واقع زواج القاصرات اللبنانيات والسوريات تحت المجهر... عدم الموافقة يحوّله اغتصاباً
لا يختلف اثنان أن عقد قران قاصرة هو ميل فاضح لممارسة #العنف على المرأة. بعيداً من المعتقدات الموروثة التي تعتقد أن الزواج هو نوع من الستر عند بعض المجتمعات العربية المنغلقة على ذاتها، والمجتمع اللبناني يجنح، وفقاً لمسؤولة التواصل في #جمعية_كفى مايا العمار، في بعض البيئات المحافظة جداً إلى تزويج البنات في عمر مبكر بهدف الستر والتخلص من عبء اقتصادي على كاهل عائلة تعيش دون خط الفقر.
أكّدت العمار أننا "رصدنا رابطاً مشتركاً يكمن في أن بعض النساء المعنفات اللواتي لجأن إلى الجمعية طلباً للحماية، تزوجن بقرار من الأهل في سن مبكر." وأشارت إلى أن "ذلك يؤدي حتماً إلى عقد زواج مدبّر من الأهل الذي يعيشون في مستوى دخل معدوم أو محدود، ويفقد من خلاله فرص تحصيل الفتاة لعلمها".
ورأت أنه "لا يمكننا رصد عدد زيجات القاصرات اللبنانيات لأننا نفتقد إلى دراسة في هذا الخصوص، مكتفيةً بالتعليق: "أرى أن عددها لا بأس به." وشددت أنها "نفتقد إلى معطيات دقيقة في هذا الخصوص، علماً أنه يمكن تقصي بعض هذه الزيجات للبنانيات قاصرات في مناطق الضاحية الجنوبية، حي السلم، المريجة وخط الشويفات." أما السبب الأساسي، وفقاً لها، فهو أن الأهل يحاولون التخلّص من الفتاة من خلال تزويجها في سن مبكر، وقالت: "يشعرون أنهم ارتاحوا من عبء اقتصادي وعائلي يخفف عنهم مسؤوليتهم تجاه هذه الفتاة". وليس بالسهل إيجاد شهادات من لبنانيات قاصرات لأن المجتمع اللبناني، وفقاً لها، لا يعي واقع وجود هذه الحالات التي تفضل البقاء في الظل".
وعما إذا كان يمكنها تأكيد بعض الأخبار المتداولة في المجتمع عن تزويج قاصرات لبنانيات إلى عرب قالت: "نسمع عن هذه الشائعات المتداولة في البلد دون أي إثبات. لم نجد أي حالة في هذا الخصوص".
السوريات ضحايا... الزواج المبكّر
انتقلت في حديثها إلى واقع #القاصرات من اللاجئين السوريين في لبنان، الذي لا يقارن البتة مع حالات القاصرات اللبنانيات. وشددت على أن زيجات هذه الفئة تتفاقم عند السوريين في مخيمات اللاجئين، وترتبط بتقاليد عائلية موروثة كأهمّية ستر الفتاة من خلال تزويجها وخفض نفقات العائلة والتخفيف من الصعاب الاقتصادية التي تواجه رب العائلة.
ثمّ توقفت عند نموذج لشهادة أم سورية شعرت بالندم عندما "زوجت إبنتها حورية بعمر الـ 16 عاماً وهي مظلومة مع زوجها." وسردت والدة حورية هذه الشهادة خلال مشاركتها في حلقات توعوية نظمتها الجمعية بالتعاون مع منظمة "الاونيسف"، واستهدفت مخيمات اللاجئين في منازل أو مخيمات في البقاع الأوسط أو البقاع الغربي عن حقوق الأطفال وتحديداً العنف المبني على النوع الاجتماعي".
في العودة إلى ام حورية فقد ذكرت أن "ابنتها حورية تزوجت عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها وأنجبت 8 أولاد." ثم تابعت: "ومع تبدل الظروف واندلاع الحرب السورية، انتهى بهم المطاف في إحدى خيم من مخيمات أبو جاسم في عنجر. ولجأت إلى جلسات التوعية لتهرب من العنف الذي تعيشه. وقررت أن يلتحق أولادها بهذه الحلقات، لتقول في النهاية إنهم أضحوا يهتمون بعضهم ببعض، ولا يعنّفون بعضهم بل يهتمون بأنفسهم أكثر من السابق."
واستندت في كلامها على الإحصاءات التي كشفها معهد العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف عام 2015 عن واقع الزيجات في المخيمات السورية في لبنان حيث تتراوح نسبة اللاجئات السوريات المتزوجات في سن الـ 12 عاماً بين 15 و 18 في المئة من العدد الإجمالي للقاصرات. واستعادت بالذاكرة أن الدراسة عينها رصدت أن 19 في المئة من الزيجات المبكرة للفتيات أنها كانت بعمر أقل من 18 عاماً. ووجدت أن نسبة تعرض القاصرات اللواتي تزوجن في سن مبكر إلى العنف الزوجي هو أعلى من حالات الزواج العادية.
وذكرت رهف (9 سنوات) أنها "تعمل يومياً حوالى أربع ساعات في لمّ محصول البطاطا في سهول مجاورة للمخيم". وأضافت أنها "تعلمت كيف تتعاطى مع كل من يعرض عليها إيصالها إلى مكان ما أو يحثها على مرافقته في سيارته".
المطلوب اليوم
وأكدت العمار على أننا "نطالب البرلمان اللبناني بتحديد سن أدنى موحد للزواج يُفرض على جميع الطوائف وفقاً للمعايير الدولية، وهذا أقل ما يمكن أن نطالب به، ويأتي اقتراح قانون يرمي إلى تنظيم زواج القاصرين الذي تقدمت به الهيئة الوطنية لشؤون المرأة والنائب غسان مخيبر ليعيدنا إلى الوراء باتجاه فرض أنظمة الطوائف في قانون مدني يصدر عن البرلمان اللبناني، ليضفي غطاءً رسمياً مدنياً على تزويج الفتيات بعمر الـ 9 سنوات أو الـ 12 عاماً...". وشددت على أننا "نرفض اقتراح القانون شكلاً ومضموناً لجهة تكريسه للعنف ضد الأطفال في نصوص القوانين المدنية... مؤكدة "أنه من غير المقبول أن يكون لأي كان، سواء سلطة قانونية، أو شرعية، أو أسرية، بالتقرير أو البتّ في حالات الزواج لأي شخص، لا سيما لمن هم أو هنّ دون السن القانونية. فإن مسألة الرضا والقبول المتعلّقة بالزواج هي مسألة أساسية لا يمكن أن يتم تجاهلها إذ إن أيّ خروج عن مبدأ الموافقة يحوّل الزواج إلى اغتصاب بشكل لا يحتمل النقاش".