الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

صلوا لـ غازي عاد فهو لم يوفر صلاة ونضالاً لاجل لبنان

المصدر: "النهار"
ب.ع.
صلوا لـ غازي عاد فهو لم يوفر صلاة ونضالاً لاجل لبنان
صلوا لـ غازي عاد فهو لم يوفر صلاة ونضالاً لاجل لبنان
A+ A-

يرقد غازي عاد في غيبوبة قاسية مغمض العينين وسط معدات التنفس الاصطناعي، والى جانبه افراد عائلته الذين يتوجهون اليه بالكلام لعله ينهض وينفض عنه شبح المرض الثقيل. سابقاً، وخلال سنين الاحتلال السوري حضرت الاستخبارات والاجهزة الامنية الى منزله مرات عدة بهدف أعتقاله وأسكاته عن متابعة ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، فكان شقيقة جهاد يبادرهم ساخراً: "خذوه معكم الله يوفقكم". والامر ليس تنصلاً من المسؤولية ولا خشية من جهاد، بل لأن غازي كان ومنذ 33 عاماً على كرسي متنقل نتيجة حادث سير تعرض له، وتالياً كان اعتقاله والزج به في السجن "وجع رأس" للاجهزة والعاملين فيها، وهكذا مرت الايام وغازي لا يهدأ ولا يتعب من النضال، رغم الامه المبرحة والمشّقة التي كان يتكبدها عند محاولته الانتقال من مكان الى اخر.
تعرفت على غازي بعد عملية الاجتياح السوري في 13 تشرين الاول 1990 واخرج الملفات التي كان قد جمعها خلال عمله مع "مكتب التنسيق الوطني" في قصر بعبدا قبل اجتياح الغزاة، فغذا بنا أمام كنز من المعلومات عن فظائع النظام السوري ضد كل اللبنانيين والتي وصلت الى 650 معتقلاً لم يعودوا الى عائلاتهم نتيجة ظلم الجلاد السوري. وسرعان ما أطلق غازي مع رفيقه الابدي فاضل الطيار (شقيقه طوني معتقل ايضاً) "جمعية دعم المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية"، واخذت البيانات والتقارير بالصدور واحداً تلو الاخر في الوقت الذي لم يكن يجرؤ فيه انسان واحد على المطالبة بخفض سعر ربطة الخبز. وهكذا كبرت كرة الثلج من بيروت الى الامم المتحدة وعواصم العالم وكل المنظمات والهيئات الدولية، وغازي عاد على كرسيه المدولب يهز الاحتلال السوري والمتعاملين معه بالكلمة والوثيقة والحجة والمعلومات. الى ان وصلت الامور الى مرحلة متقدمة، حين اتصل بي الصحافي السوري نهاد الغادري طالباً مني وقف الحملات الاعلامية من "سوليد" خلال زيارة الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد الى فرنسا، مع وعد بإطلاق عشرات المعتقلين من المعتقلات السورية، وهذا ما جرى وكان في عملية الافراج الاكبر عندما ذهب غازي عاد وفاطمة عبدالله وفيوليت ناصيف وصونيا عيد وايلي روميه جميعاً الى المصنع لملاقاة المحررين فإذا بغالبيتهم من المعتقلين الفلسطينيين مع اقلية لبنانية، واختفى الاخرين في ظلمة المعتقلات السورية.
كان على غازي عاد ان يعيد سرد رواية المعتقلين في كل محفل يزوره، من جنيف الى الفاتيكان، ثم الى الاتحاد الاوروبي ومرات كثيرة امام الجمعيات والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، وعندما اخذت القوات السورية بالجلاء عن لبنان في نيسان 2005 كانت خيمة المعتقلين أمام الاسكوا بكل تعبيراتها الحزينة ومطالب ساكنيها من الامهات الثكالى.
اختلفت مع غازي عاد على عدم الخلط بين قضيتي المعتقلين في السجون السورية والمفقودين خلال الحرب الاهلية اللبنانية والحاجة الى عدم تسييس هذا الملف وادخاله في بازار السياسة المحلية، وكان له رأي بضرورة التعاون مع الجميع وان ذلك هو الطريق الافضل للكشف عن ملف المعتقلين في سوريا وتبيان الحقيقة.
غالب الظن، ان جهاد عاد لن يستطيع هذه المرة التصدي لمن يريدون شراً بشقيقه غازي الغارق في غيبوبته.... صلوا لاجل غازي فهو لم يوفر صلاة ولا نضالاً ولا دعاء من أجل مستقبل اولادكم ولبنان.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم