الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

بعد جبران تويني وغازي عاد هل تموت قضية المعتقلين والمخفيين؟

مي عبود أبي عقل
بعد جبران تويني وغازي عاد هل تموت قضية المعتقلين والمخفيين؟
بعد جبران تويني وغازي عاد هل تموت قضية المعتقلين والمخفيين؟
A+ A-

غداً يوارى غازي عاد في الثرى ويصعد الى السماء حيث القديسون يستريحون. لم تنفع صلوات الأمهات وتضرعاتهن ليصحو غازي من غيبوبته ويعود ليملأ حياتهن التي فقدن حلاوتها مرة اولى بعد اختفاء الأحبة، وهاهن يذقن علقمها ثانية بفقدانه. انطفأ سراج البطل رويدا رويدا، وذاب مثل شمعة يخبو نورها لحظة بعد لحظة.


قبل دقائق من دخوله في الغيبوبة قال لطبيبه: تعبت اريد ان ارتاح. واستجاب الله لطلب هذا الصدّيق. لم يكن مروره عابرا في الزمن، فقد امضى غازي ربع قرن يناضل من اجل قضية اعطاها نصف عمره، وكل ذاته. أبى غازي ان يقعده شلل رباعي اصابه من جراء حادث سير لم تقطر منه نقطة دم واحدة، بل اصابة مباشرة في فقرات العنق اقعدته مدى العمر، ورفض ان تهزمه، فأطلق في 29 كانون الأول 1989 قضية تساوي كل وجوده هي الدفاع عن المعتقلين اعتباطا والمخفيين قسرا في السجون السورية في عز الوجود السوري وسيطرته في لبنان، ولم يخف.
تحول غازي الى "بدل عن ضائع" للأمهات اللواتي ضاع ابناؤهن. من أجلهن نصب خيمة الاعتصام في 11 نيسان 2005، واختار ان تكون في مقابل مقر "الاسكوا" المنبثقة من منظمة الأمم المتحدة التي يفترض انها تدافع عن حقوق الانسان. 11 عاما جمعهم الأمل والصلوات والعذاب والايمان وطول الانتظار. معا اعتصموا وتظاهروا وعقدوا المؤتمرات وقصدوا المحافل الدولية ومؤسسات حقوق الانسان في العالم حاملين قضية ابنائهم وازواجهم واحبائهم، ولم ينالوا منها سوى البيانات والقرارات التي بقيت حبرا على ورق، بفضل تخلي المسؤولين اللبنانيين الذين جعلوا مصالحهم فوق كل اعتبار.
لم يبق غازي في اطار النظريات، بل طرح الحلول وحدد الواجبات التي على الدولة والمسؤولين والزعماء واصحاب القرار القيام بها لاقفال هذا الملف الأليم، لكن احدا لم يجرؤ أو يرد ان يسمع ويتكلم، لا بل نكره اقرب الناس، وخذله من عقد الآمال عليهم واتخذوا القضية شعارا لهم وتخلوا عنه عند لحظة الحقيقة، حتى ان بعض الاحزاب والمتضررين والمستفيدين دخلوا بين الأهالي وفرقوهم وقسموهم فأضعفوهم.
لكن غازي لم يستسلم، وبألم وأمل تابع المشوار، مع الأمهات والآباء والزوجات والأبناء بثبات وصدق وشفافية، من دون منة أو مقابل، وباللحم الحي.
بعد جبران تويني وغازي عاد هل تموت القضية بموتهما؟ بعد كل ما فعله هذا البطل من على كرسي متحرك وعلى مدى 25 عاما، لا يجوز ان نكون قليلي الايمان والوفاء، ويجب أن نعمل على تحقيق هدفين اساسيين سعى غازي الى تحقيقهما:
1- انشاء بنك الحمض النووي لأهالي المفقودين.
2- تشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيين قسرا.
بعد 20 عاما من التعاون والتكامل بين سيف الحق وحبر الكلمة، اشكرك على صداقتك التي أغنت انسانيتي ومسيرتي، وستبقى في وجداني وضميري مدى العمر... وداعاً غازي.


[email protected]
Twitter: @mayabiakl

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم