الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"قانون الستين"خارق العصور والعهود!

علي حماده
"قانون الستين"خارق العصور والعهود!
"قانون الستين"خارق العصور والعهود!
A+ A-

ما أوحى به أمس وزير الداخلية نهاد المشنوق، ومفاده ان الانتخابات النيابية المقبلة ستجرى على الارجح وفق قانون الستين، لم يكن مستغربا. فالقوى السياسية الكبرى في البلد التي تملك ماكينات انتخابية كبيرة ظلت طوال الاشهر القليلة الماضية تدرس الارض وفق حسابات قانون الستين بتقسيماته الادارية، وبلوائحه المنقحة عاما بعد عام. كل الماكينات قادرة على خوض انتخابات نيابية غداً صباحاً من دون عناء كبير، لديها طواقم متدربة منذ سنوات طويلة، خلال جميع الدورات السابقة. فالمعطى الانتخابي لم يتغير جذريا بعد ١٩٩٠، واستمر على حاله بتعديلات طفيفة بعد عام ٢٠٠٥. المهم أن وزير الداخلية المشهود له بحسن ادارة الانتخابات البلدية قبل سنة حسم سلبا امكان اجراء انتخابات وفق قانون جديد من دون حصول تمديد تقني. فالبعض يعتبر التمديد التقني واقعا لثلاثة اشهر، والبعض الآخر الاكثر واقعية يترجم مصطلح "التمديد التقني" الى سنة على الاقل. والرأي العام غير قادر على الانتظار ثمانية عشر شهرا اضافيا، كما ان العهد الجديد الذي بدأت انطلاقته في التعثر، أقله معنويا بفعل الازمة المفتعلة حول تناتش الحقائب بين الثنائيين الشيعي والمسيحي، لا يملك ترف التباطؤ في اطلاق "ورشة" وعد بها اللبنانيين على أكثر من صعيد، واعدا بأن تحمل معها ملامح تغيير واصلاح!
إذاً نحن عائدون الى "قانون الستين" عابر للعصور، وخارج العهود وفق قاعدة مفادها ان الكل يرفضونه علنا، والجميع يريدونه سرا. حتى "الثنائي المسيحي" الطامح الى دور مشابه للدور الذي يؤديه "الثنائي الشيعي" في بيئته، ما عاد متحمسا لقوانين سبق أن طرحت في السنوات الماضية. فإنتاج "تمثيل" مسيحي عماده الحزبان الكبيران يحتاج الى القانون الساري المفعول، من أجل صوغ موازين قوى في مواجهة الغالبيات الاسلامية المستفيدة من قانون الستين او للتماهي معها في احسن الاحوال. فالقانون الساري المفعول يناسب "الثنائي الشيعي" حتى وان اعتبر كثيرون ان "حزب الله" بالتحالف مع حركة "أمل" قادر على "ضبط" الصوت الشيعي، ومنع الاصوات المعارضة من اخذ مكان تحت الشمس! والامر نفسه ينسحب على القوى الاساسية في الوسط السني، اي "تيار المستقبل" الذي سيخوض في العام المقبل انتخابات صعبة لاكثر من سبب، ويحتاج الى ابقاء القديم على قدمه للحد من التحديات، او ربما الخسائر. ولا يشذ عن القاعدة وضع القوة السياسية الاساسية في البيئة الدرزية، التي تفضل إبقاء القديم على قدمه، ولا سيما مع احتمال ان يتقلص مداها النيابي الحيوي غير الدرزي!
خلاصة القول ان ما قاله الوزير نهاد المشنوق، يعكس الحقيقة التي تفيد بأن التغيير الموعود لن يكون اكثر من شعار، اللهم إذا ما استثنينا تغييرا في البيئة المسيحية التي يتوقع اذا ما خيضت الانتخابات وفق القانون الحالي ان تكوّن "غالبية" نيابية مسيحية كبيرة ان لم تكن كاسحة. والسؤال، هل ما يحصل اليوم على جبهة تشكيل الحكومة يأتي من باب الحروب الاستباقية؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم