الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الانحدار المعولم

امين قمورية
A+ A-

غداً يكون لأميركا رئيس جديد ليس مهماً اسمه: هيلاري كلينتون التي تريد عبثاً ان توحي بأنها امرأة غير عادية، أو دونالد ترامب المتباهي بذكوريته والذي أقام أميركا ولم يقعدها. اي من الاثنين لم يظهر طوال الحملة البهلوانية ما من شأنه ان يحدث فرقاً نوعياً في السياسات الاميركية المحلية والخارجية. فكلاهما لم ينطق إلّا بالسطحية والضحالة والتهريج والكلام المخادع، وحفل خطاباهما بلغة الفضائح وقصص نساء الفرن. وصار كل شيء يوحي ان سياستهما مستقبلا ستكون رديئة مثل حملتهما الرديئة وانعكاسا لها.


السجل الرئاسي الاميركي حافل بأسماء الرؤساء التي تليق بهم القضايا والرؤى والافكار. لكن ما صدر عن المتسابقين الجديدين الى البيت الابيض يخالف كل القيم التي تتغنى بها أميركا ويكشف عمق المأزق في المجتمع الاميركي ونخبته السياسية. فالقضية النسوية وتحقير النساءعادت تتصدر الواجهة، والفجوة بين البيض والسود لم يردمها وجود رئيس اسود في البيت الابيض، وقضية المهاجرين وعدم الاندماج لا تزال ثقلاً على صدور الكثير من الاميركيين، وظاهرة الفساد المالي والاخلاقي بين القيادات متجذرة وتتفاقم. وهذه المشكلات مرشحة للانفجار في أي وقت أو تحت ضغوط أزمة أو أخرى. وبكل المعايير لم تكن هيلاري الاختيار الذي تفضله نساء أميركا ولا حتى رجالها. ولم تصدر عنها أي لمحات من صراحة فرانكلين ديلانو روزفلت أو الادارة الناجحة لابراهام لينكولن أو أخلاقيات جيمي كارتر أو حتى طرافة رونالد ريغان، كانت لديها أخطاء كثيرة بل شبهات على رغم انها مجرّبة وخبيرة. أما ترامب الاختصاصي في فن صدم الجمهور واثارة الفضائح الرخيصة، فصار ظاهرة اجتماعية وسياسية مقلقة. والمقلق أكثر ان ما يصرح به يجد قبولاً في اوساط الشباب، وقد تجد أفكاره لاحقاً تربة خصبة لإثارة نعرات وغرائز وتفجير قضايا تأجل الحسم فيها أو تعذر.
ثمة اجماع أميركي على ان الحملة الاخيرة هي الأكثر قبحاً وهبوطاً. والأنكى ان هذا الانحدار الاميركي يأتي في وقت يعم الخوف العالم، فالأزمات الشرق الأوسطية تسير من سيئ إلى أسوأ، والانقياد الى حرب باردة جديدة بين روسيا وأميركا يتسارع، والسباق الى التسلح في ذروته. وفي حين ينتظر المنكوبون والمهدّدون بصيص أمل من واشنطن، بات من الصعب ان تجد أميركياً متزناً يعبر عن تفاؤله بحال أميركا مستقبلاً أو حال العالم في ظل قيادة كهذه في البيت الابيض. لذا فإن الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات لن يكون أحد المرشحين، بل أميركا والذين لا يزالون يصدقون ان واشنطن هي المرتجى. فبعد هذا التهريج الأميركي باسم الديموقراطية وما حمله من تلوث فاق الحدود، يبدو ان الانحدار ليس حكراً على شعوب من دون أخرى، فهو أيضاً معولم.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم