الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ماذا يعني مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية؟

ألين فرح
A+ A-

يكاد طرح مسألة المداورة في الحقائب الوزارية، وتحديداً السيادية، يؤخر التشكيلة الحكومية التي حكي عن صدورها قبل عيد الاستقلال، رغم الأجواء الايجابية التي تصدر عن المعنيين في عملية التشكيل، وخصوصا مع الكلام على حصة رئيس الجمهورية في التشكيلة الجديدة، ولو من باب الانتقاد أو الثناء، لجهة أن الرئيس اليوم قوي بشعبه وبكتلته النيابية الكبيرة.


يحرص رئيس الجمهورية ميشال عون على الميثاق والدستور والأعراف الميثاقية التي تأسست على ممارسات متواترة وصحيحة. ووفق مرجع دستوري، فإن هذا الأمر يعني في مسألة التأليف الأمور الآتية:
- مراعاة العدالة في تأليف الحكومة بين الطوائف على ما ورد في المادة 95 من الدستور.
- مراعاة الأحجام التمثيلية من ضمن مبدأ العدالة أعلاه، من منطلق أن لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، على ما ورد في مقدمة الدستور، وهو ما يعني أن تراعى أحجام التمثيل الشعبي في الندوة البرلمانية، سواء في المرحلة الانتقالية التي تصادف بداية العهد الرئاسي الجديد، أو بعد الانتخابات المقبلة على أساس قانون يحاكي المعايير الميثاقية.
- إن كان الشعب حقاً صاحب السيادة ومصدر كل السلطات التي يمارسها عبر المؤسسات الدستورية، فهذا يعني تداول السلطة عندما يرغب الشعب في ذلك، بأن يقرر من يمثله في الندوة البرلمانية، حتى ان اعتمدنا نتائج الانتخابات الأخيرة، وفي غياب الانتخاب والاستفتاء لا يمكن عدم مراعاة الأحجام التمثيلية الراهنة.
- ان مسألة المداورة في الحقائب أمر بديهي في الديموقراطيات البرلمانية، ما دام دستورنا اعتمد هذا النظام وما دام لم يخصص، كما لم يخصص اتفاق الطائف أي حقيبة لطائفة معينة، بل حددا معاً معايير تولّي الوظائف العامة على أنواعها، أي الجدارة والاستحقاق والاختصاص والكفاية.
إن ذلك يعني أن مبدأ المساواة بين المواطنين من دون تمايز أو تفضيل يعني المواطنين ولا يعني طوائفهم. وبالتالي كيف يمكن أن نحرم مواطناً من طائفة معينة أن يتبوأ منصباً معيناً، باستثناء المناصب والمراكز التي تكرّست بالعرف، وفقاً للمفهوم أعلاه لطوائف أو مذاهب معينة؟
إن هذه المقاربة لا تعني أن حقيبة المال مثلاً لن تؤول الى وزير من الطائفة الشيعية، إلا أنها تعني حتماً أنها يمكن أن تؤول الى أي وزير من طائفة أخرى، فلا يكون هناك حق نقض ولا استبعاد ولا إقصاء ولا عزل.
- أما التمييز بين الحقائب السيادية الأساسية والخدماتية، فقد اتخذ بالنسبة الى الحقائب السيادية أقله، منحىً عرفياً، رغم أن الدستور والطائف لم يميّزا لأي جهة أو يفاضلا أو يصنّفا.
- وما يقال عن حصة رئيس الجمهورية الموروثة من اتفاق الدوحة لجهة تحديد عدد معيّن، هو صحيح في نظامنا الجمهوري الديموقراطي البرلماني، وإن رئيس الجمهورية يساوي كل الحكومة ولا يمكن ان يختزل بعدد معيّن من الوزراء، من دون أن يعني ذلك على الاطلاق أنه لا يمكنه أن يأتمن بعض الوزراء على بعض الحقائب، من جراء وضع توقيعه على مرسوم التأليف.
ان رئيس الجمهورية باعتباره رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن والساهر على احترام الدستور وقوانين الأمة اللبنانية وسلامة الأرض والشعب، لا يسعه أن يوافق على بياض على كل تشكيلة وزارية ترده من رئيس الحكومة المكلف، مهما كان مستوى الثقة مرتفعاً بينهما. لن يفهم من هذا الكلام ان الرئيس قد لا يأتمن بعض الوزراء الآخرين على حقائبهم، والا يكون توقيعه على مرسوم التأليف توقيعاً شكلياً، بل يعني ذلك بالتحديد أن رئيس الجمهورية بعد الطائف، والذي لا يتحكّم في مجلس الوزراء، وهو من هو في النص الدستوري، فضلأً عن قسمه، لن يستطيع أن يحقق مآل هذا القسم وما نصّت عليه المادة 49 من الدستور لجهة رمزيته ودوره.
المقصود تحديداً أن ما يحكى عن ثلث ضامن أو غير ضامن أو معطّل أو غير معطّل ليس هو في الواقع والوثيقة والدستور إلا ثلث الرئيس. وكما قال يوماً الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فإن رئيس الجمهورية الذي لا يفقه معنى ثلث استقالة الحكومة زائداً واحداً، لن يفقه دوره ولن يحقق قسمه. فكيف إذا كان هذا الرئيس صاحب هذا الخطاب عند قسمه وصاحب نظرية الجمع لا الطرح في مقاربة الملفات الحساسة والمصيرية؟


[email protected]
Twitter: @aline_farah

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم