الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ترامب وبوتين ومصير سوريا

عبد الكريم أبو النصر
ترامب وبوتين ومصير سوريا
ترامب وبوتين ومصير سوريا
A+ A-

"لن يفرض الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حلاً أميركياً - روسياً للأزمة السورية على الشعب السوري وعلى الدول المعنية بالأمر، ولم تبلغ الاتصالات السرية بين المقرّبين من ترامب والمقرّبين من الرئسي فلاديمير بوتين مرحلة ابرام الصفقة المتكاملة للتعاون في هذا البلد، بل ان عقد هذه الصفقة يتطلب مفاوضات شاقّة ومشاورات أميركية مع جهات غربية وإقليمية معنية بهذه القضية وهي في أي حال تتجاوز نطاق الملف السوري. وليس أكيداً في هذه المرحلة أن ينجح ترامب وبوتين في تجاوز كل العقبات وعقد صفقة بينهما تحقّق لكل منهما مطالبه الأساسية. وفي انتظار اكتمال هذه المفاوضات لم يقل ترامب كلمته الأخيرة في شأن سوريا اذ انه ليس لديه فكرة واضحة ومتكاملة عن حقائق الأوضاع فيها، بل أنه يملك بعض الأفكار والتصورات المستقاة خصوصاً مما سمعه بعض مستشاريه من الروس وهي ليست متطابقة كلياً مع واقع الحال في هذا البلد. وتصريحاته الأخيرة عن سوريا تعكس صورة مجتزأة وغير صحيحة أو دقيقة عما يريد الرئيس المنتخب انجازه فعلاً في هذا البلد". هذا ما أوضح لنا مسؤول أوروبي في باريس استناداً الى معلوماته المستقاة من اتصالاته مع بعض أعضاء الفريق الاستشاري لترامب.
وشدد المسؤول الأوروبي على أن "الأمر الثابت والأكيد أن ترامب يريد عقد صفقة مع بوتين تحقّق الهدف الأساسي لأميركا في سوريا وهو القضاء على تنظيم "داعش" وتتناول قضايا دولية تهم البلدين، لكن ترامب يريد أيضاً التشاور مع المجموعة العربية المعتدلة التي تضم السعودية والدول الخليجية الأخرى ومصر والأردن وكذلك تركيا ودرس احتمال مشاركة هذه الدول أو البعض منها في الحرب ضد "داعش" والإرهاب. وهذا يعني أن الرئيس المنتخب يريد انجاز تفاهمات أميركية – روسية – اقليمية – دولية حول سوريا وهو يؤمن بضرورة إشراك دول المنطقة في الحرب ضد التنظيمات الارهابية. وقد سمع مستشارو ترامب من مسؤولين عرب بارزين كلاماً يفيد أنهم مستعدون مبدئياً للمشاركة في الحرب ضد "داعش" والإرهابيين في سوريا والعراق.
وشدّد المسؤول الأوروبي في هذا المجال على الأمور الأساسية الآتية:
أولاً، المفاوضات بين ترامب وبوتين لن تتناول الملف السوري وحده بل ستتناول أيضاً قضايا دولية أساسية أبرزها قضية أوكرانيا والقرم وتمدد حلف شمال الأطلسي الى جوار حدود روسيا والعقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على روسيا بعد سيطرتها على شبه جزيرة القرم عام 2014. ويأمل بوتين في رفع هذه العقوبات وبإقناع ترامب بتقبّل ضم القرم الى روسيا وبمعارضة ضمّ أوكرانيا الى حلف شمال الأطلسي. ولن يستطيع ترامب اقناع الكونغرس والغالبية الجمهورية فيه بتحقيق مطالب بوتين هذه ما لم يحصل منه على تنازلات مهمة في قضايا وساحات أخرى قد تكون سوريا ضمنها. وعلى هذا الأساس فالمسألة ليست محسومة في هذه المرحلة.
ثانياً، ترامب يتصرّف على أساس أن بوتين والرئيس بشار الأسد يخوضان حرباً متواصلة ضد "داعش" ويجب تالياً التعاون معهما. لكن هذا ليس صحيحاً في الواقع بل أن أميركا وتركيا هما اللتان تخوضان الحرب ضد هذا التنظيم الإرهابي بالتعاون مع المعارضين السوريين ومن دون التنسيق مع نظام الأسد. فالرئيسان الروسي والسوري يركزان معظم جهودهما على ضرب قوى المعارضة وعلى قصف المدنيين والمنشآت الحيوية. وفي المقابل تقود أميركا تحالفاً دولياً - اقليمياً في العراق وسوريا وتنفّذ يومياً عمليات عسكرية ضد "داعش" تحقق انجحازات مهمة، أما تركيا فتخوض مع "الجيش السوري الحر" المعارض قتالاً جوياً وبرياً متواصلاً ضد هذا التنظيم في شمال سوريا حققت فيه مكاسب مهمة وهي تهدف الى إنشاء منطقة آمنة محررة من الإرهاب مساحتها خمسة آلاف كيلومتر مربع أي نصف مساحة لبنان تقريباً.
ثالثاً، أعلن ترامب في تصريح صحافي يعكس نقص معلوماته أنه ليست لديه أية فكرة عن القوى المعارضة المسلحة السورية التي تدعمها أميركا عسكرياً وأنه ينوي على الأرجح وقف مساندتها. لكن هذه القوى هي في الواقع جزء أساسي من المعارضة المعتدلة المعترف بها دولياً واقليمياً على نطاق واسع والتي تطالب القرارات والتفاهمات الدولية باشراكها في تقرير مصير سوريا على أساس أن الحل السياسي الشامل للأزمة يتطلب مفاوضات في إشراف الأمم المتحدة بين ممثلي النظام والمعارضة من أجل تحقيق الانتقال الى نظام جديد ديموقراطي تعددي.
ورأى المسؤول الأوروبي "أن هذه الوقائع تظهر أن ترامب ليس مطلعاً على حقائق الأوضاع في سوريا وأن المشاورات الاقليمية والدولية الواسعة التي سيجريها ستجعله أكثر اطلاعاً على الحقائق وستسمح له باتخاذ القرارات المناسبة اذا أراد تحقيق نتائج مثمرة وضمان الأمن والسلام والمصالح الأميركية الحيوية".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم