الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

سيّدات معنّفات أصبحنَ ثائرات يبحثنَ عن الحرّية: "صرتُ إنسانة"

المصدر: "النهار"
رين بوموسى
رين بوموسى
سيّدات معنّفات أصبحنَ ثائرات يبحثنَ عن الحرّية: "صرتُ إنسانة"
سيّدات معنّفات أصبحنَ ثائرات يبحثنَ عن الحرّية: "صرتُ إنسانة"
A+ A-

بعيداً من زحمة السيارات وضجيج المدينة توجّهنا إلى هذا المكان. سرّي... نعم! والهدف حمايتهنّ. هن سيدات قرّرن المواجهة. قرّرن ان يصرخن في وجه العنف، فكان القرار حكيماً. سيدات لجأنَ إلى مساعدة جمعية "أبعاد" فتحوّلنَ من ضحية عنف إلى ثائرات يرين في الحياة فرصة عيش بسعادة وراحة إلى جانب أولادهن.


في الدار الآمن للسيدات والفتيات الناجيات من العنف، المكان هادئ تخرقه أصواتُ الأطفال الذين استقبلونا ببراءتهم وضحكاتهم الجميلة. في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، كن أكثر من مرحّبات بوفد أممي برئاسة المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ قضى وقتاً برفقتهنّ.  
هناك تقف سيدة تنهي طهوَ طبق الأرز والدجاج، وأخرى تحمل ابنها الرضيع تحاول رسم ابتسامة على وجهه الأبيض الصغير، وعلى مقربة تقف رابعة (اسم مستعار) بشعرها المربوط تبتسم وهي تتحدث مع إحدى بناتها.


رابعة ناجية من عنف كان يمارسه زوجها ضدها وضد بناتها الثلاث. بالكاد خرجت الكلمات من فاه تلك السيدة الصغيرة في العمر، غير أن ملامحها وخشونة يديها تُظهر مدى المعاناة التي كانت تعيشها مع زوجها الذي تركها وأولادها في الطريق بعدما أن أخرج هذه العائلة من منزلها. ملامح أكل الدهر عليها وشرب فتُرجم نضجاً ووعياً في كلام تلك السيدة التي تحاول الاستقلال والاستمرار في تربية بناتها. فبالإضافة الى لامبالاة الزوج، كان الشاب الذي أغرمت فيه رابعة مدمناً على المخدرات، الا انها لم تكن تعلم بذلك حتى دخل السجن للمرة الأولى، حينها بدأت المعاناة مع زوج يعنّف "حبيبته" وفلذات أكباده اللواتي ورثن "مصيبة" من أبيهن وهي حاله القانونية التي تندرج في خانة "مكتوم القيد".
قصة رابعة لا تشبه قصص السيدات الأخريات في الدار، الا أن العنف هو نفسه، والندوب هي نفسها، والذلّ هو نفسه.


جحيم... ورحيل


سميرة أيضاً عاشت مأساة من سوريا وصولاً الى لبنان، بدأت في منزلها الوالدي عندما أجبرها أخوها على ترك المدرسة والزواج من رجل مطلق من "سيدة خانته". بدأت معاناة سميرة بعد اليوم الثالث من الزواج عندما ضربها ضرباً عنيفاً امتد خلال سنوات الزواج العشر. تلخص هذه السنوات بالمأساة، وتشرح أنها كانت تناضل فقط لأجل ابنتها الكبرى والتوأمين، وتستعيد تحسراً وقهراً على ابنها الذي مات بعد 5 أيام من ولادته لأن والده قرر ركل بطن الأم الثكلى عندما كانت حاملًا في شهرها الثالث. تروي سميرة أنها اضطرت أن تترك زوجها في لبنان والذهاب الى سوريا فتصف ابتعادها عنه بالنعيم، "بعيدة منه أشعر أني انسانة من جديد". جحيم العنف مع رجل متصلّب انتهى بعدما رأت أطفالها يتشربون العنف من مجرّد المشاهدة... فكان القرار بالرحيل نحو بداية جديدة بعيدة من أي عنف.


جولة في الدار


في حين انشغلت السيدات بتحضير طعام الغداء، كانت جولة للوفد مع الصحافيين في أرجاء الدار الآمنة للسيدات والفتيات الناجيات من العنف، التي تستقبل عددا كبيراً من السيدات برفقة أطفالهم. لبنانيات وسوريات جمعتهنَّ مصيبة العنف فاجتمعن تحت سقف دار الحماية وحول مائدة أعددنها بأنفسهنّ شاركتهنّ بها كاغ التي استمعت وسفيرة النروج الى قصصهن مع العنف في منازلهن سابقاً.


وتحدثت كاغ لـ"النهار" عن الساعات التي أمضتها برفقتهن وقالت: "اليوم هو اليوم الأول للحملة العالمية للقضاء على العنف ضد المرأة والتي تمتد لـ16 يوماً، فالحملة  تسلّط الضوء على العنف ضد الفتيات والسيّدات الذي يستمرّ في العالم وفي لبنان"، مشيرة الى أن "الحملة العالمية تدعو السياسيين والمواطنين في العالم الى الاعتراف وفهم هذه القضية التي تطال السيدات اللواتي يحتجن الى مساعدة في الاطار المؤسساتي والقانوني والى الحماية الكاملة، كما يحتجن الى المساعدة لوقف العنف ضدهنّ، من هنا تأتي زيارتي الى هذا الدار".
وفي هذا اليوم توجّهت كاغ بكلمات مؤثرة الى كل سيّدة معنَّفة في منزلها، وقالت لهن: "اخرجي ابحثي عن المساعدة سوف تجدين دائماً الوسيلة لا تستسلمي ابحثي عن نفسك انت لست وحيدة!".
تشرح مديرة برنامج الدار الآمن للسيدات والفتيات الناجيات من العنف في منظمة "أبعاد"، الاخصائية الاجتماعية جهان صعيد أن برنامج الدار بدأ في شهر آب من عام 2013 في 3 مراكز ايواء موجودة داخل الأراضي اللبنانية في مناطق مختلفة. وهو يستقبل سنويا نحو 150 سيّدة وأطفالهن. وتضيف في حديث مع "النهار" أن برنامج الدار يؤمن المأوى الآمن في الحالات الطارئة ولفترة موقتة للنساء الناجيات من العنف مع أطفالهن والفتيات الناجيات من العنف اضافة الى المتابعة الاجتماعية، المتابعة النفسية الاجتماعية، المتابعة الطبية، المتابعة القانونية وخدمات تثقيفية توعوية.


 



 


 



 


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم