الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لنتساوَ في طرد المهاجرين

امين قمورية
لنتساوَ في طرد المهاجرين
لنتساوَ في طرد المهاجرين
A+ A-

ترامب صار رئيساً منتخباً بأرقام قياسية في صناديق الاقتراع. ومن الآن وصاعداً صار كلامه كلام "رئيس" وليس كلام مرشح مهرج يرمي شباكاً لاصطياد أصوات. وعندما ينتقل الرجل من التهديد الى الوعيد بطرد أكثر من ثلاثة ملايين مهاجر غير شرعي من الاراضي الاميركية، ينبغي أخذ ما يقوله على محمل الجد. ولا حاجة الى نعته بأنه عنصري أو شوفيني أو يميني متطرف، فمثل هذه الصفات باتت على ما يبدو مرغوباً فيها ومطلوبة لدى شرائح واسعة من الاميركيين ولعلها سر النجاح الكبير لهذا الرجل الذي لم يكسر قواعد اللعبة السياسية الاميركية التقليدية فحسب، بل أظهر السياسة الاميركية عارية بلا مساحيق ماكياج وعمليات تجميل.


لم يترك رذيلة الا ووصم بها المهاجرين، فهم مجرمون رجال عصابات وتجار مخدرات، وفي نظره ليست هي الصفات الاخطر، بل الاخطر انهم من لون آخر ومن ثقافة أخرى وجاؤوا ليشاركوا الاميركيين في لقمة عيشهم وحلمهم أيضاً، وهنا يكمن الشر المطلق واخطر اللعنات.
أميركا "سيدة"، "حرة" و"ومستقلة"، ومن حقها ان تتخذ ما تراه مناسبا من اجراءات على أراضيها لحفظ امنها وسلامها. لكن، وعلى قاعدة المعاملة بالمثل، يحق للدول الاخرى ان تعامل "ضيوفها" بالطريقة المناسبة. ففي أرجاء العالم تنتشر اكثر من الف قاعدة عسكرية أميركية، والمقيمون فيها ليسوا رسل تبشير ولا فاعلي خير، بل هم في نظر شعوب الدول المضيفة " جنود احتلال"، وهذا أسوأ الأوصاف وأحطها. واذا كان صحيحاً ان وجودهم من الفيليبين الى غوانتانامو مروراً بالخليج والقرن الافريقي والمانيا وايطاليا وغيرها، مغطى باتفاقات ومعاهدات قانونية، فإن جل هذه الاتفاقات فرض بالقوة ومن جانب واحد وفي ظروف قاهرة وبحجة وجود أعداء وهميين. ولا شعب واحداً في العالم يقبل بوجود جنود غرباء على ارضه، فماذا لو قرر المهاجرون العائدون من أميركا طرد الجنود المحتلين من بلادهم رداً على قرار ترامب، ذلك ان العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم.. وليس لدى الحفاة ما يخسرونه سوى شقائهم! وهنا أيضاً، ما رأي السيد ترامب في المستوطنين اليهود في فلسطين الكبرى؟ واذا كان وصف اللصوص ينطبق على المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة، فأي وصف يمكن ايجاده لوصف ارتكابات اصدقاء ترامب الاسرائيليين وجرائمهم؟ واذا كان رهط من فقراء المكسيك وكوبا وجامايكا يستحقون السجن لانهم عبروا خلسة الحدود الاميركية من اجل حفنة من الطعام، فأي قصاص يجب انزاله بالذين تجمعوا من اصقاع الارض في فلسطين وفعلوا ما فعلوا بأهلها قتلاً وتشريداً واذلالاً حتى تتحقق العدالة؟ هل تكفي مطالبة الفلسطينيين بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية، أم بات يتعين عليهم اعلانها انتفاضة مستمرة لارجاع كل مهاجر الى بيته الاصلي أياً كان الثمن، مادام وصول ترامب أخمد آخر رمق لاقامة دولة فلسطينية مستقلة؟
مع ظاهرة كهذه في البيت الابيض، انتظروا أربع سنوات على الأقل من الجنون العالمي بلا توقف أو استراحة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم