العواصم الكبرى المعنية مباشرة بالصراعات المشتعلة في المنطقة . اما رئيس مجلس النواب نبيه بري فيرفض حتى مجرد التفكير في فراغ مجلسي.
من ناحية اخرى لا يخفى على المراقب مدى سوء العلاقة بين الرئيس عون وكل محيطه، ورئيس "اللقاء الديموقراطي" والقيادي الدرزي الاكثر تمثيلا وليد جنبلاط، وهي مرشحة لمزيد من التدهور في ظل مناخ التصعيد العوني المتدرج ضد جنبلاط في كل مكان. وهذه نقطة حساسة و خطرة على العهد لانها قد تكون مدخلا لاضعاف العهد في لحظة معينة تتقاطع فيها مصالح القوى الاسلامية الكبرى "الثنائي الشيعي" و"تيار المستقبل " والحزب التقدمي الاشتراكي لوضع حد لمنحى اعادة لبنان الى "الجمهورية الاولى"، وهو ما بدأ يتراءى للبعض انه يلوح في افق بعبدا! هذا ما يستدعي التحلي بحكمة متناهية.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم