الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

ماهي "قصة" قانون العفو العام ومَن يطالب به؟ جريصاتي يتحدث لـ "النهار"

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
ماهي "قصة" قانون العفو العام ومَن يطالب به؟ جريصاتي يتحدث لـ "النهار"
ماهي "قصة" قانون العفو العام ومَن يطالب به؟ جريصاتي يتحدث لـ "النهار"
A+ A-

"صرنا في مراحل متقدمة في عملية البحث الجدي عن انضاج عفو عام على نحو لا يطوي مشكلة ليفتح مشاكل، ويلبي في الوقت عينه رغبات أطراف أساسيين في المشهد السياسي الداخلي".
هذه هي خلاصة حديث هاتفي امس مع وزير العدل سليم جريصاتي لاستيضاحه أبعاد الكلام الاعلامي الذي سرى امس عن قرب الافراج عن قانون عفو عام على غرار ما حصل غداة انطواء صفحة الاحتراب الاهلي وانطلاق العهد الجديد (يومذاك) القائم على اساس اتفاق الطائف.
أمر العفو العام "يحتاج الى مزيد من التمحيص والدرس ليكون في مقدورنا طي صفحة قضية وطنية، ولكننا عازمون على ان تبلغ الامور خواتيمها وفق الاطر القانونية والدستورية" وفق تأكيد وزير العدل المعروفة عنه حماسته لمعالجة الملفات الكبرى والتصدي لها بكل جرأة وأريحية.
الواضح ان الفكرة من اصلها وُضعت على بساط التداول وفرضت نفسها امرا واقعا من حاجة اطراف ثلاثة اساسيين لانضاجها ومن ثم دفعها الى دائرة التنفيذ في اقرب وقت.
الطرف الاول هو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي افصح اكثر من مرة وفي غير مناسبة عن رغبة في الوصول الى عفو عام يكون انجازاً مدوياً مع انطلاقة عهده. وهو بهذا المعنى يريد عفواً تقليدياً يكون نسجاً على ما بدأته عهود رئاسية سابقة في فاتحة وصولها الى الرئاسة الاولى.
اما الطرف الثاني فهو الرئيس سعد الحريري الذي، كما صار معلوماً، بدأ خطوات في رحلة البحث عما يسترضي شارعه السياسي والطائفي بأيسر السبل. لذا فهو سيكون في ذروة درجات السعادة اذا ما صدر عفو عام يشكل مقدمة لطي قضية أرّقته طويلا وأكلت من رصيده وكانت مادة دسمة يستغلها خصومه ويتاجرون بها وهي قضية الموقوفين الاسلاميين التي تعود جذورها الى ما لا يقل عن عقد من الزمن، اذ يقبع في السجون نحو 400 شخص غالبيتهم بلا محاكمات بتهم شتى منها جرائم الاعتداء على الجيش او الاخلال بالامن او الارتباط بمجموعات تدرج عادة في خانة المنظمات الارهابية، فضلاً عن ان الكثير منهم له علاقة بأحداث مخيم نهر البارد وما سبقها وتلاها.
واما الطرف الثالث فهو "حزب الله"، اذ من المعلوم ان الحزب بدأ يتعامل مع قضية المطلوبين في البقاع الشمالي باهتمام استثنائي بعدما اضحت قضية تتصل بنحو 7000 مطلوب (37 ألف مذكرة توقيف)، وهو حرك مياه هذا الملف وكلف قبل مدة هيئة قانونية لمتابعة الملف والبحث عن مخارج قانونية تنهي الحصار الامني المضروب على هؤلاء.
وتعليقاً على الضجة المثارة حاليا عن قضية العفو، فان جهات معنية بالموضوع لدى الحزب ابلغت "النهار" انها على علم بالمناخات الحالية، وانها ترصد مسار هذه القضية وتتمنى فعلا تحقيق انجاز في هذا الملف، لكنها ما زالت تقيم على حذر انطلاقاً من اعتبارين: الاول ان لا شيء عملياً قد ظهر في هذا الاطار، وتحديداً ليس هناك مشروع قانون جاهز. والثاني ألا يكون الامر في نهاية المطاف عبارة عن صفقة شاملة تتضمن اطلاق متهمين او ضالعين في جرائم الارهاب والمتعاملين مع العدو الاسرائيلي.
بهذا المعنى للموضوع عند الحزب محاذيره وضوابطه المطلوب التقيد بها قبل الولوج في عمقه.
ولكن كيف بدأت القضية؟ وما هي المسارات التي سلكتها الى الان، واستطرادا ما هي المحطات التي بلغتها؟
لم يعد سراً ان الاضواء سلطت على هذا الموضوع في الاجتماع الذي عقده المجلس الاعلى للدفاع في قصر بعبدا قبل مدة برئاسة الرئيس عون. ففي ذاك الاجتماع اثيرت قضايا تتصل بهذا الموضوع ومنها قضية الموقوفين الاسلاميين وما يُعرف بوثائق الاتصال واعمال الخطف التي كانت سجلت رقما قياسيا في تلك الفترة وباتت قضية امنية ووطنية مقلقة.
ولاحقا، فاتح عون اركان فريقه السياسي وفي مقدمهم وزير العدل بموضوع السير بقانون العفو العام. وعلى الاثر بادر الوزير جريصاتي الى معالجة قضايا "جرائم المطبوعات" في خطوة عُدّت فتحاً في هذا المجال. وبعدها فاتح الرئيس الحريري وزير العدل بموضوع معالجة قضية الموقوفين الاسلاميين. وبناء على هذه المناخات شرع جريصاتي ضمن صلاحياته في معالجة القضية المعروفة بوثائق الاتصال ومذكرات القاء القبض على المطلوبين في مناطق بقاعية، ولاسيما القضايا غير الجرمية (غير جرائم تصنيع المخدرات) بمعزل عن قانون العفو في خطوات يراد منها التمهيد لاجواء ايجابية تسهل استيلاد هذا القانون وتخفف العقبات امام هذا الهدف.
وبناء على كل هذا المسار الذي يسلكه بهدوء وروية منذ اكثر من شهرين، فان الوزير جريصاتي يلفت الى انه اذا قُدّر لهذا العفو ان ينضج ويصدر وفق المسارات القانونية الطبيعية، فالمطلوب استهلالاً وضع توصيف دقيق للجرائم التي يتعين ان تُستثنى من هذا القانون، ولاسيما جرائم القتل وتلك المتصلة بقضايا الارهاب والتفجيرات ومجزرة حلبا وسواها.
وبالاجمال، يبدو واضحا ان القضية وضعت على سكتها العملية، لكن الذي ما انفك بحاجة الى توضيح هو: متى يمكن ان يتحقق هذا الانجاز؟ واستطراداً ما هو عدد المستفيدين منه؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم