الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

النسبية أو تعجيز العملية الانتخابية: كيف السبيل إلى تدريب المواطنين على هذه الآلية؟

بيار عطاالله
النسبية أو تعجيز العملية الانتخابية: كيف السبيل إلى تدريب المواطنين على هذه الآلية؟
النسبية أو تعجيز العملية الانتخابية: كيف السبيل إلى تدريب المواطنين على هذه الآلية؟
A+ A-

مع إصرار الجميع على قانون جديد للانتخابات، وتمسُّك المسيحيين بتحقيق صحة التمثيل وتطبيق كلام البطريرك مار نصرالله بطرس صفير: "الدستور اعطانا 64 نائباً ونريد 64"، تبرز مشكلة أشد وادهى وتتمثل في كيفية تطبيق هذه النسبية السحرية وتعليم اصول العمل بها الى الناخبين على امتداد الجمهورية.


صحيح ان النسبية تشكل احد الحلول لمشكلة تأمين صحة التمثيل، لكن ثمة مشكلات أساسية تعترض طريقها في بلاد لم تخرج بعد من سياسة "المختار والناطور" و"الكيل بمكيالين" واعتماد اساليب ووسائل غير شرعية لتأمين الفوز في الانتخابات، علماً ان النسبية المعتمدة في اسرائيل مثلاً لم تقدم حلاً كاملاً لمشكلات المجتمع السياسي رغم التجانس المبدئي ما بين مكونات الاكثرية اليهودية، بحيث اصبح معروفاً ان غالبية الحكومات إنما هي ائتلافية والاحزاب الكبيرة تحتاج الى الحركات والاحزاب الصغيرة المتطرفة من أجل تحقيق الاكثرية، ما يذهب بسياسات الحكومات الى عناوين متطرفة تزيد مآزق السياسة المتطرفة اصلاً لدى كل الحكومات. وتطبيق فكرة النسبية في لبنان وعلى الدوائر الكبرى يفترض ان النتائج التي ستسفر عنها ستكون خليطاً من الاحزاب والهيئات والشخصيات التي لا تستقيم على رأي واحد.
في تحليل النسبية المفترضة انها ستؤدي الى اكثرية لفريق 8 اذار على سواه في المجلس النيابي المقبل، وهذا ما يفترض لائحة موحدة لتحالف 8 اذار من 128 مرشحاً على امتداد الجمهورية في اطار لبنان دائرة واحدة. ويفترض هذا الامر أيضاً تفوّق أعداد الناخبين الشيعة على ما عداهم من ناخبي الطوائف الاخرى في البلاد، في مواجهة لائحة اخرى من تحالف لم تتضح معالمه حتى الساعة. لكن الاكيد ان النسبية المطلوبة بإلحاح من فريق 8 اذار أنما تحتاج الى تحالف رباعي جديد يستنسخ تجربة التحالف الرباعي في انتخابات 2005، وإذذاك ستعود الوجوه القديمة نفسها الى المجلس. اضافة الى المعطى السابق، ليس هناك من تحديد واضح لحجم الدائرة الموسعة التي يجري الحديث عن اعتمادها في التقسيم الاداري، وهل هي على مساحة المحافظة، ام دمج الاقضية ام على مساحة لبنان ككل؟ علما ان ثمة تقارير صادرة عن هيئات دولية تشير بوضوح الى تفوق اعداد المواطنين السنّة على المواطنين الشيعة بمعدل يقارب 200 الف نسمة. وهذه الارجحية العددية التي تتجلى في صناديق الاقتراع قد تؤدي الى نتائج على عكس ما يشتهي المطالبون بالدائرة الموسعة والواحدة مثلاً.
مسألة اخرى عصية على الحل في النسبية، وتحتاج الى اجابات من المطالبين بهذه الممارسة الانتخابية الحديثة، وتتمثل في كيفية تدريب اطقم اداريي العملية الانتخابية من رؤساء اقلام ومساعديهم على آلية التصويت واحتساب الاصوات، ومن يدرب الناخبين ويرشدهم الى السبيل لممارسة هذا الحق الانتخابي بعيداً من التلقين المدروس والتعليم الموجّه والذي يشكل تدخلاً في صناديق الاقتراع، اذ من الواضح ان الارباك في عملية الاقتراع سيؤدي الى التشكيك في نزاهة العملية الانتخابية برمتها، وعندها يمكن القفز فوق علامات الاستفهام الى القبول بالنتائج كما هي، وكما جرت العادة في لبنان، اي غياب المحاسبة نهائياً. إلا ان الاساس هو ان ثمة مشكلة تحتاج الى حل في كيفية تطبيق النسبية والتعامل مع اللائحة على مستوى المواطن – الناخب العادي الذي لا يفقه شيئاً منها رغم مطالبات المنظّرين والسياسيين باعتماد هذه الخطوة الاساسية التي يبدو الاصرار عليها بهذه السرعة من باب إجهاض العملية الانتخابية برمتها وليس بهدف تأمين صحة التمثيل.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم