الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

"أوسكار" لأبطال صنعتهم الحرب... "الخوذ البيضاء" لـ"النهار": الفيلم المقبل عن اعمار سوريا

إسراء حسن
إسراء حسن
"أوسكار" لأبطال صنعتهم الحرب... "الخوذ البيضاء" لـ"النهار": الفيلم المقبل عن اعمار سوريا
"أوسكار" لأبطال صنعتهم الحرب... "الخوذ البيضاء" لـ"النهار": الفيلم المقبل عن اعمار سوريا
A+ A-

في الحرب القاسية، القبيحة بصورتها والشنيعة بجرائمها، تعلو أصوات الانسانية بين الركام وتحت الأنقاض تتوسل انقاذ أرواح فتية مسنّة بريئة ذنبها أنها في موقع زهق الارواح وإراقة الدماء من دون سبب.


وفي كل نفق مظلم ضوء أمل يقول للضمائر المجرمة بأن أفعالهم الدنيئة التي يشهد عليها العالم لن تمر من دون حساب، وهو ما عبّر عنه فيلم #الخوذ_البيضاء الذي يتحدث عن رجال الدفاع المدني ونشاطهم في #سوريا وتحديداً في مدينة حلب، فإلى جانب إنجازاتهم على الصعيد الانساني حققوا انتصاراً معنوياً لسوريا تمثل بالفوز بجائزة أكاديمية فنون وعلوم السينما "اوسكار" عن فئة أفضل فيلم وثائقي قصير... فما قصة هؤلاء المغامرين وكيف وصلوا إلى الـ "أوسكار"؟


 


فيديو لحظة الاعلان عن الفوز بالجائزة


[[video source=youtube id=GoITczcGJ_M]]


يقدّر عدد المتطوعين في الدفاع المدني بنحو 3000 شخص بين رجال ونساء موزّعين على 9 محافظات (اللاذقية، ادلب، #حلب، حماه، حمص، دمشق، ريف دمشق، القنيطرة، درعا) وهم مسؤولون عن مهام البحث والانقاذ والاطفاء وتقديم الاسعافات الأولية وبعض الخدمات في حلب للطوارئ، بحسب ما يقول مدير "الخوذ البيضاء" رائد الصالح لـ"النهار".



 


رحلة تنفيذ الفيلم


كيف بدأت الرحلة إلى الـ #أوسكار؟ يجيب المصور والمسعف خالد الخطيب "النهار": "أردنا من خلال هذا العمل التحدث عن المأساة التي يعيشها الشعب السوري يومياً، ونلقي الضوء على أشخاص الدفاع المدني الذين نذروا أنفسهم للمساعدة في تخفيف المعاناة عن شعب يقصف منذ 6 سنوات ونوجّه الأنظار إلى القضية السورية". أصحاب "الخوذ البيضاء" أرادوا أن ينبهوا العالم إلى أن "هناك أشخاصاً يموتون ويجب أن يقف العالم أمام مسؤوليته تجاه هذه المأساة ويتضامن مع الشعب حتى تنتهي هذه المعاناة"، لكنهم نسيوا أنهم قد يخسرون حياتهم مقابل هذه الرسالة، ويقول الخطيب: "نسينا أننا قد نفقد حياتنا في أي لحظة ووضعنا أمامنا الهدف وهو توثيق الحياة التي يعيشها الشعب السوري".



(بهذه الصورة احتفل السوريون بالجائزة)


تحضيرات الفيلم بدأت بعد اجتماع المصورين إلى جانب الخطيب، فادي الحلبي وحسن قطان في تشرين الثاني من العام 2015 مع المخرج أورلاندو فون اينسيدل في اسطنبول الذي أبدى اهتمامه بتنفيذ مشروع عن الدفاع المدني بعدما شاهد أعمالاً كثيرة عن فرق بحث الانقاذ وفيديوات انقاذ لأطفال تحت الأنقاض. بعدها انتقل المصورون إلى مرحلة اختيار المشاركين في تنفيذ الفيلم، واستغرق التصوير نحو الشهرين ونصف الشهر وعام واحد لإنتاجه وتولّت المهمة شركة "نتفيلكس". ويشدد الخطيب على انّ "الفيلم خالٍ من أي مشهد تمثيلي، ووجّهنا كاميراتنا على العناصر ومركز الدفاع المدني وصوّرنا تفاصيل حياتهم من خلال مرافقتهم في ظل القصف ونقلنا المعاناة كما هي".


نسأل الصالح، لماذا الاستعانة بمخرج عالمي وليس بمخرج سوري، فيوضح انّ "الخوذ البيضاء" ليس الوحيد الذي وثّق ما تقوم به فرق الدفاع المدني، إذ تم تصوير أكثر من فيلم بإدارة مخرجين سوريين وهناك مثلاً فيلم بعنوان "آخرالرجال في حلب" الذي حصل على جائزة عالمية في مهرجان "ساندانس" السينمائي في الولايات المتحدة الأميركية، وسبب الاستعانة بالمخرج أورلاندو يعود إلى خبرته في توظيف ما أردنا أن نوصله بجودة وتقنيات عالية اوصلتنا إلى الفوز بالجائزة".



 


المصور الطالب في الثانوية


لم يكن يملك الخطيب أي خبرة في التصوير قبل اندلاع الحرب في سوريا، كان طالباً في المرحلة الثانوية. وبعد خروج مدينة حلب من سيطرة النظام السوري جذب نظره وجود عدد كبير من الصحافيين الذين دخلوا سوريا وأحياء مدينة حلب وبدأوا يوثقون الجرائم التي ارتكبها النظام بحق المدنيين، فقرر أن يحمل الكاميرا ويتعلّم التصوير عن طريق الممارسة واعداد التقارير المصورة، مكتسباً خبرته من مركز حلب الاعلامي الذي عمل ضمن فريقه التطوعي.



 


مهمة قسرية


بالنسبة للصالح والخطيب، لا رغبة لديهما في الاستمرار في انتشال جثث الشهداء ويعتبرانها من أصعب المهام. ويستحضر الخطيب حادثة توجه أحد الافراد في الدفاع المدني إلى منطقة تعرضت للقصف، ليتبيّن أن من ينقذهم من تحت الأنقاض هم زوجته وأولاده.
ويتمنى ان يتوقف عن نشل مزيد من الشهداء والمباشرة في المشاركة في اعادة إعمار سوريا والانتقال إلى المرحلة الجيّدة، ويضيف: "شخصياً أتمنى أن لا أصوّر مزيداً من الشهداء والدمار والمصابين، أتمنى ان أصوّر أول فيلم عن إعادة اعمار سوريا".


ماذا عن الاتهامات؟


يعتبر الخطيب أنّ "اتهامات النظام السوري والتشكيك بصدقية رسالتنا أمر طبيعي، فما وثّقناه أحرج النظام لأنّ مطلق أي انسان يشاهد الفيلم سيعلم من المجرم ومن الضحية ومن يقتل المدنيين ومن المسؤول عن هذه الجرائم، هذا الفيلم فضح جرائم النظام السوري وعرّاه امام العالم وهذا ما أردناه"، لافتاً إلى أنّ "النظام وحلفاءه يتهمون هكذا منظمات إنسانية وفق عنوان الارهاب ولن نرد على هذه الاتهامات، لدينا ما هو أهم، وسنستمر في انقاذ الارواح".



 


عراقيل ما قبل الفوز


تلقى الخطيب دعوة من منظمي حفل "اوسكار" للقدوم إلى لوس أنجلس، فتوجّه إلى السفارة الأميركة في اسطنبول كي يحصل على تأشيرة دخول، وبعدما حصل عليها أبلغه أمن المطار أنه يوجد مشكلة في جواز سفره، فقرر ان يخرج بحل بديل عن طريق استخراج وثيقة سفر تمكنه من السفر. غير انّ ضيق الوقت حالَ دون حصوله على الوثيقة ولم يتمكن من الحضور. أما الصالح فيعلل سبب عدم تمكنه من الوصول إلى الحفل بسبب توليه مهام إضافية تزامنت مع اشتداد القصف على محافظة حلب.


ما حققه الفوز بـ"اوسكار"



 


يعتبر الصالح ان فوز الفيلم "أوصلنا إلى جمهور جديد تعرّف عن كثب إلى معاناة السوريين وحجم المأساة السورية"، مضيفاً: "كان هدفنا أن نشكّل عنصر ضغط لايقاف الدماء". ويشير إلى أنّ "حصولنا على هذه الجائزة يشكّل دفعاً معنوياً للمتطوعين بأنّ هناك من يقدّر تضحياتهم في انقاذ المدنيين من تحت الانقاض."
في حين يهدي الخطيب الجائزة للشعب السوري الذي عانى ولا يزال وكل شخص يحارب من أجل السلام، لافتاً إلى أنه "لم يكن في بالنا أي هدف فنّي عندما باشرنا في هذا المشروع ولم نتوقع الفوز، كان الهدف تسليط الضوء على المعاناة".


ويتمنى الخطيب أن "يفرح السوريون الفرحة الكبرى عندما يتوقف القصف وتعود سوريا آمنة وحين تتم محاسبة المجرمين الذين ارتكبوا مجازر ضد المدنيين وسببوا هذه المأساة التي دمرت البلد وهجّرت معظم الشعب، وأن ينقل بكاميرته الفرحة كبيرة التي عمت في وسط الشعب السوري"، ويقول: "هذا يمسّهم كونه يسلط الضوء على معاناتهم وتفاصيل بسيطة يعيش فيها المواطن السوري الذي يتعرض للقصف، هناك مواطنون يعانون أكثر من مجرد التهجير، وهناك مجرمون يستمرون بارتكاب المجازر عن طريق القصف بالطائرات الحربية"، ويتابع: "عندما رأينا فرحة الناس في سوريا، تأثرنا وقلنا : منذ زمن لم نرَ هذه الفرحة".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم