الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

لماذا فاز ترامب ؟

جوزف باسيل
A+ A-

يرغب الأميركيون في التغيير ويفضلونه ليس في مركز الرئاسة فحسب، بل في كل مؤسساتهم، لذلك يتقلبون كل أربع سنوات، وغالباً كل ثماني سنوات، بين الجمهوريين والديموقراطيين.
فاجأ فوز دونالد ترامب كثيرين، اذ كانت غالبية الترجيحات لمصلحة هيلاري كلينتون، ليست الترجيحات تقصّدت الخطأ، لكنها لم تلتقط تغيّر المزاج الأميركي الذي ينحو منحى عالمياً بالتأثر بالخطابات الشعبوية التي تحاكي الغرائز لا العقول. وتمثّلت شعبوية ترامب بمناهضة "الاستبلشمنت"، المؤسسة الحاكمة الاميركية، ما استقطب الفئات الاميركية من الطبقات الفقيرة.
وطغت الذكورية على التفكير الشعبوي، فلم يتقبل الاميركيون رئيسة للولايات المتحدة، علماً أنهم في الدورتين السابقتين انتخبوا داكن البشرة وذا جذور اسلامية، لكنّه على مستوى عالٍ من العلم والثقافة. وقلبوا المعادلة كلياً فجاؤوا بأبيض متعصّب لعرقه شعبوي متموّل (ملياردير) راكم ثروته
في فيغاس بطرق تثير التساؤلات.
لم يتورّع عن إظهار خطاب عنصري كتّل حوله البيض فاقترعوا له بنسبة عالية في مواجهة الاقليات من ذوي الأصول الافريقية واللاتينية والآسيوية. وهكذا كسب رهانه في تجييش اليمين الاميركي.
ألم يعد الشعب الاميركي يتأثر بالفضائح الشخصية؟ لم تنفع الفضائح الجنسية لترامب، ولا حملة المسلمين عليه
ممثلين بالباكستاني الأصل
عزيز خان الذي قتل ابنه في العراق (علماً أنّ ترامب تطرّف كثيراً في مواقفه من المسلمين كاقتراحه اخضاعهم لفحص ايديولوجي ومعرفة مدى تعلّقهم بالثقافة الاميركية، ومراقبتهم وعزلهم بصفتهم خطراً
قائماً) لذلك استغل الاسلاموفوبيا الشائعة حالياً في أميركا كما العالم، فرمى في وجه منافسته هيلاري كلينتون أنها ستعيّن مساعدتها المسلمة هوما عابدين وزيرة للخارجية الاميركية. وهذا ما لن يرضي الاميركيين.
لم تدعم نساء أميركا مرشحتهم الأولى للرئاسة الأميركية عبر تاريخ بلادهم، فلو فعلن لانقلبت النتيجة، فلماذا لم يفعلن؟ يمكن أن نجمع لترامب: مواقفه العنصرية كأبيض، الشعبوية التي تقارب الفاشية، التحريض الديني والإعجاب بنظرية صراع الحضارات، الاستهتار بالقيم الانسانية وحماية الشعوب، احتقار النساء، اقتناعه بأنّ المال الذي يملك منه الكثير يحقق له كل شيء.
في غير هذه الظروف لكانت هذه المجموعة من النقائض تعمل على اسقاطه، لكن لعله نجح في أنه عبّر عن غضب الناس وقلقهم. وقد يكون برنامجه الاقتصادي الداخلي هو الذي جذب المقترعين، إذ سيعمد الى سياسة خفض الضرائب على أصحاب الدخل المحدود، وعلى أصحاب العمل. ويعدّل العمل بخطة الاصلاح الصحي المعروفة باسم "أوباما كير" أو يلغيها، إذ تضررت منها المؤسسات. وهذا ما يهم الناخب الأميركي.
أعلن في خطبه توجهه في الشرق الأوسط بأنه لن يحارب النظام السوري، لأنه مسألة ثانوية بالنسبة الى تنظيم "داعش" الذي سيقطع رأسه، وسيوكل الى النظام وروسيا محاربة "داعش".
فإذا فعل، فإننا مقبلون على تغييرات واسعة في مقاربة قضايا المنطقة، وقد تكون النتائج أكثر سوءاً مما هي عليه الآن. لكن هذا لا يعني أن السياسة الأميركية في العالم، وخصوصاً في الشرق الأوسط، ستنقلب رأساً على عقب، لكنها ستصبح أكثر وضوحاً وتتخذ فيها قرارات مهمة.
إنّ نتيجة الانتخابات الاميركية قد تؤشر الى الانتخابات المقبلة في دول غربية كثيرة.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم