الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

ترامب يشبهنا تماماً

غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
ترامب يشبهنا تماماً
ترامب يشبهنا تماماً
A+ A-

بعيداً عما يمكن ان يكون الرئيس الاميركي دونالد ترامب يخطط له في السياسة الخارجية، وما يمكن ان تجره سياساته من حروب وازمات عالمية، فان انتقاد العرب والمسلمين، وبعض المسيحيين ايضاً، للرئيس الجديد يأتي في غير محله، اذ ان ترامب يشبه هؤلاء الى حد بعيد.


للعنصرية وجوه متعددة يمارسها ترامب، وينفذها منتقدوه، ونحن منهم، وكلها تنتفي مع المبادىء العالمية لحقوق الانسان، وبالتالي مع أبسط الحقوق الانسانية الطبيعية التي يجب ألا يحدها قانون او شرعة وضعية او أعراف وتقاليد.
يعتمد ترامب سياسة عنصرية حيال رعايا 7 دول مسلمة او ذات اكثرية اسلامية، وليس حيال المسلمين جميعا، اذ لم يمنع من السفر رعايا الدول الخليجية او مصر، ولم يحظر المسلم البريطاني والفرنسي والجزائري والمغربي.
ثمة تضييق على السفر الى اميركا بحجة حماية الامة، تقابله اجراءات منع وتضييق على كل الرعايا العرب في العالم العربي. المواطن العربي يحتاج الى تأشيرة ليزور بلدا عربيا آخر، ويمكن ان ينتظر اشهرا، وتحجب عنه تأشيرة الدخول، من دون الحق في السؤال عن السبب. ويتم التعامل بفوقية مع العربي في عالمه، اذ تعطى التأشيرات، حتى في لبنان، لمواطني الدول الغنية، في حين يواجه ديبلوماسيو الدول الاكثر فقرا تشدداً في الاجراءات. واذا كان ترامب ظالما، فان حكام العرب بمعظمهم ظالمون، وهم يقتلون مواطنيهم رفضا للتغيير او للتنازل عن السلطة، وقد شاهدنا فصولا في ليبيا والعراق ومصر وغيرها، والمثال السوري امامنا وهو يستمر في قتل شعبه. فمن يكون اظلم بحق العرب، ترامب ام حكامهم؟
عنصرية ترامب ضد المسلمين، وعنصرية المسلمين ضد مواطنيهم المسيحيين، فيعاملونهم كأهل ذمة من دون تسمية معلنة، اذ لا حقوق لهؤلاء حتى لدى الانظمة الاكثر انفتاحا على الغرب.
والمسيحيون في عالمنا، كما المسلمين، يمارسون عنصريتهم ضد العاملين السود، اي عمال التنظيفات في المنازل والمصانع ومحطات الوقود، فيعاملونهم بفوقية مذلة. وتمنع الخادمات من العطلة والتنزه والتواصل، واحيانا تحرم الاكل والراحة.
واذا كان ترامب يهدف الى اولوية الاميركيين في العمل، فانه يمارس حقا تمارسه حاليا كل الدول العربية، فلبنان يشكو من العمالة السورية ويحاربها، ودول الخليج العربي من السعودية الى الامارات وغيرها، وضعت خططا لتخفيف العمالة الاجنبية واستبدالها بيد عاملة محلية.
صحيح ان كل ما ورد سابقا لا يبرر تصرفات ترامب، ولا يشبه الولايات المتحدة الاميركية التي ادمنت الحرية والديموقراطية لمواطنيها وعلى ارضها، ويكاد يلحق تلك البلاد بركبنا المتخلف، لكن الحقيقة ايضا ان على منتقديه ان يقفوا بعض الوقت قبالة المرآة قبل ان يتلفظوا بكلمة، وان يبادروا الى تغيير ما في انفسهم وفي بلادهم اولا.


[email protected] / Twitter:@ghassanhajjar

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم