الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ما بعد حلب... هل تشتعل الغوطة الشرقية؟

المصدر: دمشق - "النهار"
زياد أبو علي
ما بعد حلب... هل تشتعل الغوطة الشرقية؟
ما بعد حلب... هل تشتعل الغوطة الشرقية؟
A+ A-

لم يعد الكلام اليوم على معركة #حلب بقدر ما هو على المرحلة التالية في ظل تصعيد عسكري وكلام عن تسويات متنقلة من منطقة لأخرى، تبدو #الغوطة_الشرقية في ريف #دمشق هدفاً متوقعاً لمواجهة قاسية قد توازي بصعوبتها جانباً مما جرى في الشهباء.
منذ استعادة القوات الحكومية لمنطقة مرج السلطان في الصيف الفائت لم تشهد الغوطة الشرقية تصعيداً ميدانياً لافتاً، ولم تسجل يوميات القتال جديداً باستثناء القصف الجوي. غير أن القاطنين في الريف الدمشقي يعتقدون أن دورهم في المواجهة قد حان، في ظل كلام ورسائل عن احتمالية معركة قريبة بهدف الضغط لإبرام تسوية قريبة مما حصل في مناطق أخرى كما في التل وخان الشيح.
وتتفق مصادر الحكومة والمعارضة على حقائق تتعلق بخصوصية المنطقة التي تمتد على مساحات واسعة تقدر بأكثر من مئة كيلومتر مربع من محيط مطار دمشق الدولي إلى مشارف البادية وجبال القلمون الشرقي وصولاً إلى الطريق الدولي نحو حمص، وهي أكبر مساحة تسيطر عليها المعارضة في ريف العاصمة. إضافة إلى كثافة سكانية تقترب من مليون نسمة بحسب إحصائيات المعارضة التي أكملت سيطرتها الكاملة في خريف سنة 2012 فيما تطوقها القوات الحكومية وتحكم سيطرتها على مداخلها لجهة طريق المطار أو لجهة محيطها مع البادية، فيما ينتشر عناصر تنظيم داعش في جبال القلمون الشرقية التي تحدّ الغوطة شمالاً.


هذه هي خيارات دمشق
لم يعلن القائمون على مسار التسويات أي كلام جديّ حيال الغوطة الشرقية، ولكن المعطيات تشير إلى مرحلة جديدة تقف المنطقة على أبوابها في ظل إصرار مسؤولي الدولة السورية على إنهاء أي وجود لمقاتلي المعارضة حول العاصمة سواء بالمعارك أو بالتسويات على غرار ما يحدث من حلب شمالاً إلى الريف الدمشقي. ومع حسم مصير مناطق عدة من داريا إلى المعضمية وخان الشيح بقيت العقدة الأكبر بالنسبة للنظام الذي يستبعد مقربون منه أي عمل عسكري أو اقتحام شامل لمساحة واسعة كالغوطة بقدر ما يتجهون لتكرار سيناريو تقسيم المنطقة إلى مربعات صغيرة ثم استنزافها حتى التضييق على المقاتلين في مساحة ضيّقة تسمح لدمشق أن تفاوض على خروجهم.
وتعتمد تلك التوقعات على جملة من المعطيات أبرزها عمليات عسكرية للجيش في وقت سابق اعتمدت الخطة عينها سواء في حمص أو حلب أو حتى في ريف دمشق كما حصل في بلدة المليحة قبل سنتين وصولاً إلى حتيتة التركمان في الصيف الماضي، وهي مواجهات قلصت من سيطرة الفصائل المسلحة دون أن تخلق ضغطاً يمكنها من فتح ملف التفاوض. كما يعتمد المقربون من السلطة على عامل إضافي يتمثل في التوتر الذي يكاد يصل اقتتالاً داخلياً بين المجموعات لا سيما جيش الإسلام وفيلق الرحمن، فضلاً عن فتح الشام، ما يسمح للدولة باستغلال أجواء الاحتقان والتقدم بشكل تدريجي.
ولعلَ اللافت هو جملة الاتصالات التي يجريها الجانب الروسي مع قيادات في المعارضة المسلحة في الغوطة وبرزة لترتيب تسويات بشروط محددة. وفيما استمرت الاتصالات على جبهة الغوطة، رفضت قيادات برزة فتح أي قنوات مع الضباط الروس مفضلة التواصل المستمر أصلاً مع جهات في الدولة السورية.


المعارضة...لا نملك ما نخسره
على ضفة الفصائل المعارضة، تعتبر هذه المجموعات أنها في وضع أفضل من باقي المناطق بل إن بعض ناشطيها الإعلاميين يذهب لاحتمال الصمود ما يقارب العام في حال بدء أي مواجهة في الغوطة. فالمساحات الزراعية والمستودعات الغذائية قادرة على مد المقاتلين والمدنيين بما يكفيهم، ناهيك بالمساحة الواسعة التي تسمح بالتنقل والمناورة بحسب تعبيرهم. وإضافة إلى كل هذا، تتمتع الفصائل بسلاح ثقيل ومتوسط وخفيف لطالما تفاخرت به بسلسلة عروض عسكرية أثارت الجدل حول قدرة الكيانات المسلحة على خوض مواجهة مستقبلية. وهو خيار بات يميل له ناشطون في المنطقة على اعتبار أن فكرة القبول بالتسوية أمر مستبعد في الفترة الحالية في ظل ضغط المدنيين الذين يخشون من مغادرة مناطقهم لا سيما أن الغالبية الساحقة من المقاتلين هم أبناء الريف الدمشقي. وهؤلاء لا يرغبون لا بشد الرحال إلى إدلب ولا بترك عائلاتهم تواجه خطر التهجير أو الاعتقال من حكومة دمشق وفق تعبير الناشطين.


وأمام خيار المواجهة جملة من الأوراق تبدأ بنسف كل الهُدَن المجاورة في برزة والقابون بخاصة، امتداداً لاستنفار كافة الفصائل وتسخين الجبهة بشكل كامل وصولاً لإعادة تفعيل استهداف العاصمة بقذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا على الرغم من كونها مسألة لاقت اعتراضاً شعبياً واسعاً، باعتبار أنها لم تصب أهدافاً عسكرية بقدر ما كانت عشوائية أصابت المدنيين واعتبرت نقطة سوداء في مسيرة الفصائل.
ولكن الحماسة لخيار المعركة يقابله قلق من أدوار مخفية قد تلعبها بعض الفصائل في الغوطة، خصوصاً أن مواجهات سابقة قد أثبتت محاولات (حرق) مجموعات لصالح سيطرة مطلقة لما تبقى على مجمل الريف الدمشقي وهو ما حصل مع جيش الإسلام في معاركه مع جيش الأمة واتحاد أجناد الشام وأخيراً فيلق الرحمن. ولعل هذا ما يعطي إشارة لتخوف مما سيفعله الفصيل الذي مرّ بتحولات كثيرة إثر مقتل قائده زهران علوش قبل عام. ولا سيما أنه الأكثر تنظيماً وتسليحاً وبات يمتلك منظومة مالية وإعلامية واسعة تعطي إشارة بدورها انه لن يسلم منطقته بهذه السهولة وسط ترجيحات باحتمال تسوية وسطية تسمح له بالسيطرة ولو بشكل غير معلن.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم