الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

من ملعب إلى آخر

امين قمورية
A+ A-

طويت صفحة المأساة الحلبية الطويلة. لكن الحرب في سوريا لم تنته ولن تنتهي. عمليات نقل المقاتلين وعائلاتهم من المدينة المنكوبة ومن الفوعة وكفريا المحاصرتين، وقبل ذلك من الزبداني وداريا ومضايا وسرغايا الى مناطق أخرى مرشحة بدورها لجولات جديدة من القتال، اشبه بنقل اللاعبين من ملعب في مدينة بعد انتهاء مباراة، الى ملعب آخر في مدينة أخرى للاستعداد لمباراة مقبلة.
انها الحرب المجنونة تتنقل من منطقة الى أخرى. والموت والخراب مستمران. والحرب التي تخوضها قوى محلية بالوكالة عن ارادات خارجية لا تنتج الا استقراراً بالوكالة مرهوناً بتعقيدات السياسات الدولية والاقليمية وتبدل التحالفات والمصالح. وهذا لا يشي بسلام راسخ آت بل يشي بانطلاق مرحلة جديدة من الحروب والصراعات والفوضى في ظل الاستنفار المذهبي.
في حلب تغيرت قواعد اللعبة المستقرة منذ سنوات على خطوط تماس شبه ثابتة. وحسم النظام المتحالف مع روسيا وايران المعركة بالضربة القاضية. ولكن ماذا عن ادلب والارياف الشمالية؟ ماذا عن الباب وبلدات المربع التركي الذي رسم حدوداً جديدة في الصراع السوري؟ من سيدخل الرقة ودير الزور؟ وماذا عن بادية الشام وقلبها تدمر؟ وما مصير القطاعات الكردية التي شقّها تدخل أنقرة؟
الصمت الغربي يوحي بتسليم اميركي باطلاق يد موسكو وحلفائها في المستطيل الجغرافي المسمى "سوريا المفيدة". كذلك الصمت التركي المشوب برائحة الصفقات. ولكن ماذا عن مصير بقية المستطيلات والمربعات في الارجاء السورية الأخرى؟
سياسة أوباما ازاء سوريا وصفت بالمترددة والمتخاذلة. لكن الثابت ان هذه السياسة أطالت عمر الحرب وجذرتها. وثمة من يقول إن واشنطن الاوبامية كانت ستعتبر نفسها خاسرة اذا ربح اي من طرفي الاقتتال في سوريا. فهل سقوط حلب مؤشر للانتقال الى سياسة أميركية جديدة، أم لفرض ممر إلزامي على الادارة الجديدة؟ وهل يتعاون ترامب مع صديقه الروسي المفترض بوتين في رسم مسار سوري جديد يقود الى حل سياسي متوازن يرضي الجميع ويقضي على الارهاب ويمهد لخلاص سوريا، أم يخلي لموسكو وحلفائها ملعبهم الحالي ويتفرغ للملاعب السورية الاخرى عبر وكلاء جدد بعدما اثبت الوكلاء الحاليون فشلهم؟
السير الاميركي على طريق الحل المثالي في سوريا يبدو مستحيلاً في ظل المشهد القاتم الحالي، وخصوصاً في ظل ادارة أميركية متطرفة لا تنظر الى سوريا والشرق الاوسط الا بالمنظار الاسرائيلي. أما خيار اعادة خلط الاوراق على الملعب السوري، فهو الارجح، مع ارتفاع الضغط الاميركي الايراني، وترسيخ التناقض التركي الكردي، والاستنفار الغربي على دول الخليج.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم