السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

بولا يعقوبيان لـ"النهار": أنا ابنة لاجئ وحملة "دفى" لفقراء لبنان بلا تمييز

لارا ملاك
بولا يعقوبيان لـ"النهار": أنا ابنة لاجئ وحملة "دفى" لفقراء لبنان بلا تمييز
بولا يعقوبيان لـ"النهار": أنا ابنة لاجئ وحملة "دفى" لفقراء لبنان بلا تمييز
A+ A-

قبل عامين وفي يوم شديد البرودة كانت الإعلامية المعروفة بولا يعقوبيان تمر في مجمع الأوزاعي في بيروت، فرأت مشاهد فقر وحرمان هزت مشاعرها. عادت إلى خاطرها صور والدها الذي لجأ فقيراً إلى لبنان، قادماً من أرمينيا المنهكة بالمذابح وقوافل المشردين وموجات الصقيع، وقالت بينها وبين نفسها: "هذه صورة أخرى لا يمكن أن تستقيم إنسانياً". شعرت أن عليها أن تفعل شيئاً لإحداث تغيير ولو بسيط في تلك الصورة. عرفت أن يداً واحدة لا تصفق، فلجأت إلى الناس. قررت أن تستغل صورتها المتلفزة الشائعة بينهم، وبدأت حملة إنسانية عنوانها "دفى"، لمساعدة الفقراء والمحتاجين في لبنان. "النهار" قابلتها وكان هذا الحوار.


■ "دفى" تستمرّ في حملتها للسنة الثانية، ما المعايير التي تحكم أداءها؟
- نحن مجموعة من الأصدقاء اتّفقوا على مساعدة الناس الأكثر فقراً في لبنان، والأكثر حاجةً إلى العون. هدفنا المساعدة، من دون تمييز بين فقيرٍ وآخر، لجهة الجنسيّة أو الطائفة أو الانتماء المناطقيّ. ننظر إلى كلّ فقيرٍ يحتاج إلى المواد الأساسيّة للعيش، كالغذاء والملابس التي تقيه برد الشتاء. لا نقبل المساعدات الماليّة حرصاً على شفافيّة العمل. قبلنا 12000 دولار من "بنك مصر ولبنان" لتغطية تكاليف التوزيع، ووقود الشاحنات، وكلفة الحاويات، وهذه كان لا بد منها لإتمام العمل ودعم يوم الحملة.


■ ما الدافع الأساسيّ الّذي حثّكِ على القيام بهذا النشاط الإنسانيّ؟
- الدافع هو مشاهد الفقر القاسية هنا وهناك. لا يمكن أن نجد طفلًا لا يملك ما ينتعله في قدميه ليقيه البرد، ولا يتحرك ضميرنا الإنسانيّ، أو أن نرى أمّهاتٍ يطالبنَ بدواءٍ مخفض للحرارة، وهو من أرخص الأدوية، ولا يستطعن تأمينه. قررت أن أتحرّك للقيام بخطوةٍ لمساعدة هؤلاء، وكانت فكرة "دفى" التي أطلقتها مع أصدقاء كثر، منهم الفنان، ومنهم الإعلامي. في هذا السياق، لم نقبل الدعم من أيّ جهةٍ سياسيّة ومن أيّ سياسيّ. أردناها حملةً من الناس للناس.


■ حقّقت الحملة نجاحًا مهمًّا العام الفائت، ما هي التوقّعات لهذه السنة؟
- الناس يتجاوبون معنا بشكلٍ كبير. في البدء كان الهدف مساعدة 5000 عائلة، لكننا ساعدنا 14000 عائلة تقريباً، وفاق الواقع توقّعاتنا بكثير. أعتقد أنّ الوضع سيكون أفضل هذه السنة. لا نستطيع أن نحدّد بدقّة كيف ستكون النتائج، لكننا نأمل خيراً. الظروف الاقتصاديّة صعبةٌ علينا جميعاً، بيد أننا نستطيع أن نعطي ولو عطاءً بسيطًا، وهذا العطاء على بساطته، مهمٌّ جدًّا لكل فقير. بعض الأشخاص يتبرّعون بأجهزةٍ إلكترونيّة، نقدّمها للفقراء ونزرع الفرح في قلوبهم. هكذا لا تبقى هذه من دون استخدام، أو تتحول في ما بعد إلى نفاياتٍ إلكترونيّةٍ مضرّة بالبيئة.


■ ما المعوقات التي قد تقف في وجه هذا العمل الإنسانيّ؟
- الضائقة الاقتصاديّة التي تمر بها البلاد هي المعوق الأول. لو كان الناس ميسورين لأعطوا أكثر. اللبنانيّ كريم في طبعه، وطيّب ومعطاء. لكنّنا نقول للناس "من الموجود جود". قدّموا ما لا يؤثّر في حياتكم، وما تستطيعون الاستغناء عنه، وهذا يصنع فرقاً في حياة المحتاجين. العامل الآخر هو التعصّب. بعض المتبرّعين يسألوننا عن هويّة الناس الذين ستصلهم المعونة. كيف يمكن أن يكون العطاء مشروطًا؟ ما من دينٍ يحدّد شروطًا للعطاء. العنصريّة عندنا تزداد، والحرب دائرةٌ في لعبة أمم، وبعضنا لا يزال يطرح الشروط ليساعد طفلًا! إنها فعلاً مأساة. أنا ابنة لاجئ أرمني أتى إلى لبنان، ولا شيء في جيبه، وهذا البلد قدّم الكثير لي ولعائلتي، وأبسط ما أستطيع فعله أن أستفيد من موقعي الإعلاميّ وأوصل صوتي وأساعد الناس.


■ ما هي المعايير الّتي على أساسها يتم اختيار العائلات المحتاجة؟
- نستعين بلوائح من وزارة الشؤون الاجتماعيّة، تحدّد المناطق الأكثر فقرًا في لبنان. والمناطق الأكثر فقرًا هي أماكن وجود النازحين، والبيئة اللبنانيّة الحاضنة، آخذين في الاعتبار أنّ الفقر بين اللبنانيّين إلى ازدياد.


■ ماذا يقدّم لكِ العمل الإنسانيّ؟
- لا شيء أجمل من العطاء، وأن نحسّ بقيمتنا كبشر، ونشعر بأنّنا فاعلون اجتماعيًّا وإنسانيًّا، ومساهمون في التغيير. هذا الشعور لا يُقدّر بثمن، والعمل الإنسانيّ أجمل صلاة. ليست الصلاة أن نكرّر كلامًا تعلّمناه بطريقةٍ ببغائيّة من دون أن نقوم بواجبنا الإنسانيّ في المقابل. أشير هنا إلى صورة الطفل الّذي تجمّد وتوفّي بسبب البرد السنة الماضية. هل هناك ضمير لا تحرّكه تلك الصورة؟ لا يمكن أن نفكّر مرّتين قبل أن نمدّ يد العون. العطاء صوته أعلى، ويصل إلى الله بطريقةٍ أفضل من صلاة نتلوها في المعابد.


■ هل يتفاعل الشبان والصبايا مع الحملة؟
- نعم وبشدّة، وخصوصاً من ينتمي منهم إلى الطبقة الوسطى وما دون. يعود ذلك ربّما لكونهم يتعاطفون مع الفقراء ويحسّون بمعاناتهم. هنالك الكثير من الميسورين يساعدون أيضًا. السنة الماضية بعض النجمات عمِلنَ بتواضعٍ شديدٍ ومحبّةٍ كبيرة، والعديد من الصحافيين والنجوم وعدوا بمساعدتنا، منهم راغب وجيهان علامة. أشكر في المناسبة جيهان علامة التي ساعدتنا كثيرًا ووقفت إلى جانبنا.


■ سمعنا حديثك في برنامج "نهاركم سعيد" مع الإعلاميّة ديما صادق، عن الفضائح في رعاية الحملات الدعائيّة الّتي تورّطت فيها أسماء مهمّة من الطبقة السياسيّة، هل كان لهذه المعلومات وقعها؟ هل أثارت ردود فعل؟
- لم يعد أحد يهتمّ بفضائح الفساد. كلّ موارد المال يتمّ استخدامها بطريقةٍ سيّئة جدًّا. حتّى كشف الفساد في الإعلام لم يعد يثير الرأي العام، أو يخيف الفاسدين. لم يكترث الوزراء الذين ذكرتُ أسماءهم، ولم يحاولوا تقديم أيّ توضيح أو بيان للناس. السياسيّون لا يهتمون بالرأي العام، والرأي العام لم يعد مهتمًّا، ولا أحد يحرّك أيّ ساكن.


■ حملة "دفى" ستُقام في ساحة الشّهداء الأحد 4 كانون الأوّل، من العاشرة صباحًا حتّى السادسة مساءً، ما هو المطلوب من الذين يرغبون في المشاركة؟
- سنجمع العطايا في نقاطٍ جمع في مختلف المناطق اللبنانيّة، وستتحرك شاحناتنا لتوزيعها يوم الأحد. أودّ أن أشكر هنا محافظ بيروت الّذي قدّم لنا مستودعًا في العاصمة لنستقبل فيه المساعدات، كما أخصّ بالشكر أيضًا بلديّة بيروت. أمّا في ساحة الشّهداء فالمطلوب من الراغبين في المساعدة تقديم المواد وإيصالها إلينا، ونحن نهتمّ، بالتعاون مع عددٍ من المتطوّعين، ووزارة الشؤون الاجتماعيّة، بفرزها وتوضيبها وتوزيعها. نرحّب بأيّ مساعدةٍ في عمليات الفرز والتوضيب، علماً أن عدد المتطوّعين بلغ 300 متطوّعٍ تقريبًا، وقد نحتاج إلى المزيد. نحن في انتظار أن يشاركنا الجميع على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم