الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"14 آذار" إلى متحف والمعارضة مَن يجمعها؟

ايلي الحاج
"14 آذار" إلى متحف والمعارضة مَن يجمعها؟
"14 آذار" إلى متحف والمعارضة مَن يجمعها؟
A+ A-

كلام الرئيس الجنرال ميشال عون على سلاح "حزب الله" باعتباره مكملاً للجيش اللبناني، وظهور الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله مراراً في العهد الجديد مظهر الموجّه العام للجمهورية ومرشدها، كشفا تلاشي مفاعيل أكداس من أوراق عمل ووثائق وتوصيات ودراسات ومحاضر ومواقف وصور جامعة صدرت مدى 12 سنة عن قوى 14 آذار ، يعرض منسقها العام السابق الدكتور فارس سعَيد فكرة حفظها في متحف، أو مركز أبحاث وتوثيق لجامعة ما في لبنان، تتيح للأجيال الآتية الاطلاع عليها، للتاريخ والتأمل على الأقل.


تباعاً وعلى مدى سنوات تهاوى تحالف 14 آذار . كان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الأكثر صراحة في الخروج منه ذات 2 آب 2009 بعد الانتخابات النيابية في ضوء قراءته لأبعاد ما جرى يوم "7 أيار المجيد" كما سماه نصرالله عام 2008. في هذه البلاد أمن الطائفة يسبق دوماً أي اعتبار. تلى خروج جنبلاط من التحالف انخراط الرئيس سعد الحريري في حقبة التفاهم السعودي - السوري الذي سمي بالـ "سين - سين" وصولاً إلى زيارته لدمشق في 19 كانون الأول 2010، وغيبته الطويلة عن لبنان والاكتفاء بالتأكيد على الثوابت، لا سيما منها التمسك بالمحكمة الدولية ورفض هيمنة سلاح "حزب الله"، ثم تراجع القدرات المالية لـ"تيار المستقبل" الذي سيخلف تأثيرات متباينة. بقي رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الصوت الأعلى في وجه "حزب الله" ومحور قوى 8 آذار الذي يدور حوله، وبات لاحقاً مرشح 14 آذار لرئاسة الجمهورية، في مقابل ترشيح النائب آنذاك الجنرال عون على قاعدة التفاهم الذي أبرمه مع "حزب الله" في كنيسة مار مخايل يوم 6 شباط 2006. لكن جعجع بعد محاولة اغتيال جدية جداً تعرض لها بإطلاق الرصاص عليه من بنادق قنص بعيدة المدى في معراب يوم 4 نيسان 2013 رأى أمام وفد كبير من مثقفين وكتّاب وصنّاع رأي وناشطين سياسيين أن الظروف الإقليمية والداخلية غير مناسبة ليقود هو مواجهة مسيحية – إسلامية شاملة، سلمية بالطبع ضد "حزب الله". دعا جعجع على النقيض إلى التروي وتغليب المنطق والحساب. ستقود هذه الواقعية السياسية على التوالي الحريري وجعجع وجنبلاط إلى سلسلة من محاولات التوصل إلى تسويات مع حزب صلب أصر على ربح كامل، تمكن من تحقيقه بإيصال مرشحه الأوحد الجنرال عون إلى الرئاسة بعدما فرض فراغاً فيها استمر سنتين ونصفاً.
فليغرق فارس سعَيد في أكداس صور ووثائق لطالما تعب سمير فرنجية وصحبه في تدبيجها من أجل "العبور إلى الدولة". ركبت سلطة جديدة على أساس تحالفات لا تركب. في مجلس خاص سيعترف أحد النواب البارزين في "تكتل التغيير والإصلاح:" عقدنا تفاهمات متناقضة مع "حزب الله" ومع "القوات اللبنانية" ومع "تيار المستقبل"، ونحاول قدر الإمكان التوفيق في ما بينها. يا لها مهمة صعبة!". ليس وحده "التيار العوني" في هذا الوضع، وليس سهلاً على "المستقبل" ولا "القوات" التأقلم مع ضرورة البقاء تحت سقف تسوية أدخلتهما حكماً يترأسه حليف لـ"حزب الله" يُعلن مساواة سلاحه الذي يعترضان عليه في لبنان وسوريا مع الجيش اللبناني، ولا يستطيعان لإبداء رد فعل سوى العودة إلى أرشيف كلام التحالف السابق، القديم. ساعدهم الرئيس عون في طي الموضوع بالتحدث خلال زيارته للقاهرة عن حياد لبنان حيال الصراعات في المنطقة.
إلا أن لبنان كله صار على مثال "حزب الله"، يقول جنبلاط، ملاحظاً التكتلات والتحالفات القائمة على أساس طائفي ومذهبي. كان الزعيم الاشتراكي رفض مشروع القانون الانتخابي المختلط معترضاً على تعدد المعايير فيه. عندما أعلن الرئيس عون موقفه من سلاح "حزب الله" أصيب بـ"نقزة" وبعدما أطل الأمين العام للحزب تلفزيونياً بفارق ساعات داعياً إلى النظام النسبي الكامل ومطمئناً المتوجسين والهاجسين أيقن جنبلاط أن الأفضل عدم الوقوف وحده في وجه العاصفة. عاد إلى القبول بـ"المختلط" مع بعض تعديلات أودعها الرئيس نبيه بري الذي تعهد له عدم السير بأي قانون انتخابات لا يلقى موافقة القوى الأبرز في كل الطوائف. رغم ذلك يردد متابعون من كثب أن "السيد نصرالله قال إن القانون الأنسب هو النسبية، يعني ستحصل الانتخابات بقانون النسبية. لا تتعبوا قلوبكم".
ماذا عن شتات القوى والشخصيات التي ترى نفسها معارضة، حزب الكتائب و"تيار المردة" وحزب الأحرار والجنرال أشرف ريفي والنائب بطرس حرب وسواهم ، هل تستطيع أن تجتمع وتواجه محادل التفاهمات الكبيرة في الانتخابات؟
"هي قادرة إذا توصلت إلى قراءة موحدة للأوضاع، وصياغة تحالفات في ما بينها- تبقى رهن القانون الجديد وتقسيماته - والاتفاق على عنوان سياسي للمرحلة. عليها عدم انتظار إقرار القانون الجديد للتحرك والمبادرة"، تقول إحدى الشخصيات البارزة في هذه "المعارضة".
ولكن مَن سيجمعها وينسق في ما بينها، فارس سعَيد؟ " لا لا أبداً. إنهم معترضون كلٌ من مكانه على الاستفراد في الإدارة السياسية الطائفته، المسيحية أو المسلمة أو الدرزية، اختزالها في السلطة وخارجها. خياري مختلف ولا أرى مصلحة للبنانيين إلا في العيش معاً، وليس المساكنة أو الفصل. الدستور ووثيقة الوفاق الوطني والخيار العربي للبنان وقرارات الشرعية الدولية وحقوق الإنسان. إنتاج كل طائفة مرجعية سياسية لها يعني حرباً باردة، والسير في ركب إيران ونظام الأسد يعني خروجاً على النظام العربي. هل يستطيع التفاهم على هذه النقاط الكتائب والأحرار والنائب سليمان فرنجية والرئيس نجيب ميقاتي واللواء أشرف ريفي ووئام وهاب مثلاً؟ لا يستطيعون ولست معنياً بجمعهم". وفارس سعَيد يتخصص في حوار الأديان، وخلافات الشرق والغرب. جمع في منزله الوزير السعودي ثامر السبهان ومطارنة يحملون صلباناً كبيرة على صدورهم. عقد خلوة لـ"لقاء سيدة الجبل" الذي يترأسه أصدرت توصيات شبيهة بأكداس توصيات سابقة.آخر هذا الشهر يشارك في مؤتمر بدعوة من شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، ويفكر في مركز للحوار المسيحي – الإسلامي عربياً ودولياً، انطلاقاً من لبنان. لكن يهمه ما يجري في جبيل وكسروان والبترون . وأكثر فأكثر تبتعد 14 آذار عن نقطة لقاء جامع وتدخل التاريخ.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم