الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تحديات الرئيس الاميركي الجديد

المصدر: "النهار" - واشنطن
هشام ملحم
هشام ملحم
تحديات الرئيس الاميركي الجديد
تحديات الرئيس الاميركي الجديد
A+ A-

يواجه الرئيس الاميركي الجديد حقائق سياسية وديموغرافية جديدة في الداخل، سوف تتطلب معالجتها جهودا قصوى وحلولا خلاقة لا يمكن اعتمادها في غياب توافق سياسي داخلي لا يبدو انه يمكن ان يتوفر في أي وقت قريب، خصوصاً وان الهوة بين الجمهوريين والديموقراطيين ستزداد عمقا، فضلاً عن انه سيكون من الصعب رأب الصدع والشروخ التي اصابت الحزب الجمهوري بعد بروز "ظاهرة ترامب" التي ستبقى موجودة حتى ولو يكن ترامب على رأسها.


خارجيا سيواجه الرئيس الاميركي الخامس والاربعين عالما مختلفا في نظرته الى اميركا وتوقعاته منها، وحافلا ايضا بالتحديات الاستراتيجية الصعبة التي تمثلها ثلاثة دول صاعدة تلجأ تسعى للهيمنة على المناطق التي تحوط بها وحتى ابعد من محيطها، هي روسيا والصين وايران، حيث تلجأ هذه الدول الى تحدي مصالح الولايات المتحدة او مصالح حلفائها واصدقائها، واحيانا عبر القوى العسكرية المباشرة كما فعلت روسيا عند احتلالها لشبه جزيرة القرم في 2014 او كما تفعل الصين في فرض الامر الواقع في شرق آسيا من خلال بناء القواعد العسكرية فوق جزر متنازع عليها، او كما تفعل ايران بتخلها المباشر او بالوكالة في العراق وسوريا واليمن. هذه التحديات الخارجية تفاقمت خلال الولاية الثانية للرئيس باراك اوباما والتي اتسمت بالتردد في اتخاذ القرارات الحاسمة في التعامل مع هذه التحديات. ولن يكون من السهل على كلينتون مثلا التلويح باستخدام القوة العسكرية مع هذه الدول وخصوصاً خلال سنتها الاولى في البيت الابيض، حيث ستنشغل في تأليف حكومتها وتعيين المسؤولين عن مئات الاجهزة المختلفة.
واذا انتخب الاميركيون كلينتون، فان أول تحد ستواجهه هو كيفية مد الجسور مع تلك الشريحة الاجتماعية الغاضبة والمهمشة اقتصاديا والتي شكلت القاعدة الاساسية لدونالد ترامب. صحيح ان هذه القاعدة، المؤلفة بمعظمها من مواطنين بيض من ذوي الدخل المحدود والتحصيل العلمي دون الجامعي، تتأثر بطروحات متشددة ومتعصبة وحتى عنصرية ضد فئات اجتماعية اخرى مثل الاقليات والمهاجرين وخصوصاً من دول اميركا اللاتينية والمسلمين، حيث وجدت هذه الشريحة في دونالد ترامب صوتها الغاضب وعلقت عليه امالا غير واقعية لاخراجها من محنتها الاجتماعية والاقتصادية. ولكن مشاكل وبعض شكاوى هذه الشريحة حقيقية ومن الخطأ الاكتفاء بوصفها بشكل تبسيطي وتعميمي بانها جماعات متعصبة وعنصرية. هذه الشريحة الاجتماعية تمثل الى حد كبير الضحايا الذين خلفهم الاقتصاد المعولم وراءه. هؤلاء هم الاميركيون الخاسرون الذين فقدوا وظائفهم ولا سيما في الاف البلدات الصغير والمتوسطة الحجم وفي الارياف الاميركية عقب توقيع اتفاقات التجارة الحرة الدولية ومن بينها على سبيل المثال اتفاقية "نافتا" بين الولاليات المتحدة وكندا والمكسيك التي وقعها الرئيس بيل #كلينتون، وساهمت في هجرة وظائف اميركية الى المكسيك. وخلال ربع القرن الماضي حدثت تحولات اجتماعيى واقتصادية كبيرة في هذه المنتاطق التي اغلقت فيها الاف المصانع ما ساهم في تقليص الصناعات الانتاجية الاميركية – ومعها الوظائف وازدياد معدلات البطالة- وتحول الاقتصاد الاميركي الى اقتصاد خدمات وتقنيات متطورة.
هذه الحقائق الاقنصادية المرّة، ساهمت في تفكيك العائلات، وازدياد معدلات الطلاق، والولادات خارج اطار الزواج، والاخطر من ذلك الانتشار المقلق لتعاطي المخدرات. وتؤكد الابحاث ان استهلاك المخدرات في الارياف الاميركية والبلدات الصغيرة هو ضعف استهلاكها في المدن الكبيرة، وهذه حقيقة جديدة ومذهلة ومكلفة. وما يمكن قوله هو ان الحزبين الديموقراطي والجمهوري فشلا فشلا ذريعا في معالجة هذه المشكلة الخطيرة خلال العقود الثلاثة الاخيرة.
وحتى ولو انتخب الاميركيون دونالد 3ترامب، فانه لن يكون قادرا على معالجة هذه المشكلة، على رغم من انه استغل مخاوف وآالام هذه الشريحة من الاميركيين واقنعها بان المهاجرين هم المشؤولين عن محنتها الاقتصادية، لان أي حلول سوف تتطلب تحولات اقتصادية ومالية وبرامج تدريبية وخلق صناعات جديدة لا يمكن ابتوصل اليها في أي وقت قريب ودون تعاون جدي بين الجمهورييد والديموقراطيين.
وجود كلينتون في البيت الابيض ، والجمهوريين في مجلسي الكونغرس او حتى في مجلس واحد يعني ان الاميركيين قد حكموا على الرئيس الجديد ان يتعايش مع حزب معارض لن يتردد في اتخاذ اجراءات تعطيلية او حتى عبثية، لان قيادات الحزب الجمهوري التي ساهمت في استغلال مخاوف قاعدتها خلال سنوات اوباما، تجد نفسها الان مترددة وخائفة في مواجهة القوى التي ساهمت هي في خلقها والتي يمكن ان تهددها سياسيا، كما حاولت من خلال "ظاهرة #ترامب".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم