الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أهي المثالثة؟

راشد فايد
A+ A-

اللبنانيون مدعوون اليوم إلى التحديق في حالهم السياسية. سقط الكلام على اللاطائفية، وما كان يُغلَّف بغلالة الوطنية والعلمنة بات أفضح من أن يمارى، وما زرعه نظام الوصاية الأسدي أتى أُكُله اليوم: عمل على ترسيخ التركيبة الطائفية، مع تغيير تراتبية الطوائف فيها، تحديداً منذ الاتفاق الشهير مع نظام الملالي الإيراني في نهاية الثمانينات، بعيد حروب "حزب الله" مع حركة "أمل"، بحيث يكون عمادها ثنائية شيعية أرثوذكسية. فنفى الموارنة، وعزز موقع نائب رئيس الوزراء الأرثوذكسي ليكون قطب الحياة السياسية، وغيب السُنة عن كل اتفاق رعته دمشق، ورافق كل ذلك، إبراز الثنائية الشيعية كـ "حامية للوطن والدستور"، و"تصغير" الدولة حيالها، وترك لـ"حزب الله" أن يساوم اسرائيل، بدل الدولة، بوساطة ألمانية، لتحرير الأسرى، حتى ان مشاركتها في استقبال المحررين لم تكن أمراً سهلاً، لأن هدف طهران – دمشق إعلاء الدويلة على الدولة.


كانت الشيعية السياسية الأسبق في تكوين وعائها الاجتماعي والاقتصادي والأمني، محمولاً على خطاب سياسي يضمر المذهبية والتمايز عن الآخرين جميعا، معززاً بفائض رهبة السلاح، والتجرؤ، في ظلاله، افرادياً وجمعيا، على "الشركاء" في الوطن. وهذه التسمية واقعية في معناها وفي مفادها، لأن اللبنانيين أقرب الى حاملي أسهم في شركة مساهمة، يملكونها ولا يتحكمون فيها، فذلك صنعة أعضاء مجلس الإدارة، أي الطاقم السياسي. أما السنية السياسية، فاستعادت موقعها الوطني مع الشهيد رفيق الحريري، وتسعى اليوم، بخفر، إلى مراعاة التعددية داخلها، وهذا ما سيتبلور مع الانتخابات النيابية المقبلة.
يقول المشهد اليوم أن التوازن الطائفي، وليس الوطني، اكتمل بغياب التنافس السياسي الماروني، وبمحاولة تعزيزه بانكفاء "الكتائب" أو التحاقها. أما المستقلون، من كل الطوائف، فجنس قيد الانقراض. ولن يغير في المشهد ان يختار رئيس الجمهورية وزراء من طوائف أخرى. فحين يقرع الجرس سيلتحق كل بقطيعه. وتجربة "الوزير الملك" الدكتور عدنان السيد حسين لا تزال قريبة.
واليوم، أيضاً، تتحرك طوائف صغرى، للبحث عن حصتها في قالب الجبنة، بالاستقلال عن هيمنة الطوائف الكبرى، لتكتمل اللوحة، فلا تمسح "المثالثة" الراهنة، وغير الصريحة، أدوار الآخرين، ولو كانت محدودة. والحال هذه، أي استقرار المثالثة واقعياً، صار أمراً ملحاً أن يعرف الجميع حدود تدخل الطوائف في الحياة العامة، فلا تخرق القوانين باسمها، وتحت عنوان مصالحها، ويقدم الولاء على الكفاءة، والتبعية على بناء الدولة، فيزيد التخلف في المجتمع وبه، ويكثر الفساد ويستشري، ويصبح "الحرامي" الذي منا بريئاً في أعين جماعته، والذي منكم غير مغفور له.
أنا المواطن الذي يريد دولة تحميه، أسلم لكم بالمحاصصة، لكني أريد أن تكون مقوننة حتى أعرف حدودكم لأعرف حقوقي. سؤالي لكم: أين تقف الطائفية؟ وهل "المقاومة" ملكية حصرية لطائفة، ومتى تنتهي مهمتها؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم