السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

مشروع جر مياه الليطاني "الملوّثة" إلى بيروت جُبه بمعارضة أهلها

سلوى بعلبكي
سلوى بعلبكي
مشروع جر مياه الليطاني "الملوّثة" إلى بيروت جُبه بمعارضة أهلها
مشروع جر مياه الليطاني "الملوّثة" إلى بيروت جُبه بمعارضة أهلها
A+ A-

رغم الدراسات التي أثبتت ان مياه نهر الليطاني ملوّثة بمعدلات قياسية وتحتوي على معادن ثقيلة تسبّب أمراضاً مستعصية منها مرض السرطان، يعكف مجلس الانماء والاعمار على تنفيذ مشروع يقضي بتزويد بيروت الكبرى بمياه نهر الليطاني عبر انشاء سد على نهر الاوّلي. في المقابل، قام الهيدرو جيولوجي فتحي شاتيلا عام 1996 بوضع دراسات عن نهر الدامور تبين بنتيجتها انه بالامكان تخزين وجرّ اكثر من 130 مليون متر مكعب سنوياً بواسطة سد يبعد كيلومترين عن ملتقى النهرين. فأي من هذين المشروعين هو الافضل لتزويد بيروت الكبرى بالمياه؟
أكدت الدراسات التي وضعها عدد من الخبراء اللبنانيين منهم الباحث في مجلس الانماء والاعمار الدكتور كمال سليم، رئيس الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية الدكتور اسماعيل سكرية، المدير العام لمصلحة الابحاث الزراعية في تل العمارة الدكتور ميشال افرام، الباحث البيئي الدكتور ناجي قديح، واستاذ البيئة في كلية العلوم- الجامعة اللبنانية والباحث في المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور عارف ضياء، ان نهر الليطاني هو عبارة عن مكب للنفايات والبقايا الحيوانية والمسالخ ونفايات المستشفيات ومحطات البنزين والنفايات الصناعية وبقايا الاسمدة والمبيدات، وهي تشكل خطراً كبيراً على الصحة العامة. كما أن هذه المياه التي يمكن معالجتها بتكاليف باهظة تعرض سكان بيروت لأخطار صحية. اما مياه نهر الدامور، فقد أثبتت الدراسات وخصوصاً تلك التي وضعها الخبير ضيا ومختبر جبر- غرّة، المكلف من مجلس الانماء والجامعة اللبنانية الاميركية، ان مواصفاتها مطابقة لمواصفات مياه الشفة التي وضعتها منظمة الصحة العالمية.
والأنكى أن المقارنة بين كلفة المشروعين تبيّن أن كلفة انشاء سد بسري على نهر الاوّلي لجرّ مياه نهر الليطاني تبلغ كلفته نحو 808 ملايين دولار، في حين أن الكلفة الاجمالية لجرّ المياه من نهر الدامور، بما فيه انشاء السد، واستملاك الاراضي، وبناء محطة لتكرير المياه واخرى لضخ المياه مع ناقل للمياه بطول 27 كيلومتراً، تبلغ 153 مليون دولار. علماً أن دراسة الجدوى التي وضعها مجلس الانماء لنهر الدامور عام 2007 وقام بتطويرها عام 2013، بيّنت انه في الامكان وبواسطة سد يبلغ ارتفاعه 100 متر فقط، تخزين وجرّ 100 مليون متر مكعب، اي ما يعادل 500 الف متر مكعب يومياً لتزويد بيروت الكبرى بالمياه خلال فترة الشح. الا ان مجلس الانماء والاعمار وفق ما يقول شاتيلا، "تستّر على كل هذه النتائج لاستبعاد تزويد بيروت الكبرى بالمياه من نهر الدامور". وسأل: "اذا كانت وزارة الطاقة ومجلس الانماء والبنك الدولي الذي موّل المشروع، على اقتناع بصوابية هذا المشروع وجدواه، فلماذا يحرص على ان يطلق عليه اسم "مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه – جر مياه نهر الاوّلي" وليس "مشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه - جر مياه نهر الليطاني"؟
ومع تجاهل رأي اهالي مدينة بيروت، إرتأى وفد منهم طرح المشكلة على وزير الداخلية نهاد المشنوق فزاره يوم الجمعة الماضي في حضور الدكتور ضيا والناشطة البيئية هيام كريدية من" جمعية مياهنا"، وسلّمه نسخة من كتاب يشرح فيه التفاصيل الآنفة الذكر. وفيما سلّم ضيا الوزير المشنوق 3 ملفات تتعلق بنوعية مياه نهر الليطاني ونهر الدامور التي خلصت الى ان مياه نهر الليطاني لا يمكن معالجتها بالطرق التقليدية، بل بإستخدام اجهزة متطورة كلفتها باهظة في حين أن مياه نهر الدامور صالحة للإستخدام المنزلي، استغرب شاتيلا الدراسة التي وضعها البنك الدولي عام 2011 والتي قرر على اساسها تمويل مشروع جر مياه نهر الليطاني لتزويد بيروت الكبرى بالمياه بقرض تبلغ قيمته 200 مليون دولار. وأشارت الدراسة الى ان مياه نهر الليطاني ملوّثة بمعدلات مقبولة وانه يمكن معالجتها بالطرق التقليدية لكي تصبح صالحة للشرب. واستناداً الى هذه الدراسة، يقوم مجلس الانماء والاعمار وبعدما حصل على قرض من البنك الاسلامي للتنمية بقيمة 128 مليون دولار، ببناء محطة لتكرير مياه نهر الليطاني في بلدة الوردانية لمعالجة مياه نهر الليطاني بالطرق التقليدية. ولكن العيّنات التي أخذت من نهر الليطاني لإجراء الدراسة، وفق ما يوضح شاتيلا لـ"النهار"، كانت بين شهري نيسان وآذار حيث يكون تصريف النهر في أقصاه. في المقابل أهمل البنك الدولي دراسة بيّنت أن نسبة مياه الليطاني هي 80 ضعفاً عن مياه نهر الدامور".
وقد دعم المشنوق الحقائق التي عرضت في اللقاء بتأكيده أنه حصل على معلومات تشير الى ان مياه نهر الليطاني ملوّثة بمعدلات تزيد عن تلك التي اشار اليها الدكتور ضيا، بما حدا شاتيلا الى القول "ان المشنوق اصبح في موقف يحتّم عليه الوقوف ضد تزويد بيروت الكبرى من مياه نهر الليطاني".


مشروع يجمع المشروعين
بما أن مجلس الانماء باشر قبل اكثر من عامين في تنفيذ مشروع شق نفق بطول 24 كيلومتراً يمتد من نهر الاوّلي حتى بلدة خلدة، مروراً بنهر الدامور بكلفة 191 مليون دولار. وحتى لا تضيع الاموال التي سددت لتنفيذ هذا النفق سدى، اقترح شاتيلا حلاً للافادة من النفق ويقضي بجر مياه نهر الاوّلي (وليس الليطاني) لتزويد بيروت الكبرى خلال فترة الغزارة، على ان يتم تزويدها بالمياه خلال فترة الشح من نهر الدامور.
وإذ من المتوقع ان يناقش المشنوق هذا المشروع مع مجلس الانماء والبنك الدولي، توقع شاتيلا أن يحظى الاقتراح على موافقة البنك الدولي حتى "لا يتفادى جر مياه نهر الليطاني الى بيروت. إلا أن مجلس الانماء وبعض السياسيين المنتفعين من مشروع جر مياه الليطاني الى بيروت قد يعرقلون مشروعنا خصوصاً ان كلفة تنفيذ مشروع سد بسري على نهر الاوّلي تبلغ 617 مليون دولار فيما تبلغ كلفة تخزين وجر مياه نهر الدامور 153 مليون دولار". ويتخوّف من وضع دراسات ملفقة او اعتماد تلك التي وضعها مجلس الانماء عام 2007 والتي تشير الى انه يمكن تخزين وجر 42 مليون متر مكعب سنوياً فقط لتزويد بيروت الكبرى بالمياه، وهي كمية لا تكفي لسد حاجاتها إلا على المدى القريب.
وإذ دعا الجهات المعنية الى التحقق من كل المعلومات التي عرضها ولديه وثائق تثبت صحتها، أكد شاتيلا أن أهل بيروت لن يقبلوا بتزويد مدينتهم مياهاً ملوّثة فيما المياه الصالحة متوافرة وبكلفة أقل على الدولة، معتبراً أن الاصرار على التنفيذ يطرح علامات استفهام كثيرة عن المستفيدين.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم