الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

أردوغان يدفع ثمن حساباته السورية

أردوغان يدفع ثمن حساباته السورية
أردوغان يدفع ثمن حساباته السورية
A+ A-

مع كل تحول مشبوه في سياسة رجب طيب أردوغان حيال سوريا، يواجه الرئيس التركي مأزقاً جديداً يكلف أنقرة مزيداً من رصيدها الإقليمي والدولي. فعندما اعتبر نفسه شريكاً في الثورة السورية وحاول فرض أجندته الإسلامية عليها مشرعاً أبواب تركيا للمتشددين من جهات العالم الاربع الذين حولوا سوريا أرضاً للجهاد، عرض بلاده لأخطار كبيرة سرعان ما انفجرت بوجهه اعتداءات وهجمات انتحارية كبدت أنقرة خسائر بشرية ومادية كبيرة. وعندما عدل خططه السورية وقلص طموحاته الى مجرد منع إقامة كيان كردي مستقل على حدود تركيا، واعتذر لروسيا وسهل لها تسليم حلب الى النظام، انفجر الوضع في وجهه مجدداً بمقتل أول سفير روسي على الأراضي التركية، وهو ما وصفه محللون اتراك بأنه عار سيتحمل وزره الشعب التركي.


صعق الهجوم الأتراك الذين لم يفيقوا بعد من صدمة الهجمات المتلاحقة التي تضرب مدنهم وبلداتهم. ولن تطمئنهم كثيراً مسارعة الحكومة الى تحميل حركة فتح الله غولن مسؤولية الجريمة. فسواء أكان القاتل منتمياً أم لا إلى حركة الداعية الاسلامي الذي سيلقي عليه أردوغان تبعات كل ما تتعرض له بلاده حتى أجل غير مسمى، لا شك في أن هتافه "لا تنسوا حلب، لا تنسوا سوريا"، سيتردد طويلاً في الشارع التركي وقد يلقى صدى لدى آخرين كثر متحمسين لحلب ومدن سورية أخرى.
ومع ذلك، لن يكون أردوغان مستعداً، أقله على المدى القريب، للتراجع، وربما ساعده في ذلك رد الفعل الروسي. فمع أن مقتل ديبلوماسيها يشكل الضربة الاقسى تتعرض لها موسكو منذ بدء تدخلها العسكري المباشر في سوريا، وفيما ذهب البعض الى تشبيه الجريمة باغتيال أرشيدوق النمسا زانتس فرديناند الذي أشعل شرارة الحرب العالمية الاولى، سارع الكرملين الى اعتبار ما حصل محاولة للايقاع بينه وبين أنقرة.
الواضح أن المكاسب التي حققها الانفتاح الروسي - التركي كبيرة جداً لموسكو تحديداً، وأهم من المجازفة بها بالرد على اغتيال ديبلوماسي مخضرم. ففيما بقيت انجازات "درع الفرات" الحاصلة على مباركة روسية محدودة، تمكن بوتين بتواطؤ تركي من تسليم حلب الى النظام، في ضربة هي من الاقوى لخصومه في سوريا.
كعادته سيحاول أردوغان الرد على هذه الصفعة لبلاده بتشتيت الانتباه عن سياساته السورية الفاشلة واعادة تنشيط سيناريو المؤامرة الدولية التي تتربص ببلاده
والتي يحركها غولن حيناً وأميركا حينا آخر، فيما تستنزف تركيا مزيداً من رصيدها الاقتصادي ومكانتها الاقليمية والدولية.


[email protected]
Twitter: @monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم