الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أولى أولويات هذا العهد "وسيط الجمهورية"

أمين عاطف صليبا
A+ A-

قانون إنشاء وسيط الجمهورية أقرّه المجلس النيابي منذ حوالى 15 سنة، لكنه لم ينفّذ حتى اليوم. لا بدّ من شرح أهمية هذا الوسيط ودوره في الدول الديموقراطية. انطلقت جذور هذه المؤسسة الرقابية من أسوج في القرن السابع عشر(1640) وقد اعتمدها أمير أسوج إثر عودته من الاستانة حيث لجأ بعد عزله وطرده على يد أخيه، فأمضى عقداً من الزمن في حماية السلطنة، وأعجِبَ بدور "نظام الحسبة" المُطبّق في ظل الحكم العثماني، والمنبثق من الشريعة الإسلامية، والذي يُمكّن كل مواطن من اللجوء الى ديوان المظالم ليشكو ظلامتهالواقعة عليه من السلطة أو من الغير. هذه هي جذور نظام "الأمبودشمن" باللغة السويدية وتعني "المدافع عن الحق". ومن أسوج أخذت هذه المؤسسة الرقابية تنتشر في أرجاء اوروبا لمساعدة أي مواطن من خلال اللجوء اليها لرفع المظلمة عنه في وجه تسلط إدارات الدولة عليه. وقد اعتمدت فرنسا تسمية "وسيط الجمهورية" فاعتمدها لبنان أيضاً، وقلما تجد دولة أوروبية أو أميركية لا تعتمدها. لماذا لم تبصر هذه المؤسسة النور في لبنان؟ ربما لأنهم لم يتفقوا على مذهب هذا الوسيط! وربما لم يستحسن أهل السياسة وجوده في النظام اللبناني، لأنه - اللهم اذا كان لديه الحد الأدنى من الاستقلالية والصدقية – سيقف كالمارد في وجه كل تسلطٍ جارِ على المواطنين، وسيكون الرادع الأول للفساد المستشري في ادارات الدولة وعلى كل المستويات، إذ من خلاله لن تدفن قضايا الفساد، التي تطالعك يومياً في الأخبار. واذا ما عدنا الى السؤال: أين وصلت التحقيقات في قضايا الفساد التي كشفتها وسائل الأعلام؟ لا نجد جواباً!! أضف الى ذلك التعطيل المقصود للثلاثية الرقابية التي أوجدها الرئيس الراحل فؤاد شهاب، والتي من دونها لا نهوض لدولة القانون عنيتُ بها: التفتيش المركزي، ديوان المحاسبة، مجلس الخدمة المدنية، تلك المؤسسات التي تشكل العمود الفقري لجسم الدولة، فهي موجودة نظرياً، لكنها فعلياً لا دور لها، لأنها وياللأسف ترتبط بمرجعياتها السياسية.
لذلك نطلق النداء مطالبين فخامة رئيس الجمهورية بأن تُقر المراسيم التطبيقية لوسيط الجمهورية، كأولى أولويات العهد. وقد لا أكون مغالياً، إذا ما طالبت بوجود وسيط الجمهورية، قبل أي شيء آخر في هذه الدولة، وليكن خيار شخصية هذا الوسيط – ومن أي مذهب كان - على شاكلة الوطن، وعلى قدر طموحات هذا العهد الذي يعرف قبل غيره أنه لا نهوض للوطن من دون القضاء على الفساد لحماية المال العام من الفاسدين ومن يحميهم. فلا تتردّد، يا فخامة الرئيس، ويا دولة الرئيس، لأنه لم يعد هناك من مُبرّرات لعدم اعتماد هذه المؤسسة الرقابية المصنفة من خارج الادارة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم