الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

عون في ذكرى الاستقلال: الورشة تحتاج إلى الجميع الجيش يستطيع على الحدود ما يستطيعه في الداخل

عون في ذكرى الاستقلال: الورشة تحتاج إلى الجميع الجيش يستطيع على الحدود ما يستطيعه في الداخل
عون في ذكرى الاستقلال: الورشة تحتاج إلى الجميع الجيش يستطيع على الحدود ما يستطيعه في الداخل
A+ A-

شدد رئيس الجمهورية ميشال عون على ان "الاستقلال ليس مشهدا احتفاليا سنويا فحسب، بل هو انتساب الى شعب يتشارك الحياة مع بعضه البعض، على أرض أعطتنا هوية يجب أن نحافظ عليها، لا أن نتعامل معها كسلعة تجارية".
وتوجه الى اللبنانيين عشية الذكرى بالقول: "إن آمالكم المعقودة على هذا العهد كبيرة بحجم تضحياتكم ومعاناتكم وانتظاركم، وكما بدأنا هذه الطريق معا سنكملها معا، فجهزوا سواعدكم لان أوان بناء الوطن قد حان، وورشة البناء تحتاج الى الجميع. وأصبح لزاما علينا ان نحصن الاستقلال وان نعيد له قوته، ما يعني الامتناع عن اللجوء الى الخارج".
وإذ اعتبر "ان تعزيز الوحدة الوطنية ضرورة قصوى وأولوية لانه يحصّن لبنان ويؤمّن استقراره"، شدد على "وجوب إيلاء المواطنين في المناطق الحدودية من الشمال الى الجنوب، اهتماماً خاصاً لتنمية بلداتهم وقراهم".
وأشاد "بالجيش اللبناني، الذي رغم كل ما جرى ويجري حول لبنان، بقي مؤمنا برسولية قسمه وشموليته، فحاز ثقة المواطنين وكان لهم مصدر أمن وطمأنينة وضمان توحيد وسيادة، وهو يستطيع أن يقوم على الحدود بما يقوم به في الداخل اذا ما تعززت قدراته التقنية".
ومما جاء في الكلمة: "للعيد نكهة خاصة هذا العام بعدما أثمر نضالنا، وأزهرت دماء شهدائنا، والعهد الذي قطعناه لهم صار على طريق الإنجاز. فلتكن إرادتنا وعزيمتنا جميعا أن نحافظ على هذا العيد عيداً، وأن نمنع تحولّه مجدداً الى ذكرى، ويقيني أننا قادرون.
منذ أعوام، يعيش لبنان وسط منطقة ضربتها زلازل حروب مدمرة، كانت في بداياتها حركات مطلبية تحمل شعارات مغرية وواعدة بتطوير الأنظمة لجعلها اكثر ديموقراطية وعدالة، ولكنها سرعان ما تحولّت الى أعمال عنفية واندلعت الاشتباكات المسلّحة بين القوى المتناحرة، فوفّرت للقوى الخارجية ذرائع التدخل والإمساك بمصير الشعوب المتصارعة.
إن التقدير المتناقض من اللبنانيين للأخطار المهددة للوطن، خلق ردود فعل مختلفة تركت آثاراً سلبية على العلاقات بين الأطراف اللبنانية. ولما كان لبنان يتفاعل أحياناً وينفعل أحياناً أخرى مع قضايا الشرق العربي، كاد احتدام الأجواء في المنطقة يصدّع الوحدة الوطنية، وصار اللبنانيون يشعرون بأن استقرارهم مهدد خصوصا مع محدودية قدرات القوات المسلحة في مواجهة تلك الأخطار الداهمة. لذلك، وفي هذا الوضع، يصبح تعزيز الوحدة الوطنية ضرورة قصوى وأولوية، لأنه يحصّن لبنان ويؤمّن استقراره ويقيه من تداعيات ما يحصل حوله، وهذه مسؤولية الجميع، مسؤولين ومواطنين.
أصبح لزاماً علينا ان نحصّن الاستقلال وأن نعيد له قوته، ما يعني الامتناع عن اللجوء إلى الخارج لاستجداء القرارات الضاغطة على الوطن بغية الحصول على منفعةٍ خاصة على حساب المصلحة العامة.
ليس الاستقلال مشهداً احتفالياً. هو انتساب الى شعب يتشارك الحياة مع بعضه البعض، ومتضامن في السراء والضراء على أرضٍ أعطتنا هوية يجب أن نحافظ عليها. لا أن نتعامل معها كسلعةٍ تجارية نعرضها للبيع في الاسواق الخارجية. لقد عانت مؤسساتنا ولمّا تزل، وهناً تضاعَف بسبب الخلل في الممارسة السياسية والدستورية. وعلى الرغم من كل المعوقات، تمكّنا بعد طول معاناة، من نسج وفاق شكّل بدايةً لحقبةٍ جديدة أنتجت عودةً إلى مؤسسات الدولة. ولكن، لا يمكن هذه المؤسسات بعد الآن أن تنهض من جديد، ما لم يتم تحديثها، وتغيير أساليب العمل وقواعده.
مهما اعتمدنا من تغيير، فلن تستقيم الامور ما لم نحرر العنصر البشري من ثقافة الفساد. وهذا ما يجب ان يتجلّى أولاً في الصفات الخلقية للأشخاص في أعلى مستويات المسؤولية، إذ عليهم أن يكونوا القدوة. وبهذه القيم نستطيع أن نطهّر النفوس من ثقافة الفساد، ونعمّر الوطن، ونرتقي بشعبنا الى أفضل المستويات، فمفاعيل الفساد فتاكة، وقد تذهب من سرقة أموال الناس الى هدر المال العام حتى إفلاس البلد، ومن خيانة وطن حتى بيعه بالمزاد.. فالفساد جزء من الطبيعة البشرية، ولكنه يكافَح بالتربية من خلال تنمية سلم القيم، وبالقانون من خلال التشريع الملائم.
لنا إخوة مواطنون يقطنون في المناطق الحدودية، من الشمال إلى الجنوب، ويشكّلون الدرع الأولى لحماية لبنان. علينا أن نوليهم اهتماماً خاصاً، لتنمية بلداتهم وقراهم؛ فنطور أريافنا، ونعزّز ارتباط سكانها بالدولة، مما يشدّ أيضاً أواصر الوحدة الوطنية، ويحدّ من هجرة الأرض. إن المجتمع العائش في العوز والحاجة معرض للتجارب القاسية وما ينتج منها من خلل امني واضطراب اجتماعي. والوطن لا يحيا فقط بمدنه وضواحيه المكتظة، بل بانتشار سكاني متوازن على مختلف أراضيه.
على الرغم مما جرى ويجري حول لبنان من مصالح متصادمة وانقسامات عميقة، بقي جيشنا مؤمناً برسولية دوره وشمولية قسمه. وما يقوم به جيشنا في الداخل يستطيع أيضاً أن يقوم به على الحدود، إذا ما تعزّزت قدراته التقنية، وتدرّب على أساليب ملائمة لأنواع القتال المحتملة، التي سيواجهها في المستقبل. وعلى الدولة تترتب مسؤولية إعداد الجيش رجالاً وتجهيزاً، فالأوطان لا تحمى إلا بأبنائها.
أيها اللبنانيون، آمالكم المعقودة على هذا العهد كبيرة، بحجم تضحياتكم ومعاناتكم وانتظاركم. وكما بدأنا هذه الطريق معا، سنكملها معا، فجهزوا سواعدكم لأن آوان بناء الوطن قد حان".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم