الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الضمان: مصالح شخصية وفئوية

فضـــل الله شريف- عضو مجلس ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
الضمان: مصالح شخصية وفئوية
الضمان: مصالح شخصية وفئوية
A+ A-

انه الهوس الاعلامي المقرون بالاناقة والجهل، والتواطؤ مع ذوي السلطة، والتقصير والنفاق والمصالح الشخصية، الذي يتحالف أبطالها لطمس الحقائق وتحريف الوقائع، هو ما دفعني لنشر هذا التوضيح.


وافق مجلس الوزراء بالقرار رقم 36 تاريخ 26/5/2009 ومن ثم أكّد بالقرار رقم 57 تاريخ 14/7/2010 على اجراء مباراة محصورة عبر مجلس الخدمة المدنية، لملء الشغور في الفئة الاولى "مدير" عدد 12 والفئة الثانية "رئيس مصلحة" عدد 16 والفئة الثالثة "رئيس دائرة" عدد 38 لصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.


ما دفع مدير عام الصندوق الى ابلاغ مجلس الخدمة المدنية برغبته في اجراء المباريات للفئات الثلاث الاولى، بعد وضع اسس نظام ومواد المباريات للفئات المذكورة، تم اجراء مباراة الفئة الثالثة وتعيين الناجحين بعد مخاض عسير مع مجلس الادارة، وتلاها مباراة الفئة الثانية وتم تعيين الناجحين ايضا بعد 21 شهرا من الاعلان عن نتيجة المباراة.


الا انه بالرغم من مرور أكثر من 5 سنوات على قرار مجلس الوزراء باجراء مباراة الفئة الاولى، وبالرغم من الانتهاء من وضع اسس نظام ومواد مباراة الفئة الاولى مع رئيس مصلحة المباريات في مجلس الخدمة المدنية وموافقة رئيس مجلس الخدمة عليه، لم يعرض المدير العام للصندوق هذا النظام على مجلس ادارة الصندوق كما انه لم يبلغ مجلس الخدمة رغبته بالاعلان عن اجراء مباراة الفئة الاولى بسبب التدخلات السياسية والحزبية وتمتع المستخدمين الذين يشغلون مراكز الفئة الاولى بالوكالة بالدعم والنفوذ السياسي.


استمرّ الصندوق بإشغال مراكز الفئة الاولى بالوكالة الى ان تناقص عددهم وأصبح 4 مدراء يشغل كل منهم مديريتين او أكثر، بعد فشل الادارة في ملء الشغور عبر تعيين مدراء بالوكالة بدل المدراء الذين انتهت خدماتهم بسبب بلوغ السنّ القانونية، وذلك بسبب الخلافات المذهبية والسياسية والحزبية الضيقة. ما دفع مجلس الادارة في جلسته عدد 645 تاريخ 22/9/2016 الى استحداث مديريتي الجودة والتخطيط لحل هذه الازمة في التوازن المذهبي والطائفي، وارسل قراره الى وزير العمل للمصادقة بموجب الكتاب رقم 476 تاريخ 29/9/2016. الا ان الملفت ان وزير العمل قد اعاد كتاب الصندوق طالبا اسماء المدراء المزمع تعيينهم بالوكالة قبل الموافقة، بمخالفة صريحة لقانون الضمان الاجتماعي، واستخفاف واضح في اصول التخاطب الاداري بدءا بطريقة كتابة الاحالة وانتهاء بمكان وضع ختمه وتوقيعه عليها.


بالرغم من ان مفوض الحكومة تمنى على مجلس الادارة عقد جلسة استثنائية لبحث موضوع التعيينات وفقا لما ورد في احالة وزير العمل، الا ان مجلس الادارة رفض احالة الوزير واعتبرها غير قانونية وتدخلا في صلاحيات المجلس، لان هذه الاحالة مشروطة بعرض المديرين عليه، وتتناقض مع احكام الفقرة 5 من المادة 3 من قانون الضمان الاجتماعي، التي تتعلق بالمصادقة على القرارات الادارية التنظيمية، دون ان تشمل اسماء الاشخاص او صفاتهم. والتي تنص على أنه "اذا لم تبلغ سلطة الوصاية مجلس الادارة رفضها المعلل، خلال مهلة شهر من تاريخ تسلمها القرارات المعروضة عليها، فان هذه القرارات تعتبر مصدقة حكما بعد انتهاء المهلة المذكورة". وبناء عليه، اعتبر مجلس الادارة ان القرار رقم 961 والقاضي بإنشاء مديريتي الجودة والتخطيط "مصدق حكما".


استكمالا لقرار استحداث المديريتين، اتخذت هيئة مكتب مجلس الادارة في جلستها عدد 685 تاريخ 29/11/2016 القرار رقم 736 والقاضي بـ "التأكيد على الادارة وجوب رفع لائحة باسماء المستخدمين الـ 14 المقترح تعيينهم بالوكالة في وظائف الفئة الاولى في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خلال مهلة اسبوعين كحد اقصى من تاريخ صدور هذا القرار". واستجابة لهذا القرار رفع المدير العام الكتاب رقم 3165 تاريخ 5/12/2016 يقترح فيه تعيين 10 مستخدمين في الفئة الاولى (مدير بالوكالة) ولمدة سنة. وبناء عليه، تم دعوة اعضاء مجلس الادارة الى جلسة في تمام الساعة الثالثة من يوم الخميس الواقع فيه 8/12/2016 للبت بالتعيينات.


بالرغم من ان كتاب المدير العام يحتوي على اسماء 10 مدراء مقترحين للتعيين في وظائف الفئة الاولى بدلا من 14 مخالفا بذلك قرار هيئة مكتب مجلس الادارة. الا انه، وبعد اطلاعنا على السير الذاتية للمستخدمين المقترح تعيينهم في وظائف الفئة الاولى، تبين لنا ان المقترحين يشغلون وظائف تتوزع على وظيفة طبيب مراقب عدد 1 (فئة ثانية)، ووظيفة مفتش اول عدد 2 (فئة ثانية)، ووظائف مفتش او رئيس دائرة او متعاقد عدد 7 (فئة ثالثة) بالرغم من وجود اكثر من 60 مستخدما في الفئة الثانية بالاصالة يشغلون وظائف رئيس مصلحة ومفتش أول وطبيب مراقب. مخالفا بذلك اسس الوظيفة العامة وتراتبية السلطة، ومتجاهلا عن عمد كل المعايير الوظيفية او الاكاديمية او المهنية، علما ان اغلب هذه المديريات يعمل فيها مستخدمون من الفئة الثانية بالأصالة، ومن الذين فازوا في مباراة اجراها مجلس الخدمة المدنية، بعكس بعض المستخدمين المقترحين الذي رسبوا في هذه المباراة.


الا انه وبعد الاستفسار عن المعايير التي تم على اساسها اختيار هؤلاء المستخدمين لتعيينهم بالوكالة في وظائف الفئة الاولى في الصندوق، تبين ان الاسباب حزبية وسياسية ولا علاقة لها بالكفاءة والجدارة والملاءمة، وذلك بحجة ان التعيين مؤقت لحين اجراء مباراة لهذه الوظائف، علما ان اجراء المباراة لا يحتاج سوى لقرار في مجلس الادارة وتكليف مجلس الخدمة المدنية بالمباشرة في المباراة.


ولكن، القشة التي قسمت ظهر البعير، انه عند بداية جلسة مجلس الادارة لمناقشة كتاب المدير العام حول موضوع التعيينات، تم توزيع كتاب آخر مرفوع من المدير العام يحمل الرقم 3212 والتاريخ نفسه 8/12/2016 على الاعضاء في الجلسة نفسها، والذي جاء جوابا على كتاب رئيس مجلس الادارة رقم 669 تاريخ 7/12/2016 الذي اعاد بموجبه كتاب المدير العام السابق، طالبا منه الالتزام بقرار هيئة مكتب مجلس الادارة، القاضي بادراج لائحة باسماء المستخدمين الـ 14 المقترح تعيينهم بالوكالة في المراكز الشاغرة في الفئة الاولى. الا ان المدير العام بدلا من زيادة الاسماء المقترحة من 10 الى 14، أبقى العدد المقترح 10 اسماء مع تبديل ثلاثة اسماء من الكتاب السابق، وهذا التعديل لم يأت بسبب الاستدراك وتلافي المخالفات النظامية واحترام التراتبية الوظيفية التي ذكرناها اعلاه، بل، أتت محاباة ومرضاة لأحزاب وأشخاص نافذين.


وعليه، انوه واؤكد على الموقف المبدئي لبعض اعضاء مجلس الادارة احترامهم التراتبية الوظيفية ومراعاتهم الاحكام النظامية، ورفضهم المسّ بكرامة المجلس. واضيف، ان ما حدث هو وضع بعض اعضاء المجلس الاخرين في موقع غير المسؤول وغير المؤتمن على مصلحة الصندوق، لأن من يقرر عنهم موجود خارج هذا المجلس، وما عليهم الا الانصياع والتصويت كأدوات لا كأحرار، خارجين بذلك عن قناعاتهم وما يمليه عليهم ضميرهم المهني والوطني. وان هذا، من شأنه ان يكرس واقعًا جديدًا على مستوى الوطن والادارات، مفاده ان لا مكان فيه لأصحاب الشهادات والكفاءات والاستقامة، إذا لم تزكيها بطاقة حزبية، وحتى البطاقات الحزبية تتوزع على فئات بين الممتاز والجيد والمتدني.


وفي الختام، ان ما حدث في جلسة الخميس بتاريخ 8/12/2016 وما تلاها، علمني وانا في خريف العمر نظرية جديدة وهي ان "الفاسدون والمفسدون إذا خالفتهم فأنت مخطئ، ليس لأنهم على حق، بل لأنهم اكثرية وانت اقلية، وما عليك الا الطاعة والاعتذار".


لذلك، سيكون ردّي عليهم، من اجل الصندوق، ومن اجل احترام مبدأ تكافؤ الفرص، هو دعوة مجلس الادارة الى الالتزام بقرار مجلس الوزراء، والعمل بأسرع وقت ممكن، نحو ملء المراكز الشاغرة في وظائف الفئة الاولى في الصندوق، عبر مباراة يجريها مجلس الخدمة المدنية، محصورة بين مستخدميه، او، مفتوحة لجميع اللبنانيين مع اضافة 15% من مجموع العلامات للناجحين من مستخدمي الصندوق كما ينص نظام المستخدمين، وذلك على اساس نظام مباريات علمي، ينسجم مع التوصيف الوظيفي لكل وظيفة على حدة.


 


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم