الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"خطوط تماس" أميركية

علي بردى
A+ A-

تجرد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الديبلوماسية من كل ملابسها التقليدية. لا يعترف بأعرافها. خلافاً للاعتقاد الشائع جداً، لا يبدو أنه يأخذ الولايات المتحدة الى عزلة عن العالم. تعكس الأسابيع الثلاثة الأولى من حكمه توجهات صِدامية في العلاقات الدولية. تفيد المؤشرات الأولى أن ترامب يحاول إعادة رسم خطوط التماس، أو الخطوط الخضر، مع كبرى القضايا وأخطرها في الساحات الدولية. يظهر ذلك واضحاً ليس فقط من المسار الإنتخابي الطويل الذي أوصله الى البيت الأبيض. تتضح شيئاً فشيئاً السياسات والإستراتيجيات التي تريد إدارته اعتمادها فعلاً وخصوصاً عبر الأمم المتحدة ومع أمينها العام أنطونيو غوتيريس.
ما أن قدّمت المندوبة الأميركية نيكي هايلي أوراق اعتمادها، طلبت جلسة طارئة لمجلس الأمن في شأن التجربة الصاروخية الإيرانية. وجهت مع مسؤولين آخرين في إدارة ترامب ما يشبه الإنذار - وإن غير واضح - الى الجمهورية الإسلامية. أصدر البيت الأبيض بياناً عن المحادثة الهاتفية بين ترامب والملك سلمان بن عبد العزيز جاء فيه أن العاهل السعودي والرئيس الأميركي "اتفقا على أهمية التطبيق الحازم لخطة العمل الشاملة المشتركة مع ايران والتعامل مع النشاطات الإقليمية الإيرانية المزعزعة للإستقرار". نددت بـ"الإحتلال" الروسي في جلسة عن أوكرانيا، مؤكدة أن "الأزمة ستتواصل" بين واشنطن وموسكو "ما لم تحترم روسيا سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها". لم تستعجل اتخاذ موقف من التجربة الصاروخية التي أجرتها بيونغ يانغ في اتجاه بحر اليابان خلال اجتماع رئيس وزرائها شينزو آبي مع ترامب في مار - آ - لاغو، "البيت الأبيض الشتوي" لترامب في ميامي. غير أن الرئيس الأميركي أكد أنه سيمنع كوريا الشمالية من تهديد الولايات المتحدة وحلفائها.
اعترضت المندوبة الأميركية - وربما عطلت - اقتراح الأمين العام للمنظمة الدولية تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة الى ليبيا. رأت فيه "ممثلاً لفلسطين"، الدولة التي لم تعترف بها الولايات المتحدة. أثار هذا الموقف زوبعة لم تنته بعد. بيد أن دلالاته كثيرة وعميقة. تريد الإدارة الأميركية رسم خط تماس مع المنظمة الدولية. سلاح ترامب مع غوتيريس هو الحصة المالية الضخمة للولايات المتحدة من موازنة الأمم المتحدة (٢٢ في المئة).
هذه النظرة من أميركا ترامب الى فلسطين ربما كانت تدلّ ما يكفي الى الملف الذي سيحمله "صهر الرئيس" جاريد كوشنير، بصفته مبعوثاً أميركياً لعملية السلام في الشرق الأوسط. بعض ما فيه أنه سليل أسرة معروفة بتأييدها الشديد لإسرائيل واستيطانها الأراضي الفلسطينية المحتلة. ترامب أعلن أن "المستوطنات لا تساعد على السلام".
ليس لأحد غير الأميركيين أن يجادل في ما يريدونه لبلدهم ولمستقبل علاقاته مع بقية الأمم. لكن هذه المواقف وغيرها تؤكد طابع التدخل والإنخراط. ليست أميركا على طلاق مع العالم، بل ترسم خطوط تماس جديدة معه.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم