الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل ينجح وهاب في كسب رهان التحدي الذي أطلقه أمس؟

المصدر: "النهار"
ابرهيم بيرم
هل ينجح وهاب في كسب رهان التحدي الذي أطلقه أمس؟
هل ينجح وهاب في كسب رهان التحدي الذي أطلقه أمس؟
A+ A-

حدث يمكن وصفه بالاستثنائي تجسد في الخطوة النوعية المدوية التي اقدم عليها بالامس رئيس "حزب التوحيد العربي" الوزير السابق #وئام_وهاب في الجاهلية في عمق الشوف والاستثنائية هذه تتجلى في الاستعراض شبه العسكري الذي نفذه مئات من عناصر الحزب ومناصريه وتتجلى ايضا في مضامين الخطاب الذي اطلقه وهاب في حضور ممثل لـ #حزب_الله ووقوفه خطيبا على منبر الاحتفال.


للمرة الاولى منذ زمن بعيد يعاين سكان الشوف استعراضا شبه عسكري لا يكون الحزب التقدمي الاشتراكي منظما له او مشرفا عليه وللمرة الاولى منذ زمن ليس بالقصير يتردد في المنطقة كلام عالي النبرة ينطوي على سهام انتقاد حاد للزعامة الجنبلاطية ان من حيث ادائها الداخلي وتذبذبات مواقفها وتحالفاتها او من حيث رهاناتها الاقليمية لدرجة ان ثمة من قال مباشرة انه اعلى صوت تحد من داخل الطائفة الدرزية يبث ضد النائب وليد جنبلاط منذ ان تسلم البك زعامته في النصف الثاني من عقد السبعينات.


واللافت ان مطلق هذا الكلام شخصية لا تنتمي الى فئة البكوات او الامراء او المقدمين او حتى المشايخ الذين توالوا على زعامة الموحدين الدروز تاريخيا فهو كما صار معلوما ابن معلم ابتدائي بدأ مسيرة حياته صحافيا عاديا ينتمي الى الحزب التقدمي قبل ان يغادره الى قصر خلدة كأحد مساعدي النائب طلال ارسلان ثم ينتقل في خاتمة المطاف ليؤسس حالته الحزبية الخاصة وليحجزاستطرادا لنفسه مساحة محدودة في الساحة الدرزية لكنه مع مرور الوقت وتعاقب الاحداث والانقسامات التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري استحال حضورا مقلقا للبعض ومزعجا للبعض الاخر ومنافسا لفريق ثالث وفي كل الاحوال جسد حضورا يحسب له حساب من المعادين والمحبين على حد سواء.


الظاهرة "الوهابية" ليست ابنة البارحة فانطلاقتها تعود الى اكثر من عقد من الزمن ولكن الاستعراض شبه العسكري الذي اجراه زعيم هذه الظاهرة منفذا ما كان لوح به سابقا وخطاب "التحدي والانتقاد والتأسيس" الذي اطلقه في وجه من يعنيهم الامر يعني بشكل او بأخر بحسب المقربين من هذه الظاهرة ان زعيمها قرر اخيرا ان يحدث نقلة نوعية سيكون لها ما يليها واستطرادا يبدو واضحا انه يعلن من خلالها فتح ابواب مواجهة وفصول منازلة وعليه، فإن السؤال المطروح ازاء ذلك هو هل سيفلح في هذا التحدي ويحقق نجاحا في هذا الاختبار الذي تصدى له؟ والى اين سيصل؟ واستطرادا ما هي صورة المشهد الذي سيستقر عليه المشهد السياسي الدرزي؟


المعلوم ان المستهدف الاول من رسالة الاستعراض بالامس ما لبث ان رد عليها عبر وصفها بانها "سهام ورقية" كتلك التي يتبادلها الاولاد المشاغبون في الصفوف الدراسية وهو اراد بذلك ان يوحي بمدى استخفافه بالاستعراض وبالظاهرة التي تقف خلفه ويقول اختصارا انه لايقيم وزنا لها.


وبصرف النظر عن دقة هذا التشخيص وحقيقة ما اذا كان الواصف غير عابىء فعلا بهذا الحدث ظاهرا وابعادا فالثابت ان وهاب تحدث بالامس باسم محور وكان الى جانبه ممثل احد الاذرعة العسكرية الضاربة لهذا المحور (اي "حزب الله")، مما اعطى الحدث برمته بعدا جديا لا يمكن ضرب الصفح عنه .
من البديهي انه ليست المرة الاولى التي تشهد فيها الجاهلية هذا الحشد الجماهيري تلبية لدعوة من وهاب فالآن اصبح ظاهرة اسبوعية تثبت ان صاحبها صار ظاهرة نسيج وحدها ولكنه (اي وهاب ) اختار لاستعراضه ولتصعيد مواقفهو انطوائها على مضامين ربما غير مطروقة لحظة سياسية دقيقة تبدو فيها رياح الامور تسير لمصلحة سفن المحور الذي يجاهر وهاب بالانتساب اليه سواء في لبنان حيث بعيد وصول العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة بعد طول ممانعة واعتراض من الفريق الاخر وسواء في الميدان السوري حيث انتقل النظام من حال الانكفاء الى حال الاسترداد والاقدام فيما اعداؤه يعيشون حال تراجع بعدما عجزوا عن تحقيق شعار اسقاط راس النظام .


وابعد من المستوى الداخلي يعرف وهاب ان النائب #جنبلاط ليس في احسن حالاته او في عصره الذهبي وانه لم يعد قائد محور بعينه بل باحث عن مراضاة كل المحاور. اما القطب الدرزي الاخر اي النائب طلال ارسلان فانه لم ينجح في استعادة ما فقده على مستوى العصبية الارسلانية التاريخية (اليزبكية) وبات في وضع الحريص على ثنائية تؤمن له مقعده النيابي وقد فقده ذات دورة انتخابية. فيما تخلو الساحة الدرزية من مشاريع سياسية واعدة او مستقلة .
كل هذه المعطيات والوقائع شجعت لا شك وهاب على ما اقدم عليه بالامس والخروج من مرحلة مد الجسور الخفية مع الزعامتين التاريختين في ساحته وهو النهج الذي حافظ عليه طويلا والانتقال الى مرحلة اعلاء الصوت واطلاق قفاز التحدي في وجه الاخرين مطالبا ضمنا بحصة اكبر وملعب اوسع لذا فالسؤال هو هل سينجح حيث اخفق في السابق؟


المعلوم ان احدا لا يعطي احدا منحة او هبة في السياسة من كيسه او زعامته فالملك عقوق، لذا من الواضح ان وهاب عليه ان يبذل جهدا استثنائيا في المرحلة المقبلة لكي يحصل على اعتراف كامل من داخل الطائفة تؤهله ليكون رابعا فيها اذا اعتبرنا ان المشايخ والاعيان هم الفريق الثالث بعد الجنبلاطيين والارسلانيين وساعتها سيكون قد حقق انجازا غير مسبوق.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم