الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

معادلة معاكسة بين النظام والحزب في سوريا "العلاقة الجديدة " مع لبنان رهن بالعهد

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

لم يعلق اي مسؤول رسمي في لبنان على كلام الرئيس السوري بشار الاسد او على كلام المفتي الشيخ احمد بدرالدين حسون الذي زار قصر بعبدا وبكركي فيما فعل قلة من السياسيين ذلك علما ان الرئيس السوري وجد وقتا للاهتمام بلبنان او بتوجيهات حول سياسته الخارجية ازاء سوريا وفق ما يرى هو ذلك مناسبا استنادا الى توجيه رسالة بهذا المعنى الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في الوقت الذي تتحرك كل الدول والقوى والميليشيات على الارض السورية من تركيا الى اسرائيل فايران وروسيا وسائر الميليشيات من جنسيات مختلفة بما لا يفترض ان يسمح له ذلك بترف الالتفات الى لبنان في هذا التوقيت. مسؤول سابق وسياسي يتمتع ببصيرة ثاقبة يعتبر ان الرئيس السوري جعل من لبنان مكبا له ابان الحرب التي عصفت به في حين جعل سوريا صالة الاستقبال التي كان يستقبل فيها المسؤولين الكبار في ما خص لبنان ودور سوريا فيه وفي المنطقة. لكن اليوم تغيرت او انقلبت الادوار من حيث ان سوريا التي حولها النظام عبر الحرب الاهلية التي ساهم في تسعيرها الى مكب على غير ما بات يلعبه لبنان كصالة استقبال والذي ساهم في ذلك بجزء كبير منه " حزب الله" حليف الاسد.هذا الاخير تغير وضعه كثيرا بما يثير السؤال اذا كان يجب ان تؤخذ في الاعتبار مواقفه والتي رأى بعض السياسيين انها تحمل تهديدا ضمنيا استنادا الى استعادته بعض الثقة لجهة بقائه في المرحلة الحالية وفق ما فسر البعض موقفه ازاء لبنان. هذا السؤال يستند الى واقع ان الكثير من الامور تغيرت بالنسبة الى لبنان وسوريا على رغم اقتناع سياسيين كثر باستمرار امتلاك النظام السوري القدرة على الاذية في لبنان قياسا لما يمتلكه من ادوات موالية والتجارب خلال الاعوام القليلة الماضية اكبر دليل على ذلك نتيجة اثبات مسؤولية النظام عن ضلوع عناصره في عمليات تستهدف لبنان او شخصياته السياسية. من الامور التي تغيرت ما يتصل بانقلاب الادوار بينه وبين " حزب الله" الذي كان يعتبر النظام السوري ورئيسه خصوصا الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد ابا للمقاومة في لبنان في حين ان الحزب اليوم بات احد ابرز منقذي النظام في مرحلة من المراحل وقبل التدخل الروسي في المرحلة الثانية لتأمين عدم انهياره ما يجعل منه، اي الحزب، هو من يبسط مظلته على النظام دعما له وليس العكس. ويرى كثيرون ان الحزب ساهم في تجميد كتلة الدعم الموالية للاسد في لبنان ولم يسمح بانفراط عقدها طيلة سنوات الازمة انطلاقا من وراثته الدور السوري ككل في لبنان. لكن وفيما اخذ الحزب على عاتقه الامساك بالقرار السياسي اللبناني بعد انسحاب القوات العسكرية السورية من لبنان وتقدم جدا على هذا المسار في الاعوام الاخيرة ثمة من يسأل اذا كان الحزب سيعيد اعطاء النظام هذا الدور ولم يفعل ذلك. والسؤال ينطلق من واقع افتراض ان الحزب والنظام السوري لا يتوافقان على كل المسائل وفق وجهة نظر واحدة. فالمهتمون بذلك يوردون على الاقل مثلا واحدا لتضارب المصالح بين الجانبين وهو يتمثل بان من مصلحة النظام الابقاء على اللاجئين السوريين الذين هربوا الى دول الجوار في هذه الدول وعدم عودتهم الى سوريا وفق ما عبر عن ذلك رئيس النظام السوري في احد احاديثه الصحافية وذلك انطلاقا من واقع ان معظم اللاجئين من معارضيه هم من الطائفة السنية وهؤلاء لن يودوا العودة تحت سلطته في حين ان ليس من مصلحة الحزب بقاء ما يتجاوز المليون ونصف مليون سوري وفق معلومات غير معلنة في لبنان مثلا. وهناك من رأى تضاربا في المصالح بين ايران والنظام مثلا عبر دعم مرشحين مختلفين من قوى 8 آذار لرئاسة الجمهورية. ومع ان هدف ايران هو تأمين خط امداد للحزب من ايران الى بغداد مرورا بسوريا فلبنان، وهو امر يرى مطلعون انه لن يتاح لايران لاعتبارات كثيرة، لكن السؤال يبقى اذا كان هامش سيطرة الحزب على القرار اللبناني يسمح باعادة الاسد شريكا فعليا في ذلك علما انه يحتاج الى وقت طويل من اجل استعادة القرار على بلاده من اصحاب القرار الفعليين على اراضي بلاده قبل ان يسعى الى الايحاء بمد نفوذه او بان له نفوذا او هو على سبيل استعادة الهيبة انطلاقا من الايحاء بالقدرة على التأثير في البلد الصغير مجددا ومحاولة صوغ سياسة متعاطفة معه، ذلك علما ان الحزب او ايضا حلفاء له بدأوا بالضغط في الاتجاه نفسه الذي تحدث عبره الاسد ومواقف الحزب من النأي بالنفس مماثلة ان لم تكن سباقة لموقف الاسد مما يترك علامات استفهام وترقب لمواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في هذا الاطار خصوصا ان ديبلوماسيين تلمسوا مؤشرات غير مشجعة للبنان ليس من الحزب فحسب بل من وزير الخارجية جبران باسيل ايضا لجهة الكلام عن ضرورة اعادة تقويم العلاقات مع سوريا. وهذا ما يشكل عاملا مقلقا جدا بالنسبة الى مراقبين ديبلوماسيين يتابعون باهتمام ليس مواقف الحزب فحسب بل مواقف رئيس الجمهورية وما ينوي اتخاذه من مواقف مع الحكومة او في توجيهها انطلاقا من ان الكثير من اسلوب التعاطي مع لبنان يتوقف على ما سيتخذه العهد الجديد من قرارات وفي اي ظروف.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم