السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

رقص على جثّة "الستين"

راشد فايد
A+ A-

حين يسمع مواطن، أو يقرأ، تصريحات السياسيين والنواب من الاتجاهات المتقابلة والمتحالفة، عن رفض تكتلاتهم قانون الستين، يكاد يعتقد أنه هو من يتبناه، أو في أحسن حال، ان قوة غيبية لا يمكن طردها إلا بسحر، تعمل على فرضه عليهم جميعاً.


فقدامى 14 آذار، وفلول 8 منه، لا يمر عليهم يوم من دون رمي القانون المذكور بأغلظ اللعنات وأرذلها، كأنما لم يأكلوا من عجينه، ولم يحلقوا بأجنحة تقسيماته الانتخابية. والأنكى، ان أعلاهم صوتا ضده هو من عاد من مصالحة الدوحة، بعد 7 أيار 2008 اللعين، ملوحا بتعديلات، جعلت اسمه "قانون الدوحة الذي يعيد حقوق المسيحيين".
كان مقبولا في بداية "المزايدة السياسية"، أن يحل "قانون الدوحة" في كل نقاش سياسي انتخابي، سلباً أو ايجاباً، أما وقد تمادى الجميع في التنكر له، وانكاره، فإن الاستمرار في التهديد بالتصدي له، أقرب الى بحث عن جنازة يشبع السياسيون فيها لطماً، أو رقصاً كالهنود الحمر حول جثة ميت.
على النسق نفسه، يتعالى صراخ التهديد بإسقاط الموازنة اذ لم يقر قانون جديد للانتخابات التشريعية، فيما يلوح رئيس الجمهورية بالفراغ النيابي، وينقل عنه صهره جبران باسيل، انه "لن يوقع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في ظل قانون الستين... ولو ضحينا بالعهد".
تفوح من الأحاديث "الستينية" رغبة أكيدة في الاستعراض السياسي، وتظهير الغيرة على القانون، على حساب الدستور، الذي يقول ان قرار التشريع ملك مجلس النواب، ولو شكك البعض في دستورية تمديد ولايته، وان نشر الغسيل على حبال الشوارع السياسية لا يجدي إلا في استنفار الغرائز، وإن التلويح بالفراغ قرار أعمى، يتغافل عن إملاءات الدستور الواضحة التي تحدد واجبات الجميع ومسؤولياتهم، بما يمنع الميول المتزايدة نحو اعادة النظام الرئاسي القديم وصيغة 1943، أي تغييب رئيس الجمهورية دور مجلس الوزراء، واتخاذ مبادرات ومواقف خارج جلساته.
في كل ذلك، ضجيج مفتعل، و"عضلات سياسية" تُفتل غب الحاجة، بما يتناقض والتهدئة السياسية، التي أتت بالجنرال الى قصر بعبدا بعد طول إلحاح عاند منطق الديموقراطية البرلمانية، وتآلف مع فائض قوة السلاح. والمشهد الراهن لا يؤشر لسلامة العمل السياسي، والوقائع تدل على رغبة اطراف في اقتسام السلطة، جبنة وخبزا، لا تقاسم المسؤولية، الى حد يصعب على المواطن تنزيه هذه الطبقة السياسية عن المحاصصة، والأطماع الشخصية والحزبية والطائفية، وإلا، مثلاً، ما الذي هز "كيان" وزير الطاقة العوني في تقديم "القوات اللبنانية" مشروعاً لمشاركة القطاع الخاص في حل أزمة الكهرباء، كأن هذه إقطاعية ممنوع على غيره التفكير في حلول لأزمتها، بينما رحب زميله "القواتي" في وزارة الصحة، باستراتيجية منه تحفظ صحة اللبنانيين، ولو ممازحة. هو الفارق بين تقاسم السلطة واقتسام المسؤولية.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم